“خريطة طريق” لتنفيذ “مبادرة الإنقاذ” بالسياسة.. و”الخيارات الأخرى” جاهزة!

/ جورج علم /

فوق الطاولة الدبلوماسيّة، مبادرة حملها وزير الخارجيّة الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصبّاح الى بيروت.

الجواب اللبناني عليها مثلث الأضلاع:

  • لبنان الرسمي مع كامل مندرجاتها، كوحدة متكاملة.
  • تنفيذ القرارات الدوليّة، مسؤوليّة لبنانية – دوليّة مشتركة، ولبنان غير قادر لوحده على القيام بهذه المهمة.
  • “فائض القوة” يرفض، ويعتبرها إملاءات أميركيّة، وهو ضد الإملاءات، خصوصا إذا كانت اميركيّة.

المجتمعون حول الطاولة يدركون الجواب سلفاً، وزيارة الوزير الكويتي كانت من باب رفع العتب، وحتى لا يقال بأن لبنان الرسمي قد استغيب، ولم يؤخذ برأيه.

ترتسم معالم سيناريوهين فوق الطاولة. ينطلق الأول من نقاط خمس:

الأولى، أن المبادرة خليجيّة ـ عربيّة ـ فرنسيّة ـ أوروبيّة ـ أميركيّة ـ أمميّة، اختيرت بنودها من المبادرة الفرنسيّة، و”بيان جدّه” السعودي ـ الفرنسي، وبيان قمة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، والخلاصات التي عاد بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من بيروت.

الثانيّة، يتعرّض لبنان لجائحات ثلاث: جائحة الفساد التي تفتك بما تبقى من عافية وطن. وجائحة الخلل الكبير ـ وغير المنضبط ـ في التوازنات الداخليّة. وجائحة كورونا. فيما المناعة الوطنية ضعيفة، وغير قادرة على المواجهة.

الثالثة، إن الانتخابات، وفق السياق المتبع، قد لا تحدث التغيير المرتجى. البنك الدولي يتّهم “النخبة الحاكمة باعتماد الإنكار الكبير حيال تدبير الكساد المتعمّد، وإن الإنهيار يحدث في بنية جيوسياسيّة تتسم بدرجة عالية من عدم الإستقرار، وتعريض السلم الإجتماعي للخطر”.

صندوق النقد الدولي كان واضحاً في مقاربته للوضع القائم ” تمويل خطة التعافي، يبدأ مع الحكومة التي ستشكل بعد الإنتخابات النيابيّة”. هذا يعني أن لا ثقة الآن بالطاقم الحالي الذي أوصل البلاد الى ما هي عليه.

الرابعة، ان تستضيف جامعة الدول العربيّة، أو أي عاصمة عربيّة، مؤتمراً خليجيّاً ـ عربيّاً ـ أوروبيّاً ـ أميركيّاً ـ أمميّاً حول لبنان، مهمته وضع آلية تنفيذيّة للمبادرة، وتقوم على الآتي:

أ ـ رسم خريطة طريق قابلة للتنفيذ ومضمونة من قبل الدول المشاركة.

ب ـ زيادة عديد القوات الدوليّة، (اليونيفيل)، ونشرها حيث تدعو الحاجة في كلّ لبنان، بالتنسيق والتعاون مع الجيش اللبناني، والقوى الأمنيّة الشرعيّة.

وكان نائب مدير المكتب الإعلامي التابع لـ”اليونيفيل” السيدة كانديس أرديل، قد أكدت، بعد الإعتداء الذي تعرّضت له دورية في بلدة شقرا الجنوبيّة، “أن الجنود يتمتعون بحريّة الحركة الكاملة في منطقة العمليات، وفي أنحاء لبنان كافة، في إطار إتفاقية وضعت بين القوات الدوليّة، والحكومة اللبنانية”. وهذا يعني أن توسيع رقعة الإنتشار لا يحتاج الى قرار جديد عن مجلس الأمن الدولي.

ج ـ أن تنبثق عن المؤتمر لجنة ثلاثية تشرف على تنفيذ خريطة الطريق هذه دبلوماسيّا، وميدانيّاً.

الخامسة، أن يتكلّل هذا الجهد الدولي في شباط المقبل، أو بداية آذار، ليصار إلى:

  • قيام هيئة دوليّة برئاسة الأمم المتحدة للإشراف على الإنتخابات.
  • وضع شروط أمام المرشحين، على أن تكون براءة الذمّة المالية من أبرز الشروط المطلوبة، وأن تستبعد الوجوه المتورطة بالفساد، وهي معروفة من قبل الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي، وبعضها مدرج على قائمة العقوبات.
  • أن يتعهّد المرشحون بتنفيذ “خطة الإنقاذ” الدوليّة بحذافيرها.
  • ان تتعهد أول حكومة منبثقة عن الإنتخابات بأن يكون بيانها الوزاري مقتصرا على “الخطة”، وتنال على أساسها الثقة، وتبادر الى وضعها موضع التنفيذ.

أما السيناريو الثاني، فيقوم على الآتي:

1 ـ تأجيل موعد إجراء الإنتخابات النيابيّة حتى أول أيلول المقبل، على ان يحترم الموعد الدستوري للانتخابات الرئاسيّة في تشرين الأول، ويختار المجلس النيابي المنتخب شخصية ملائمة لرئاسة الجمهورية، وكفيلة بوضع “خطة الإنقاذ” هذه موضع التنفيذ.

2 ـ يصبح التأجيل مبرراً حكماً، إذا تأخر إنعقاد المؤتمر الدولي، في التواريخ المحتملة، او إذا حصل تطور كبير على صعيد المنطقة نتيجة التسويات الناشطة في أكثر من مكان، أو حصول تطورات ميدانية على أرض الواقع تستدعي المتابعة والإهتمام.

3 ـ المباشرة بتنفيذ العقوبات المتخذة بحق الفاسدين الضالعين في “الإنكار الكبير” قبل الإنتخابات، سواء أجريت في موعدها، او أرجئت الى موعد آخر.

وتبقى على الطاولة الدبلوماسيّة إشارات ثلاث:

الأولى، إن الموقف الذي إتخذه الرئيس سعد الحريري هو نهاية مرحلة، وبداية مرحلة جديدة، ولن يكون وحده، بل هناك آخرين سيحذون حذوه، مخيّرين، او مكرهين.

الثانية، كل الحسابات مدققة، وكل الإحتمالات متوقعة ومدروسة، وعلى قاعدة” لكل عروس لبوسها”، والأرجحيّة للمسار السياسي ـ الدبلوماسي، لكن “الخيارات الأخرى” مأخوذة بعين الاعتبار!

الثالثة، إن لبنان مقطور بقطار التسويات في المنطقة، من فيينا، الى كواليس بغداد، ومسقط، وعواصم أخرى، فإن كتب لها النجاح، ستكون بيروت محطة، وإن كتب لها الفشل، فالبدائل متوافرة… وعسى ألاّ يكون فالق الزلزال كبيراً، ودامياً… والهدف الأخير أن يبقى لبنان واجهة الغرب على الشرق، والشرق على الغرب، في ظل نظام قابل للحياة، ودولة متكاملة المواصفات، إن على مستوى المؤسسات، أو التوازنات.