“المي” مقطوعة يا أفندي!

| محمد جابر |

القصة تبدأ في كل مرة ولا داعي للسؤال عن السبب، في لبنان بلد المياه والينابيع، “لا ماء فيه ولا من يشربون”، وكما قال الراحل عصام رجي في إحدى أغنياته “المي مقطوعة يا أفندي “.

لشركة مياه بيروت وجبل لبنان، ألف حجة وحجة لتقطع عنك المياه، وأحياناً أيضاً لا تكلف نفسها إصدار بيان على الأقل للتوضيح، فالناس اعتادت على أن يكون “ستيرن” الماء بديلاً، تماما كما هو الحال مع الكهرباء التي أصبح المولد بديلاً عنها.

تعلمنا في المدرسة، أن لبنان عائم على الينابيع والأنهار، وأن الثورة المائية كافية لكل السكان وحتى للدول المجاورة، ولكن الواقع مختلف تماماً لألف سبب وسبب، ففي لبنان نعيش تحدي المياه تماماً كما تحدي كل الخدمات.

ليست المشكلة فقط “إنو مي ما فش”، ولكن المشكلة الأكبر تبدأ برحلة البحث عن “النقلة”، والاتصالات التي عليك أن تجريها مع صاحب “السيترن” الذي عليك أن تكسب رضاه “وتنطر بالدور” نظراً لازدياد الطلب، فالناس لا تستطيع الاستغناء عن الماء، والأسعار تحلق عالياً.

رحلة تعبئة الخزان هم من هموم رب العائلة اليومية، وجملة “إجت المي” باتت حلماً للبناني الذي انحدرت أحلامه إلى الحضيض.

المهمة الأولى والشاقة هي بتعبئة الخزان “اللي نشف وصار فاضي”، وإذا نجحت بكسب رضا صاحب “الستيرن” وتمت المهمة بنجاح، ستنتظر تحدي انتظار “كهرباء الدولة” حتى تتمكن من سحب الماء كي تستخدمه، وبغمضة عين تُستهلك وتستعد لدوامة جديدة.

بين مطرقة مؤسسة المياه، وسندان “مافيا السيترنات”، يدفع المواطن الضريبة من أعصابه وماله، وكما هو الحال في كل الخدمات يدفع الفاتورة فاتورتين.

نعم، “المي مقطوعة يا أفندي”، ولا داعي للسؤال، إنه واقع نعيشه ولن ينتهي، لا داعي للتأفف فأنت في لبنان بلد الينابيع والأنهار والذي لا ماء فيه، وبينما تغرق الشوارع بمياه الأمطار، يطغى صوت “الستيرن” على أصوات الرعد والبرق.