| ناديا الحلاق |
بعد أن شهد سوق الايجارات السكنية رحلةً تصاعديّةً غير مسبوقة، خلال الحرب مع نزوح أهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، حيث شكلت بيروت ومناطق في أقضية الشوف، عاليه، بعبدا، المتن الشمالي وكسروان، وجهةً أساسيةً للنازحين الذين لجأووا إلى استئجار الشقق السكنية، عادت الأسعار الى الانخفاض رغم كل التوقعات التي تحدثت عن بقائها على حالها، أو عن انخفاضها بشكل رمزي لا تتعدى العشرات من الدولارات.
وفي خضم العدوان الاسرائيلي، بدأ العديد من اللبنانيين البحث عن مساكن في مناطق آمنة، لكنهم واجهوا استغلال بعض أصحاب المباني السكنية، حيث شهدت أسعار الإيجارات ارتفاعاً كبيراً، كما فرض البعض شروطاً قاسية على المستأجرين، بما في ذلك دفع عدة أشهر سلفاً.
ولكن ما إن انتهت الحرب حتى تبدلت الأحوال، فلماذا التراجع المفاجىء في أسعار الايجارات؟
المستشارة القانونية للجنة الاهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة اكدت لموقع “الجريدة” أن بدلات الايجار سجلت تراجعاً ملحوظاً في بيروت وباقي المناطق التي شهدت حركة نزوح خلال الحرب الدائرة مع العدوّ الاسرائيلي، فور اعلان وقف اطلاق النار، فعادت أسعار الايجارات في بعض المناطق إلى مستوى قريب من مستواها الطبيعي، مع عودة الناس إلى بيوتها أو أقلّه إلى مناطقها.
وشرحت جعارة انه “بالمقابل زاد الطلب على الايجار في المناطق التي كانت قد شهدت أعمال عنف، إذ أن معظم سكان هذه المناطق اختاروا العودة إلى قراهم وبلداتهم، ليبقوا بالقرب من بيوتهم المدمرّة وليعاودوا حياتهم الطبيعية بالقرب من مدارس اولادهم واشغالهم وبيئتهم”.
ورأت جعارة أنه “عندما يزيد الطلب ترتفع الأسعار، لكن هناك تفاوت بقيمة البدلات المعروضة فهناك من يراعي الظروف، إلا أنه بالمقابل هناك من يستغل الفرصة لرفع البدلات بشكل كبير، وطالما أنه لا ضوابط موضوعة وبغياب أي جهة مسؤولة يكون الضابط الوحيد هو ضمير الشخص وأخلاقياته”.
إذاً، قطاع الإيجارات بات استثماراً مربحاً لدى البعض خلال الأزمات والحرب وبعدها… حق السكن يسمو على غيره من الحقوق ويمكن للدولة وأجهزتها صونه عبر إجراءات بسيطة تعتدمها لكن لم تقدم على ذلك فالتخفيف من أوجاع الناس يبدو ليس من أولوياتها .
ولكن تجدر الإشارة، إلى أن “عدوى” رفع الإيجارات انتقلت من أماكن النزوح، إلى الضاحية الجنوبية، حيث عمل أصحاب الشقق التي سلمت من القصف الصهيوني، على رفع الإيجار ضعفي السعر، استغلالاً لحاجة الناس إلى بيوت قرب أماكن عملها.