ربما يرى البعض أن الاكتفاء بوضع حدود في التعاملات مع الأشخاص المحيطين، هو أسلم حل لضمان توفير مساحة شخصية لا يمكن لأحد تجاوزها مهما كانت درجة قربه أو قرابته.
لكن هذا الحل قد لا يكون فعالا من الناحية العملية، إذ لا تسير الأمور وفق ما هو مخطط له في كثير من الأحيان، لاسيما حين يتعلق الأمر بدائرة العلاقات القريبة من الأهل.
والحقيقة أن حماية سلامتك واستقلاليتك، خصوصا في دائرة العلاقات المقربة، سواء الأهل أو الأقارب، هي دوما عملية شائكة، نظرا لما تنطوي عليه من حسابات.
ومع هذا، فإن للخبراء رأي مختلف، إذ لا ينصحون بالتسرع في قطع العلاقات الأسرية بداعي أنها علاقات سامة، أو تستنزف وقتك، وجهدك وطاقتك، بل يرون أنه يجدر بك بالأحرى أن تجربي بعض الأمور البديلة وتتركي الفرصة لترين ما إن كان هناك تحسن أم لا.
ولهذا نصح الخبراء بإمكانية أن تطرحي على نفسك الأسئلة الستة التالية قبل أن تتخذي قرارك الأخير حيال أي علاقة أسرية تعتقدين أنها أصبحت “سامة” و”غير مجدية”.
– هل تشعرين بانعدام الأمان؟
يرى الخبراء أن أول سؤال يجب أن تواجهي به نفسك هو ما إن كانت علاقتك بهذا الشخص المقرب منك تفقدك الأمان الذهني، والعاطفي والبدني أم لا، وهل تمرين في تلك العلاقة بأي أذى أو تنتابك بسببها الشكوك، وبعد أن تجيبي على ذلك بنفسك وتحديد الإجابة بوضوح، يمكنك اتخاذ قرارك بعدها، فشعورك بالأمان هو الأولى والأكثر أهمية بالتأكيد.
– هل هذا السلوك “سام” أم أنه مجرد سلوك “مزعج”؟
هذا سؤال مهم أيضا، إذ يجب عليك التفريق بين نوعية السلوكيات الضارة أو السامة وبين النوعية الأخرى المصنفة كونها سلوكيات مزعجة، لأنها لو كانت سلوكيات مزعجة، فيجب عليك معرفة أن تعلم التعامل مع السمات الشخصية غير الجيدة للآخرين هو جزء من الحياة، وأن ذلك هو الشيء الطبيعي الذي يجب التعامل على أساسه مع المحيطين.
وإن لم تفلحي في ذلك، فينصح باتباع طريقة أخرى بديلة تنطوي على تغيير نظرتك لهؤلاء المقربين الذين تشعرين تجاههم بضيق، وبعدها قد تتغير مشاعرك ناحيتهم.
– هل حصل تواصل مباشر بينك وبين الطرف الآخر بخصوص ما يزعجك؟
بحكم صلة القرابة، ربما يتصور أغلب الناس أنهم على دراية بطباع بعضهم الشخصية، لكن الأمور لا تكون كذلك في الواقع، ويبقى لكل شخص مساحته وتفرد شخصيته.
لذا فالأفضل قبل التسرع بقطع علاقة مع المحيطين من المقربين لسبب أو لآخر هو التواصل مع الطرف المعني بشكل مباشر والتحدث معه عما يثير انزعاجك تجاهه.
– هل سبق لك أن حاولت تعديل توقعاتك؟
لا يجب أن تبني دوما علاقاتك حتى مع المقربين على فكرة التوقعات، لأنها فكرة غير حقيقية، بل يجب أن تعلمي نفسك طريقة تعديل التوقعات بما يتماشى مع المتغيرات من حولك.
– هل سبق أن جربت منح نفسك مساحة بطرق أخرى؟
بدلا من قطع العلاقة مباشرة، يمكنك أن تمنحي نفسك المساحة الخاصة التي تبحثين عنها بطرق أخرى بديلة مثل تجنب حضور التجمعات، واختصار وقت المكالمات الهاتفية أو التحدث مرة كل أسبوع بدلا من كل يوم وتأخير الرد على الرسائل.
– هل أنت مستعدة حقا لإنهاء العلاقة؟
لو حاولت كل ما سبق واكتشفت أن الأمور لا تزال كما هي ويتم استنزافك بسبب تلك العلاقات بطريقة أو بأخرى، فربما تشعرين أن البعد صار خيارا ضروريا، لكن يجب أن تتوقفي هنا وتحسبي الأمور جيدا بينك وبين نفسك.
وفي حال كنت تنشغلين بما قد يحدث غدا أو أن شعورك بالذنب يغلب رغبتك في حماية مشاعرك، فعليك أن تعيدي حساباتك من جديد، لأنك بهذا الشكل لست مستعدة لخطوة البعد أو قطع العلاقة، وهو ما يجب أن تأخذيه بعين الاعتبار حتى لا يقودك عنادك إلى متاعب نفسية وذهنية فيما بعد جراء ذلك.