أخطاء مميتة أغرقت “إسرائيل” في “الطوفان”

| رندلى جبور |

 

في الحرب، الربح والخسارة لا يقاسان بعدد الضحايا وبحجم الدمار، بل بتحقيق الأهداف وبالمعادلات الاستراتيجية.
ومن هنا، يمكن اعتبار “إسرائيل” اليوم خاسرة، حتى قبل أن تحط الحرب أوزارها ويُلقى السلاح، وهي فشلت في تحقيق أهدافها، والمتمثلة خصوصاً باستعادة الرهائن بلا مقابل، وبالقضاء على المقاومة، وبالإطاحة بسلطة حركة “حماس” في غزة.
“الطوفان” أغرق الكيان المارق، الذي ارتكب سلسلة أخطاء مميتة، جعلته يدفع ثمناً سياسياً وعسكرياً واستراتيجياً باهظاً.
ونذكر من هذه الأخطاء:

أولاً ـ الاعتماد شبه الكلّي على الآلة والتقنيات التي أثبتت أنها، مهما بلغت من تطور، لا يمكن أن تحل مكان الانسان، والروح، والعقيدة، واليقظة.

ثانياً ـ الاستخفاف بالمعلومات الاستخبارية من جهة، والفشل الاستخباري، والتقدير الخاطئ بأن المقاومة الفلسطينية لن تبادر الى أي فعل ضد الاحتلال، والافتراضات التي لم تطابق الواقع.

ثالثاً ـ الإجرام المفرط، وارتكاب المجازر، والقتل المجنون للمدنيين، والاعتداء الغاشم على المستشفيات والمدارس والصحافيين، والقصف العشوائي للمباني، والتدمير الهمجي، وكل ذلك جعل “إسرائيل” تخسر الرأي العام العالمي، الذي يعتبر عنصراً أساسياً.

رابعاً ـ قرار الهجوم البري الذي كان أشبه بمغامرة غير محسوبة، وكان بعيداً من فهم الأرض الغزاوية، وما فيها ومن فيها، وما هي قدرات المقاومة، وكيف تتحرك وترد، ومدى ارتباط الغزاويين بأرضهم، وكيفية تلقفهم لهذا الهجوم.

خامساً ـ الخلافات الإسرائيلية الداخلية، مع النقمة على بنيامين نتنياهو، وعدم امتلاك رؤية واحدة، أو قرار واحد، داخل الكيان المتخبط أصلاً في أزمة سياسية ومالية وشعبية، وفي اضطرابات لم يشهد لها مثيل سابقاً.

سادساً ـ الكذب وفبركة الأخبار والفيديوهات، في ظل انتشار وسائل الـ”سوشيال ميديا” التي تساعد في فضح المنشورات المزيفة، على الرغم من سلبياتها الكثيرة، بالإضافة إلى وعي الإعلام المقاوم الذي استطاع كشف الأضاليل ومواجهتها. فالكذب، الذي كانت “إسرائيل” وداعموها يستطيعون تمريره سابقاً، لم يعد يمرّ في أيامنا هذه، وقد فقدت “إسرائيل” بالتالي قدرتها على تسويق رواياتها وإقناع الرأي العام بها.

سابعاً ـ وضع أهداف غير واقعية هي أقرب إلى الأوهام، في ظل تطور المقاومة، والتبدّل في موازين القوى، وبالتالي إطلاق “إسرائيل” الوعود الكاذبة، حتى تجاه “ناسها”.

ثامناً ـ التعويل على سير بعض الدول في المخطط الإسرائيلي، وخصوصاً مصر والأردن، وهو ما لم يحصل.

تاسعاً ـ العشوائية، وغياب التخطيط الهادف والواقعي، بالإضافة إلى عدم القدرة على القول: “هذا ما سيحصل غداً”.
تسع نقاط ضعف جعلت “إسرائيل” تغرق في “طوفان الأقصى” الذي ـ إذا نهضت منه ـ لن تكون معافاة، بل هي حتماً ستكون مصابة بإعاقة، أو عطب دائم.