جلسة “التوازن السلبي”.. الانتخاب بالمهلة الدستورية أم الشغور؟

/محمد حمية/

لم تأتِ جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية بمفاجأة، فقد كان سيناريو الجلسة متوقعاً ومعداً بإحكام على توقيت ساعة ساحة النجمة ومهندساً بمطرقة رئيس المجلس نبيه بري الذي أدار الجلسة بحنكة وحكمة ودهاء، لتنتهي بلا رئيس وتُكرس التوازن السلبي والأكثرية المفقودة الذي يسود المجلس النيابي الجديد.

لم تتسع ساعات الليل الأخيرة وساعات الصباح الباكر للمشاورات التي تكثفت على مدار يوم أمس الأول بين الكتل النيابية لحسم مواقفها، فانتقلت المشاورات الى داخل الجلسة قبل بدئها بدقائق.

وجاءت النتائج كالآتي:

* 63 ورقة بيضاء: كتلة الوفاء للمقاومة (15)، التنمية والتحرير (15)، لبنان القوي مع حزب الطاشناق (21)، الوطني المستقل (4)، كتلة جمعية المشاريع (2)، والنواب حسن مراد وجميل السيد وجهاد الصمد وفراس السلوم، ونواب صيدا المستقلون عبد الرحمن البزري وأسامة سعد وشربل مسعد، لكن جمع هؤلاء هو 64 ما يعني أن أحد هؤلاء لم يصوت بورقة بيضاء بل إلى أحد الخيارات الأخرى.

36 صوتاً للنائب ميشال معوّض عبارة عن كتل: القوات اللبنانية (17) في غياب ستريدا جعجع، الكتائب (3) بغياب سليم الصايغ، واللقاء الديمقراطي (8)، وكتلة الاعتدال (3) بغياب فؤاد مخزومي، وثلاثة نواب مستقلين هم إيهاب مطر وميشال ضاهر وجان طالوزيان، أما الصوت الـ36 فهو اما بلال الحشيمي واما غسان سكاف، علماً أن الحشيمي أكد أنه صوّت لمعوض.

أما الذين صوتوا بورقة “لبنان”( 10 ) واعتبرت ملغاة، فهم النواب ذات الأغلبية السنية “ودائع” تيار المستقبل كرسالة، ربما أراد هؤلاء النواب ارسالها للرئيس سعد الحريري في مقر اقامته بعد اقصائه عن الحياة السياسية، بأنه لا يزال ممثلاً في المجلس.

أما مهسا أميني فصوت واحد واعتبرت ملغاة،

ونهج رشيد كرامي صوت واحد والتي اعتبرت ملغاة ايضاً، (النائب كريم كبارة)،

11 لسليم اده، عبارة عن أصوات قوى التغيير الـ 13 باستثناء ابراهيم منيمنة ونجاة صليبا الذين غابوا عن الجلسة.

وتظهر القراءة السياسية للنتائج التالي:

*ضغط دولي على القوى الداخلية، لا سيما القوات والكتائب والتغييريين، لعدم افقاد نصاب الجلسة، انطلاقاً من البيان الأميركي – الفرنسي – السعودي المشترك الذي صدر على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي دعا لإنجاز الاستحقاقات في مواعيدها الدستورية.

*ترسيم التوازنات وموازين القوى والأحجام النيابية الحقيقية للكتل والقوى السياسية، تمهيداً لصرف هذه القوة في سوق التفاوض والمقاصة بين الكتل على المرشحين، حتى ترسو التسوية على مرشح توافقي بعد تبلور المشهد الإقليمي – الدولي، وتزخيم المشاورات الخارجية حيال لبنان.

*تظهر الخلاف الى العلن بين كتل القوات اللبنانية والكتائب والاشتراكي من جهة وقوى التغيير وبعض المستقلين من جهة ثانية، وتعذر توافقهم على مرشح واحد، ما يعكس التجاذب الأميركي ـ السعودي مع فرنسا على شخصية وهوية الرئيس المقبل.

*نجاح الأميركيين والسعوديين بفرض التوافق حول مرشح على القوات والكتائب والاشتراكي وبعض المستقلين، هو ميشال معوض، رغم صعوبة تأمين أكثرية الـ65 نائباً، مع الاشارة الى أن النائب صلاح حنين لم ينل أي صوت ويهمس البعض أنه جرى سحب اسمه في ربع الساعة الأخيرة، لكي لا يحترق من الجلسة الأولى، ما يعني ان اسمه سيتردد في أي جلسة مقبلة، أما سليم إدة فنال 11 صوتاً وهو في فرنسا. ويبقى اللغز هو من صوت لأسم همسا أميني الإيرانية؟

*حرق القوات اللبنانية المرشح ميشال معوض لتحضير مرشحها الجدي في الجلسات المقبلة، مقابل سحب فريق الثنائي أمل وحزب الله اسم سليمان فرنجية من التداول لعدم حرقه، ما يعني أن مرشح الثنائي هو فرنجية حتى الساعة وسيعملون على تأمين توافق على انتخابه، وإن تعذر ذلك فالاتجاه الى مرشح توافقي مع كتلة اللقاء الديموقراطي 8 نواب وكتلة النواب الـ10 التي إذا اضيفت الى نواب الورقة البيضاء 63 يرتفع العدد الى 81 صوتاً ويمكن التعويل على المستقلين لتأمين 5 نواب ليتأمن نصاب الانتخاب الـ86 صوتاً.

*اعلن بري نهاية الجلسة الأولى لكن لم يغلقها، وبالتالي تبقى مفتوحة، والجلسة المقبلة تحتاج الى نصاب الثلثين أيضاً.

*أكدت الجلسة بما لا يرقى الى الشك بأن أي فريق لا يملك نصاب الثلثين الذي تحتاجه أي جلسة، ما يعني أن لا رئيس من دون توافق أوسع عدد من الكتل لتأمين الثلثين أولاً للانتخاب بالأكثرية العادية أي 65 نائباً ثانياً، وهذا ما رمى إليه الرئيس بري في كلمته في نهاية الجلسة، ما يعني استبعاد انتخاب الرئيس في المهلة الدستورية حتى يتبين خيط الثلثين الأبيض من الأسود، وبالتالي ستشهد كرسي الرئاسة الأولى شغوراً.. لكن لن يطول.