إقالة قائد الجيش من منصبه؟

كتبت لينا فخر الدين في” الاخبار”:

«صراع الصلاحيّات» بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش جوزيف عون يتفاعل. ما حصل في المفتشيّة العامّة في الجيش سيتكرّر في المديريّة العامّة للإدارة مع توجّه سليم إلى تكليف ضابط لتسيير أمورها غير الضابط الذي فصله قائد الجيش للغاية نفسها. وفي حال «استمر عون في التسلّط وتعدي حدوده، سأتوجّه إلى مجلس الوزراء للمطالبة بإقالته» بحسب ما أكّد سليم لـ«الأخبار»
الخلاف بين وزير الدّفاع موريس سليم وقائد الجيش جوزيف عون لا يزال مُحتدماً. كلّ الوساطات التي طُرحت لحلحلة الأمور بين الطرفين وصلت إلى طريق مسدود. فعلياً، هي العصي التي وضعت في الدواليب من قبل الطرفين، حتّى صار «المشكل» أمراً واقعاً تظهّر بتكليف كل منهما ضابطاً لتسيير أعمال المفتشيّة العامّة في الجيش بعد إحالة المفتش العام اللواء الركن ميلاد إسحق إلى التقاعد. ولن يكون آخر الخلاف إصدار عون قراراً بفصل العميد منير شحادة مديراً عاماً للإدارة في وزارة الدّفاع خلفاً للواء مالك شمص الذي يُحال على التقاعد في 3 شباط المقبل. في الحالتيْن، قرارا الفصل غير نافذين بالمعنى القانوني لأن قرار التشكيل يبقى بيد وزير الدّفاع. والأخير يتمسّك، في المقابل، بعدم قانونيّة قرارات الفصل الصادرة عن قائد الجيش.

من التداعيات السلبية على المؤسسة العسكريّة في حال كلّف ضابط أقل رتبة من شحادة بتسيير أعمال المديريّة العامّة للإدارة ضرب التراتبية التي تقوم عليها المؤسسة العسكرية. أما النتيجة الكارثيّة فهي احتمال توقّف تأمين اللوازم والخدمات التي يحتاجها الجيش. إذ إنّه من بين مهام المدير العام للإدارة: تأمين مختلف حاجات مؤسسات وزارة الدفاع الوطني والخدمات اللازمة لها، ومنح التراخيص اللازمة للاشتراك في صفقات المشتريات وتحضير الموازنة ومراقبة تنفيذها. وهذه الموازنة يجب أن تقترن بتوقيع من وزير الدفاع لتتمكن المؤسسة العسكرية من تسييل طلباتها في وزارة المالية التي لن تقبل صرف الأموال في حال كانت الموازنة موقّعة من قائد الجيش وحده.
فعلياً، لا حل طالما أن كل طرف يتكئ على اجتهاده القانوني. وإذا كان عون يرى أنه «يحمي» نفسه بالقانون بأنّه لا يُعيّن، بل يكتفي بإصدار قرارات فصل باعتبار أنّ المؤسسة العسكريّة هي المؤسسة العامّة التي ترفد المؤسسات الأُخرى بالعديد والأمور اللوجستية والماديّة، ولو كان البعض منها يتبع لوزير الدفاع وبذلك فهو لم يتعدّ صلاحياته، فإنّ لسليم حديثاً آخر.
يُمسك وزير الدفاع بالمرسوم 2790 ليتلو المادة الثانية منه التي تؤكّد صلاحيته بتكليف رؤساء المفتشيات وحتّى المجندين في المؤسسات التابعة لوزارة الدّفاع، والتي «يُنقلون منها وإليها بقرارٍ من وزير الدفاع الوطني». وعليه، يعتبر سليم في حديث لـ«الأخبار» أنّه «ليست لعون صلاحية، بل إن ما يفعله هو تسلط على قرارات وزير الدفاع الوطني وهو يتعدّى حدوده. أداؤه لا يتناسب مع الموقع الذي يشغله وهو أداء غير مسبوق، إذ لم يسبق لقائد للجيش أن قام بما يقوم به»، مضيفاً: «صحيح أننا في حالة شلل، ولكن ممنوع على أحد كائناً من يكون أن يقوم بما يقوم به قائد الجيش، بل من المفروض عليه أن يحفظ حدوده».

لوزير الدّفاع وفق ما يقول، خطّة «في حال استمر قائد الجيش في التسلّط في قراراته واعتبار نفسه فوق سلطة الوزير. سأشهّد السلطة السياسية على ما يقوم به، وقد بدأت بذلك قبل الذهاب إلى علاجاتٍ أُخرى»، كاشفاً أنّ الأمر قد يذهب حد «التوجّه إلى مجلس الوزراء لأُطالب بإقالة قائد الجيش، وإن كنت لا أعلم ما إذا كانت لدى حكومة تصريف الأعمال في ظل الشغور الرئاسي القدرة على اتخاذ مثل هذا القرار».
وشدّد سليم على «أنني وزير سلطة ولستُ وزير وصاية. وبالتالي لديّ السلطة الكاملة على المؤسسات التابعة للوزارة والمستقلّة عن المؤسسة العسكرية، حتّى أن ضبّاطها مفصولون من الجيش إلى هذه المؤسسات».
ويؤكّد سليم أنّ «شحادة من الضبّاط الأكفاء في المؤسسة، لكن الإشكالية هي في قرار قائد الجيش الذي يتصرّف من خارج القوانين. إذ قام بفصله من دون مراجعتي. وكما تمنّعت عن إصدار قرار بتسيير أعمال المفتشية العامّة لمصلحة العميد جرجس ملحم الذي فصله قائد الجيش، سأمتنع عن إصدار قرار بتسيير أعمال المديريّة العامّة للإدارة لمصلحة شحادة، فأنا لا أعمل بمعيارَين. قرارا فصل شحادة وملحم بالنسبة لي بحكم غير الموجودين».

وكشف أنه في صدد تكليف ضابط ثانٍ لتسيير أعمال المديريّة من خلال اختيار أعلى ضابط في المديريّة بعد إحالة شمص على التقاعد بغض النظر عن طائفته باعتبار أنّه قرار صادر من وزير الدّفاع بتفويضه لإدارة الأعمال وليس مُعيّناً بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء حتى يكون شيعياً».
وعن إمكانيّة توقّف ميزانيّة الجيش، أكّد سليم «لن تكون هناك مشكلة. ولن أترك الجيش من دون رعاية ومن دون تأمين حاجاته».
وعمّا حصل في المفتشيّة، قال إنّ تعيينه للعميد ملحم حداد بعد إحالة اللواء ميلاد إسحق على التقاعد «أمر طبيعي ومن دون أي خلفيّات، فهذه صلاحياتي وأنا قمتُ بتعيين الضابط الأعلى رتبة بغض النظر عن طائفته بناء على توصية من إسحق بعد ظهر 29 كانون الأوّل الماضي، لكنني فوجئت بأنّ ملحم عاد إليّ مع بداية العام الجديد ليُخبرني بأنّ قائد الجيش وضعه بالتصرّف وهذا أمر لم يحصل سابقاً في المؤسسة العسكريّة، بعد أن كان قد قام عون صباح اليوم نفسه (29 كانون الأوّل) بفصل العميد جرجس ملحم إلى المفتشيّة من دون مراجعتي أو علمي بالأمر».
وأكّد أنّه «لا يجوز لقائد الجيش أن تكون لديه سلطة استنسابية على المؤسسات المستقلة عن الجيش، وأن يقوم باتخاذ قرارات فصل. لوزير الدفاع فقط الحق في اتخاذ القرار والتشكيل».