/فاديا كيروز/
المرأة في العقد الخامس من عمرها، وزوجها في العقد السابع ويصاب عادة بجلطات في الرأس، كانت زوجته تنقله على وجه السرعة من منطقة سكنها في الدكوانة إلى مستشفى الحريري، لتلقي العلاج اللازم، وقضاء بضعة أيام أحياناً قيد المعالجة، قبل أن يعود إلى المنزل.
ولكن ما حصل يوم الجمعة الماضي في مستشفى الحريري يعتبر فضيحة جديدة كشفت مدى التردي الحاصل في القطاع الصحي، وخاصة في المستشفيات الحكومية. فقد أصيب الرجل بجلطة في رأسه، سارعت زوجته إلى نقله إلى مستشفى الحريري كالعادة، فكانت الصدمة المفجعة: رفض المسؤولون إستقبال المريض بحجة أن لا أدوية ولا تجهيزات متوفرة لديهم لهذه الحالة. والأخطر ما قيل لها، بأن لا أطباء متخصصين في المستشفى، لأن معظمهم إستقال وسافر إلى الخارج، وقسم الطوارئ لا يستطيع أن يستقبل هذه الحالة، وعليكم الذهاب إلى مستشفى آخر!
حتى مرضى الكلى الذين إعتادوا على عمليات غسل الكلى في المستشفى يُعانون الأمرّين للحصول على مواعيد منتظمة، لأن المواد اللازمة ليست متوافرة دائما بكميات كافية، لتلبية حاجات كل المرضى.
المفارقة أن وزير الصحة عمل سنوات مديراً لهذا المستشفى، ومن المفترض أنه ملمّ بكافة مشاكله والصعوبات التي تُعانيها الإدارات المتوالية مع وزارة الصحة في تأمين مستلزمات العمل، والحصول على الرواتب للأطباء والممرضين والعاملين، الأمر الذي أدّى إلى تراجعات مستمرة في مستوى خدمات إحدى أكبر وأحدث المستشفيات الحكومية.
عندما قرر الرئيس الشهيد رفيق الحريري إنشاء مستشفى بيروت الحكومي، سعى إلى تأمين التمويل من صندوق التنمية السعودي بقيمة 27 مليون دولار، وحرص على توفير أحدث المعدات والتجهيزات التي لم يكن لبعضها مثيلٌ لها في لبنان، وأقام مبنى ملحقاً بالمستشفى ليكون سكناً لذوي المرضى القادمين من الدول العربية للعلاج فيه، وأراد أن يكون مستشفى بيروت الحكومي نموذجاً للمستشفيات الحكومية والخاصة في لبنان.
فأين هذه الرؤية التنموية الإستراتيجية من تردي أوضاع المستشفى التي وصلت إلى الحضيض؟ وهل يتحمل نواب بيروت ووزير الصحة مسؤولية إنقاذ المستشفى الذي يحمل إسم رفيق الحريري، ويعيدونه إلى مستوى الرؤية التي سعى لتحقيقها الرئيس الشهيد؟