“خلوة” التغييريين.. “جبر خاطر” أم لمّ الشمل؟

/ هبة علّام /

بعد التباينات التي ظهرت بين أعضائه في معظم الاستحقاقات وفي أكثر من مناسبة، عقد “تكتل قوى التغيير” خلوته الأولى وحضرها جميع نواب التكتل الثلاثة عشر. هدفها، بحسب المعلن، استكمال التحضير للاستحقاقات الدستورية، لاسيما موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، وتحديد الأولويات التشريعية للمرحلة المقبلة وآلية متابعتها في البرلمان مع الكتل والقوى الأخرى.

هذا “التكتل” غير مسجّل رسمياً لدى الأمانة العامة للمجلس النيابي، ولايزال عبارة عن تجمّع نيابي ولا يربط النواب الـ 13 ببعضهم البعض أي رأي موحّد، بل يبقي التمايز والتباين واضحاً بينهم.

على عكس التوقعات التي تمناها كل “الثوار”، لم تثمر مشاركة وجوه من 17 تشرين في العمل البرلماني، ولا يزال عملهم دون المستوى المطلوب وليس على قدر تطلعات الثوار. لا بل بدأت الأمور في الفترة الأخيرة تتحوّل إلى تباعد وانقسام بدا واضحاً في أكثر من محطة، كان آخرها الاجتماع الذي جمع بعض النواب التغييريين برئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل والنائب أشرف ريفي، وقد غاب عن الاجتماع كل من النواب: بولا يعقوبيان، حليمة قعقور، سينتيا زارزير، ميشال الدويهي وفراس حمدان.

المعطيات تشير إلى أن هذا الاجتماع أثار امتعاض النائبة حليمة قعقور تحديداً، الرافضة للتواصل حتى مع المعارضة التقليدية والتي تعتبرها جزءاً من المنظومة، كما سُجّل عدم قبول يعقوبيان بهكذا اجتماع. بالمقابل، ينجح النائب مارك ضو باستمالة بعض زملائه التغييريين، وهو المعروف عنه أنه كتائبي الهوا ويتبنى خطاب 14 آذار.

هذه الأحداث أنذرت بإمكانية نجاح تكتل يضم جزءاً من التغييرين مع المعارضة التقليدية، “الكتائب” وريفي ومخزومي، وبالتالي انقسام التغييرين إلى فريقين. فضلاً عن الانقسام حول المسائل المتعلقة بالمصارف والنقد، ومحاولة كل من النائب ملحم خلف والنائب وضاح الصادق الوقوف على “التلّ” في كل ما يتعلّق بهذا الملف.

وقد أثارت تلك التطورات استياء الثوار الناشطين، الذين كانوا يعلّقون آمالاً كبيرة على النواب الجدد، حتى أن هناك من اعتبر أن سلوك البعض، وهذه الفجوة في العلاقة بين النواب، وعدم ترتيب وتنظيم العمل، والاتفاق على آلية موحّدة، يُعدّ خيبة كبيرة لكل شباب 17 تشرين.

لذلك، كانت الخلوة الأولى، للاتفاق على آلية اتخاذ القرارات، ولعلّهم يتمكّنون من رسم طريق موحّد واعتماد آلية لاتخاذ القرارات في الاستحقاقات المقبلة، وبالتالي دحض كل التكهنات التي تتحدّث عن انقسام أو تشرذم داخل التكتل التغييري. لكن البيان الذي خرج به المجتمعون من الخلوة لا يدل على أن عملية رصّ الصفوف قد تمّت بنجاح، وكأن اجتماعهم جاء لتطييب خاطر من آمن بهم وانتخبهم.

تحدّث البيان عن العموميات، وعن مواقف عامة بشأن الاستحقاقات لاسيما الانتخابات الرئاسية، ولا يبدو أنهم اتفقوا على ما هو أساسي لنجاح عملهم، والذي بغيابه دائماً ما يحسب انقسامهم نقطة رابحة لقوى السلطة. وبالتالي كانت خلاصة خلوتهم، بحسب بيانهم، عبارة عن توافق على أوليات تشريعية وآلية متابعة للمواضيع، من دون التطرق إلى حسم خيارات سياسية، أو حتى تنظيم الخلاف بطريقة تبقي مواقفهم المناهضة للسلطة في مركز القوة.

وعلى ما يبدو، لا يزال التكتّل يواجه مشكلة في الوصول إلى رؤية سياسية، وآلية عمل مشتركة، يتقيّد بها النواب التغييريين خلال اتخاذ القرارات الدستورية والتشريعية والسياسية وتلك التي تهم المواطنين، إلى أن يثبتوا العكس خلال التطبيق العملي في الأيام المقبلة، أو سيكون الشارع الثائر أمام خيبات جديدة.