ما هو مصير “أخلاقيات” المقاومة بعد اغتيال الرمز؟

| مرسال الترس |

نجح العدو الاسرائيلي في اغتيال رمز المقاومة في لبنان منذ ثلاثة عقود السيد حسن نصر الله، ولكنه لا يجب أن ينجح في إزاحة أخلاقيات المقاومة، والتي وضع السيد تحت أبرز بنودها خطوطاً حمراء عدة ساهمت في الحفاظ على الوحدة الوطنية والموازين الطائفية والمذهبية التي ساهمت العديد من الرموز اللبنانية في إسقاطها بين مرحلة وأخرى.

وهذه الأخلاقيات شكّلت هاجساً للعدو الاسرائيلي، الذي لم يعرف يوماً حدوداً لممارسة وحشيته في الحروب، وترجمها في العديد من المحطات المؤلمة بأساليب بعيدة كل البعد عن الإنسانية والحقوق المتعارف عليها دولياً.

فقد أثبت العدو الاسرائيلي، في العديد من الحروب او المواجهات، أنه لا يقيم أي وزن لحقوق الإنسان التي يشدّد عليها المجتمع الدولي في مختلف شرائعه، حيث كان لا يقيم وزناً لوجود الأطفال والنساء والعجزة في الأماكن التي يقصفها، مع أنه كان يعلم بوجودها علم اليقين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المجازر العديدة في الأراضي المحتلة منذ العام 1948، مروراً بمجزرتي بلدة قانا في الجنوب اللبناني، وصولاً الى العملية التي ما زالت قائمة، في وقت تُرسم فيه مئات علامات الاستفهام حول صمت المجتمع الدولي الذي يتبجح بحماية حقوق الانسان والطفولة… والى آخر المعزوفة الديمقراطية!

بالتالي، إما أن العدو الاسرائيلي لا يعترف بكل أخلاقيات هذا “المجتمع الدولي”، وإما أن هذا “المجتمع الدولي” يضحك على نفسه وعاجز عن توجيه حتى اللوم لهذا العدو الخارج عن أي محاسبة.

على خطوط موازية، أثبتت المقاومة أنها تتمتع بأخلاقيات عالية، وبأدبيات المجتمع الدولي، لأنها، منذ بدأت عملها المقاوم، لم تخطط أو تحاول أذية المدنيين، لا بل إنها ركزت على الاستهدافات العسكرية من مرابض وثكنات وآليات، متنازلة عن الكثير من البديهيات التي تعتمدها الجيوش التي تربح المعارك في الاقتصاص من المدنيين الذين كانوا يتعاونون مع المحتل، أو مع الفريق المعادي لها… وهذه الأخلاقيات اعتمدتها في أشد المراحل دقة، ولا سيما حين كان العدو يتعمّد استهداف المدنيين، فآلت على نفسها أن لا تنزلق إلى مستوى وحشيته، بل آثرت أن تتحمل الانتقادات والافتراءات كي لا تخسر من مستوى الأخلاقيات التي اعتمدتها في الحروب، متقدمة على الكثير من الجيوش النظامية في هذا المجال.

من المتعارف عليه أنه من السهل على الجيوش تحقيق الانتصارات في الحروب، ولكن القليلة منها هي التي تستطيع أن تحافظ على أخلاقياتها المجتمعية.

جزوة المقاومة لن تتوقف بالتأكيد، وستجد آجلاً أم عاجلاً من يقودها، ولكن من النادر جداً المحافظة على الأخلاقيات في الحروب، والتي كان أحد سادتها السيد حسن نصر الله!