روبرت رابيل (*)
مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السياسية في لبنان منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية عام 2019، أو ثورة 17 تشرين الأول، والانقسام الذي طبعها، ظهر الكثير من المقترحات حول كيفية معالجة أوضاع الدولة المفلسة والفاشلة فعليًا، يتفق الجميع على أن التوقعات الحالية قاتمة، فاليوم، خسرت العملة اللبنانية قيمتها الإجمالية تقريبًا، والمقعد الرئاسي،متنازع عليه ولا يزال شاغرًا، كما أن النخب السياسية على خلاف مع بعضها بعضًا ومتهمة بسرقة الدولة، ويعاني المجتمع من الاستقطاب ضمن الطوائف وفي ما بينها، وقد بلغ فقر الشعب مستوى غير مسبوق منذ المجاعة الكبرى في الحرب العالمية الأولى.
وتشمل المقترحات المقدمة الخيار الفيدرالي الذي تم طرحه كبديل عن النظام الطائفي في البلاد، فهذه الفكرة ليست جديدة، وقد حظي في الواقع الخيار الفيدرالي بتأييد وكان موضوع نقاش بين السياسيين المسيحيين والأحزاب المسيحية بشكل رئيسي قبل الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) وخلالها، فقد عرض الرئيس كميل شمعون (1952-1958) خطة مفصلة للبنان الفيدرالي، كما قدمت الجبهة اللبنانية، التي تمثل تطلعات الموارنة بشكل رئيسي، مشروعًا فيدراليًا خلال الحوار الوطني اللبناني في لوزان عام 1984، وراودت فكرة الفيدرالية الرئيس المنتخب بشير الجميل، الذي اغتيل عام 1982.
لكن الحرب الأهلية اللبنانية انتهت بتوقيع الأطراف المتناحرة وثيقة المصالحة الوطنية لعام 1989، المعروفة أيضًا باتفاق الطائف، والتي أقامت لامركزية إدارية بدلًا من الفيدرالية، وبينما أنهى الاتفاق الحرب الأهلية، فتح لاحقًا المجال أمام حقبة في السياسة اللبنانية طبعها الاحتلال السوري لبيروت حتى عام 2005 وبروز الحزب الشيعي الإسلامي، حزب الله، الذي عمد فعليًا إلى بناء دولة ضمن دولة وقيادة ميليشيا مجهزة بشكل أفضل نوعًا ما من الجيش اللبناني، وفي غضون ذلك، عقدت النخب السياسية اللبنانية صفقة مع حزب الله شبيهة بمساومة فاوست مع الشيطان، شرّعت بموجبها “حزب الله” مقابل غضه الطرف عن سرقتها للدولة، وهذه الصفقة هي التي أوصلت لبنان إلى انهيار شبه كامل كدولة وأمة.
اليوم، تُطرح الفيدرالية مجددًا من قبل أصوات مسيحية بشكل أساسي لمعالجة هذه الديناميكية. فالفيدرالية هي النظرية القائمة على المبادئ الفيدرالية لتقسيم السلطة بين الوحدات الأعضاء والمؤسسات المشتركة أو مناصرة هذه المبادئ. وبخلاف الدولة الوحدوية أو المركزية، فإن السيادة في الأنظمة السياسية الفيدرالية موزعة بطريقة غير مركزية، بموجب الدستور في معظم الأحيان، بين مستويين على الأقل بحيث يكون لكل مستوى الكلمة الأخيرة في ما يتعلق بجوانب معينة من الحكم محددة مسبقًا، مع ضمان جميع الأطراف لحقوق المواطنين ومسؤولياتهم. وعادةً ما يحتفظ المركز بصلاحيات الدفاع والسياسة الخارجية، ولكن قد تضطلع الوحدات الأعضاء أيضًا بأدوار دولية.
لا شك في أن أنصار الفيدرالية الحاليين يسترشدون بمثل عليا. وفقًا لموقع “لبنان الفيدرالي” الإلكتروني، يؤكد أنصار الفيدرالية على ما يسمونه “السيادة أولًا” أو السيادة والحياد كأولوية تأسيسية وطنية لإنقاذ لبنان، من بين أمور أخرى، من العنف السياسي والاستقطاب الطائفي والفساد والتدخل الخارجي والسلاح غير الشرعي. وكتب سليم البيطار غانم على موقع “ليبانون فايلز” معتبرًا أن الوحدة الوطنية والتعايش لن يشكلا عقبة أمام تأسيس نظام جديد يمنع الهيمنة ويؤمن العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة والاستقرار الاقتصادي. ووفقًا لموقع “جمهورية لبنان الفيدرالية” الإلكتروني، يقترح أنصار الفيدرالية دستورًا عرقيًا جغرافيًا، مع ديباجة مقتطفة بالكامل من مقدمة الدستور السويسري.
يحدد الدستور المقترح أربع مجموعات [دينية] عرقية ثقافية متميزة، أي المسيحيين والدروز والسنّة والشيعة، ستكون قادرة على إدارة شؤونها الخاصة والتعامل معها داخل الكانتونات الخاصة بها بموجب قوانين تقررها كل مجموعة. وبعد اعتماد هذه القواعد من قبل برلمان كل كانتون، يكرس البرلمان الفيدرالي هذه القوانين ضمن قانون أساسي لجمهورية لبنان الفيدرالية. بعبارات أخرى، سينطبق القانون الأساسي على جميع المواطنين اللبنانيين المنظمين بحسب المجموعات العرقية الدينية الأربع، بحيث تحكم كل مجموعة، أو بصورة أدق كل طائفة، وحدتها الجغرافية.
ظاهريًا، يبدو هذا النوع من الفيدرالية حلًا عمليًا للمشاكل المزمنة التي يواجهها النظام الطائفي في لبنان والأزمات الاقتصادية والاجتماعية السياسية التي تعصف بالبلاد. ولكن عند التدقيق عن كثب، يمكن الاستنتاج أنه ما لم تتوصل طوائف البلاد إلى إجماع طائفي حول الفيدرالية، تتحول الفيدرالية إلى وصفة لصراع أهلي، فتضعف بذلك أكثر بعد الوضع العام للطائفة المسيحية في لبنان.
يدعم أنصار الفيدرالية حججهم من خلال الاستناد إلى أمثلة على قابلية تطبيق الفيدرالية، مشيرين بشكل أساسي إلى الأنظمة السياسية في الولايات المتحدة وسويسرا والإمارات العربية المتحدة. يُعتبر هذا التمرين الذهني ممكنًا من الناحية النظرية، ولكن قابلية تطبيقه من الناحية العملية هي موضع شك، لا سيما وأن هذه الأنظمة الفيدرالية، كما هي حال أي نظام سياسي، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسياقاتها التاريخية الخاصة. في هذا الصدد، لا بد من أن تسترشد أيضًا الجهات التي ستتولى صياغة عقد اجتماعي حكومي جديد مع السكان بتاريخ لبنان.
صحيح أن الطوائف اللبنانية بشكل عام تتمركز تقليديًا في مناطق معينة من لبنان، بحيث يشكل الكاثوليك الموارنة غالبية سكان جبل لبنان، والدروز غالبية سكان جنوب جبل لبنان، وساهم نفوذ الدولة الفاطمية الشيعية عند بداية الألفية الأخيرة وحكم المماليك الذي تلاها في انتشار الإسلام الشيعي والسنّي على التوالي، مع وجود مراكز جغرافية لكل منهما. خلال الحقبة العثمانية، ظل جبل لبنان مع ذلك قلعة للتعايش وملجأ للمضطهدين. حكم أميرا جبل لبنان الكبيران، فخر الدين الثاني (1572-1635)، وهو درزي ولكنه نشأ في كنف عائلة مارونية، والماروني بشير الثاني الشهابي (1767-1850)، الذي شكّل حكمه أساس لبنان الحديث، رعاياه بطريقة عادلة وحازمة، بعيدًا عن الطائفية. وخلال تلك الفترة، بدأ المسيحيون بالهجرة إلى جنوب جبل لبنان، فأنشأوا مناطق مختلطة في المقاطعات التي كانت خاضعة تقليديًا لسيطرة الدروز. وفي الوقت عينه، أدى التنافس بين الدروز والاقتتال الداخلي بين العائلات الدرزية البارزة إلى إضعاف السلطة الدرزية.
ظهرت بداية النظام الطائفي الحالي في لبنان مع غزو محمد علي للبنان وسوريا عام 1831، على الرغم من أن القوات العثمانية والبريطانية حلت محله بعد تسع سنوات. وبضغط من الحاكم المصري، قاد الأمير بشير قوة مارونية ودعم ابنه ابراهيم باشا في احتلال هذه المقاطعات العثمانية وقمع التمردات الدرزية. وكان هذا القرار المرة الأولى التي تلتف فيها طائفة لبنانية حول قوة أجنبية لإخضاع طائفة أخرى.
بعد انسحاب قوات محمد علي، اندلعت اشتباكات بين الدروز والموارنة، ما أثار توترات حاول العثمانيون العائدون نزع فتيلها من خلال إنشاء نظام القائمقاميتيْن. قسم نظام الحكم الجديد هذا جبل لبنان إلى منطقتين: منطقة شمالية يحكمها قائمقام مسيحي ومنطقة جنوبية يحكمها قائمقام درزي. وكان القائمقامان خاضعين لوالي صيدا.
لكن هذا الترتيب لم يؤدِ إلا إلى تعميق التوترات الطائفية، لا سيما في المناطق المختلطة. واندلعت الاشتباكات في أربعينيات القرن التاسع عشر ثم مجددًا عام 1860 في مناطق مختلطة تضم مسيحيين ودروز، وامتدت في النهاية إلى دمشق ولم تنتهِ إلا بعد أن ضغطت القوى الأوروبية على العثمانيين، الذين دعموا الدروز وغضوا الطرف عن المجازر المرتكبة بحق المسيحيين، لإنهاء القتال وإعادة تصميم نظام الحكم.
ولاحقًا، تم تعيين متصرف كاثوليكي (حاكم عام) لحكم جبل لبنان، يساعده مجلس منتخب مؤلف من اثني عشر شخصًا من مختلف الطوائف ويتولى تطبيق الحقوق المتساوية وإنهاء الإقطاع. وقام المسؤولون الإداريون الفرنسيون اللاحقون بتشكيل النظام الطائفي للبلاد بناءً على هذه الهيكلية، ولم يؤدِ إنشاء لبنان المستقل عام 1943 إلى تعزيز هوية وطنية قوية ولا إلى دولة قوية، الوضع الذي استدعى تدخلًا أجنبيًا. على نحو لافت، لم تعالَج قضية الإقطاع، التي كانت قائمة على الضرائب الزراعية في عهد العثمانيين، بل تحولت بدلًا من ذلك إلى طائفية سياسية. وأبقت هذه العلاقات طويلة الأمد إلى حد ما على المشاكل الاجتماعية السياسية والطائفية التي عرفها لبنان في ظل الحكم العثماني، بينما عمدت النخب السياسية إلى ترسيخ سلطتها على حساب الدولة، بحيث عززت مصالحها الخاصة ثم مصالح طائفتها/مذهبها على حساب مصالح الدولة والأمة ككل. وبالتالي، ساد في لبنان توازن طائفي دقيق وهش، تم الإخلال به مرارًا وتكرارًا في الأعوام 1958 و1975-1990 و2008. وعمّق اتفاق الطائف الطائفية في نهاية المطاف من خلال تجريد الرئيس من صلاحياته لإعادة توزيع صلاحيات متساوية على الرئيس الماروني ورئيس الوزراء السنّي ورئيس مجلس النواب الشيعي وتوزيع التمثيل السياسي في البلاد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين بناءً على معادلة “6 و6 مكرر”.
لا بد من أن يأخذ أنصار الفيدرالية بعين الاعتبار هذه الإخفاقات السابقة في حكم لبنان. بما أن الفيدرالية سترتكز على مقاطعات طائفية على غرار نظامي القائمقاميتين والمتصرفية العثمانيين، ينبغي بأنصار الفيدرالية أن يأخذوا في الاعتبار المشاكل المحتملة التي نشأت في الماضي على خلفية أ) المناطق المختلطة، ب) وتقاسم السلطة واختلال التوازن الطائفي، 3) والتدخل الخارجي في الشؤون الطائفية، و4) والتحكم الطائفي بالسلاح (في هذه الحالة، حزب الله).
فيما يعتبر أنصار الفيدرالية أن الانقسام على أسس اقتصادية وثقافية ودينية يجعل الفيدرالية نظامًا سياسيًا مناسبًا للجماعات العرقية الدينية داخل كانتونها الطائفي الخاص، يفتقر لبنان إلى التجانس الطائفي الجغرافي المناسب لتكوين الكانتونات الطائفية. فالمناطق المختلطة تشتت المشهد العام في لبنان، وقد ثبت أنها معرضة بشكل خاص للصراع.
يعتبر الفيدراليون أن المناطق المختلطة لا تشكل عائقًا أمام الفيدرالية بما أن الكانتونات الطائفية المقترحة متجانسة إلى حد ما ويمكن إنشاء كانتونات فرعية لحماية الأقليات. يطرح هذا النهج الفكري إشكالية، إذ لم يجرِ لبنان سوى تعداد رسمي واحد فقط في العام 1932 وقد توسعت المناطق المختلطة منذ نهاية الحرب الأهلية. كما تمتلك الأحزاب الطائفية أسلحة يمكن أن تستخدمها لمنع طائفة ذات أغلبية من فرض إرادتها على طائفة ذات أقلية في منطقة طائفية معينة.
في معظم الحالات، يستلزم تقاسم السلطة في النظام الفيدرالي سيطرة الحكومة الفيدرالية/المركزية على حقيبتي الدفاع والسياسة الخارجية. وهذه إحدى أكثر المشاكل المستعصية والصعبة التي يواجهها المجتمع والأحزاب السياسية في لبنان. ولم تتوصل حتى الآن الأحزاب السياسية إلى إجماع حول توجهات السياسة الخارجية واستراتيجية الدفاع في لبنان. يفترض أنصار الفيدرالية أن الفيدرالية ستحل هذه المشكلة من دون معالجة المشكلة بحد ذاتها مسبقًا. وقد يعترض حزب الله وحلفاؤه العمليون و/أو الأيديولوجيون من بين الجماعات القائمة داخل الطوائف وفي ما بينها، على الرؤية السياسية لمؤيدي الفيدرالية، سواء عن طريق القوة أو المناورة السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، لطالما كانت الأقليات تاريخيًا حذرة لجهة الانحياز إلى جانب طائفي معين. على سبيل المثال، خلال فتنة أربعينيات القرن التاسع عشر وعام 1860، لم تكن الطائفة الأرثوذكسية الشرقية على استعداد لدعم الطائفة المارونية في وجه الطائفة الدرزية. وخلال الحرب الأهلية اللبنانية، تبنت القيادة السياسية المسيحية الأرمنية ما أسمته سياسة الحياد الإيجابي.
وما لا يقل أهمية عن ذلك أن لبنان يعاني حاليًا من اختلال التوازن الطائفي، ما يجعل من الصعب التوصل إلى توافق في الآراء حول تقاسم السلطة، بما في ذلك الضرائب وتوزيع الإيرادات الحكومية. على سبيل المثال، يعتبر أنصار الفيدرالية عن حق أن المقاطعات المسيحية تساهم بجزء كبير في ميزانية الحكومة، ولكنها تتلقى خدمات أقل من أي طائفة أخرى. كما أن التدخل الخارجي في شؤون البلاد الداخلية واعتماد الأحزاب السياسية الطائفية على التدخل الخارجي لصالح طوائفها يفاقمان هذا الخلل.
بشكل عام، يقوم الخلل الطائفي في لبنان على مجتمع مسيحي منقسم، ومجتمع سنّي بلا قيادة، ومجتمع درزي تحركه سياسات البقاء، ومجتمع شيعي حازم مسلح بأسلحة حزب الله. وفي هذا السياق، يتم التشكيك في قدرة الفيدرالية على تعزيز توازن طائفي يفضي إلى تقاسم السلطة.
تتمثل قضية راهنة أخرى بالنهج الذي يتبعه بعض أنصار الفيدرالية تجاه هذه الطوائف، بحيث ينتهجون مسارًا يتعارض مع جوهر مشروعهم الفيدرالي بحد ذاته. في 18 شباط/فبراير، نشر حساب “لبنان الفيدرالي” على تويتر ما يلي: “لقد حان الوقت لاعتبار المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله أطرافًا مصابة بالغرغرينا”. وقبل بضعة أيام، في 14 شباط/فبراير، أكد الأستاذ الجامعي المساعد هشام بو ناصيف، وهو من أشد المؤيدين للفيدرالية، في مقابلة مع الدكتور شربل مارون من إذاعة صوت لبنان أن مشروع حزب الله لا يتعلق بالسيطرة على الدولة فحسب، بل هو مشروع تطهير عرقي طويل الأمد يهدف إلى طرد السنّة والمسيحيين والدروز وجعل وجودهم في لبنان رمزيًا. وأضاف أن السبيل الوحيد لمواجهة هذا المشروع هو إحداث فصل جغرافي عن حزب الله.
كما يرتكب أنصار الفيدرالية خطأ مساواة حزب الله بالطائفة الشيعية ككل، فيلغون بذلك الموروثات القومية للمستنيرين والناشطين الشيعة من الإمام موسى الصدر إلى لقمان سليم. وتتعارض هذه المواقف مع جوهر مشروع الفيدرالية وستؤدي بالتأكيد إلى الفتنة الأهلية والتقسيم.
مع الأخذ في الاعتبار أن الطائفية السياسية هي المسؤولة عن اختلال النظام في لبنان، يمكن طرح الفيدرالية فعليًا كخيار للبنان. ولكن لكي يصبح هذا الخيار الفيدرالي قابلًا للتطبيق، يحتاج أنصاره إلى الانفتاح والتواصل مع جميع المجموعات المدنية والسياسية عبر الطيف السياسي والطائفي. على سبيل المثال، يمكنهم إعادة إحياء الروح الشعبية غير الطائفية التي طبعت بالأساس ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر ومحاولة رعاية وغرس فلسفة اجتماعية سياسية تتناسب مع تاريخ لبنان ومجتمعه، وهو جهد هائل ويستغرق وقتًا طويلًا. ولكن هذا النهج ضروري أيضًا لمواجهة حزب الله كجبهة مجتمعية متضافرة من أجل محاسبة الحزب الإسلامي سلميًا ككيان لبناني.
في النهاية، لا يمكن تطبيق الفيدرالية من خلال الأصوات المسيحية، والمارونية بشكل أساسي، لوحدها. لتحقيق أي قدر من النجاح، لا بد من معالجة القضايا الهيكلية التي تشكل حاليًا حواجز وبذل جهود شاملة إلى أقصى حد. وفي ظل غياب جهد طائفي جماعي داعم للفيدرالية، لا يمكن توقع تقاسم السلطة أو الإبقاء على السلام بين الكانتونات الطائفية المستقلة عن بعضها بعضًا. فالفيدرالية كما هي مقترحة حاليًا هي وصفة لتجدد الفتنة الأهلية، كما أثبت لنا مرارًا تاريخ لبنان.
(*) روبرت رابيل هو أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة فلوريدا أتلانتيك. يُعتبر أحد الخبراء البارزين في مجال السلفية والإسلام الراديكالي وسياسة الشرق الأوسط المعاصرة. شغل منصب رئيس الطوارئ في الصليب الأحمر في منطقة بعبدا، خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
(**) منتدى “فكرة” ـ “معهد واشنطن”