| خلود شحادة |
رصاص متناثر على خط الجنوب، فصل بين بوابته وقراه، وأعاد اللبنانيين بالذاكرة إلى الحروب التي اضطرتهم لسلوك الخط البحري “حفاظاً على أرواحهم”، فازدحمت الطرقات بـ”المضطرين” للذهاب جنوباً، وافتقدت لكثيرين كان يفترض بهم قضاء عطلة نهاية الأسبوع في القرى الجنوبية.
جولة ثانية للاشتباكات في مخيم “عين الحلوة” في صيدا، بعد المعركة التي اندلعت في 29 تموز، وانتهت بعد خمسة أيام نتيجة سلسلة اتصالات بين فصائل فلسطينية ومسؤولين وأحزاب لبنانية.
تم الاتفاق حينها على ضرورة تسليم المتهمين بمقتل القيادي في حركة “فتح” أبو أشرف العرموشي، وآخر ينتمي إلى “المجموعات الإسلامية” اعتبر مقتله شرارة لاندلاع الاشتباكات. لكن المهلة انقضت من دون أن يتم تسليم أحد، مما أشعل فتيل المعركة من جديد، وأسفر عن سقوط عدد من الجرحى والقتلى
وتضرر مبان وممتلكات ونزوح عشرات العائلات إلى خارج المخيم.
تدحرج الوضع في “عين الحلوة” ينذر بالأسوأ، بعد أن سارع كل المعنيين إلى “نفض يدهم” من حلحلة الملف ووقف المعركة.
ما يجري مثير للتساؤلات على نحو كبير، ويشير إلى أن لا أحد يريد وقف المعركة الحاصلة، كما أنه لا أحد يريد حسمها لصالح قوى على حساب أخرى، وهذا ما كشفته الوقائع، حيث أن لا عمل فعلياً على أرض المعركة لوقفها.
عدم السماح بالحسم الفعلي لهذا المسلسل الدموي، يفتح الباب على سؤال جوهري: من يدير معركة عين الحلوة من وراء الكواليس بعناصرها التالية:
– تأمين الأسلحة والذخائر وإدخالها إلى المخيم على الرغم من حالة “الحصار”.
– تغطية العمليات العسكرية.
– تمرير أكثر من 300 مقاتل من مخيمات أخرى إلى مخيم عين الحلوة.
– منع حصول وقف إطلاق نار بشكل فعلي.
كل هذه العناصر تؤكد أن المشهد معقد في عين الحلوة.
على الصعيد الفلسطيني، ترجح بعض الأوساط السياسية الفلسطينية أن الصراع في عين الحلوة هو “صراع نفوذ”، يقوم على حصر القيادة داخل المخيم بالجهة التي تخرج “منتصرة” من المعركة الحاصلة.
ولكن لا يمكن التغاضي عن تبعات هذه المعركة على الساحة اللبنانية.
تشابه حتى التطابق، بين سيناريو “عين الحلوة” وسيناريو “نهر البارد”، وكأن المخرج واحد، والهدف واحد: “الإستثمار”.
يرى البعض أن معركة “عين الحلوة” اليوم تعتبر ورقة استثمار “رابحة”، ووسيلة ضغط “ناجحة” لحل ملف رئاسة الجمهورية اللبنانية.
فهل يصبح عين الحلوة “الأرض الساخنة” التي تهيئ لانتخاب رئيس للجمهورية؟
لا شيء مستغرب، فنموذج “نهر البارد” الذي أتى بقائد الجيش آنذاك ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، بعد عملية الحسم التي استمرت 3 أشهر، دون مبرر، يمكن أن يطبق في “عين الحلوة”، وأن يأتي بقائد الجيش الحالي جوزف عون رئيساً للجمهورية، عند إشارة البدء قرار الجيش بحسم المعركة الفلسطينية داخل المخيم.
المخيف في هكذا قرار، أن “عين الحلوة” لا تشبه جغرافياً “نهر البارد” الذي لا تتعدى مساحته الكيلو متر مربع، مقارنة بالمساحة الشاسعة التي يمتد عليها مخيم “عين الحلوة” وزواريبه، وهو المعروف بأنه “المعقل العسكري” لكل الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى دوره في “إبعاد” كل المطلوبين، عن قبضة القوى الأمنية، وهذا ما يقلق تجاه “دموية” النتائج إذا قرر “الجيش اللبناني” الدخول إلى “عين الحلوة”، لتكون الرئاسة معمدة بدماء من لا ذنب لهم، ولا حول ولا قوة!