/ غاصب المختار /
حملت الأسابيع القليلة الماضية، تحذيرات، ونقل معطيات، تفيد عن انفجار وشيك، نتيجة الانسداد الكامل الحاصل على مستويات تعثر انتخاب رئيس الجمهورية وتحقيق الإصلاحات المطلوبة دولياً، ومعالجة ارتفاع سعر الدولار وانعكاسه على أسعار الأدوية وحليب الأطفال والمحروقات والمواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية، وتداعياتها في الانفلات الأمني الخطير الحاصل في المجتمع، بحيث “يروح القتيل بشربة مي”!.
واضيف إلى ذلك، أزمة المصارف التي أشعلت الشارع، وأدخلت “الحمية” في نفوس رئيس الحكومة وأعضائها، فاستفاقوا على أن الوضع ينهار بشكل مخيف، وقرروا اتخاذ إجراءات لـ”ضبط الأمن” هي عملياً لحماية المصارف من غضب الناس، والبحث عن سبل معالجة تفلت الدولار عبر اجتماعات وتصاريح لا تُغني ولا تُسمن من جوع.
وإذا كانت دعوات بعض السفارات العربية والأجنبية لرعاياها، خلال اليومين الماضيين، لاتخاذ الحيطة والحذر في بعض المناطق التي تشهد توترات، طبيعية ومن باب التحوّط وتحصل منذ سنوات، لكن يجدر التوقف عند تسريبات وتحليلات و”معلومات” لا أحد يعرف مصدرها، بأن التوترات في الشارع ستتوسع وتكبر وتصل إلى الخطوط الحمر.
كما أن هناك من تحدث عن إراقة دماء “لا بد منها”، من أجل فرض التغيير في الوضع اللبناني “على الحامي”، عبر فرض انتخاب رئيس للجمهورية يريده الخارج أكثر من الداخل، وتشكيل حكومة تُنفّذ برنامج الخارج السياسي والاقتصادي والإصلاحي، وان كل هذا التوتر والانفجار الكبير الذي سيحصل سيكون “بفعل فاعل”.
قد يكون في التهويل شيء من الصحة لجهة ترقب حصول تحركات محدودة احتجاجية معيشية وحول المصارف في الشارع، لكن، حتى اليوم، أظهر اللبنانيون عموماً أنهم يعيشون وفق مقولة “دبّر راسك كيف ما كان”، لذلك تقتصر التحركات في الشارع على أعداد قليلة من الناس، بينما تفيد المعطيات على الأرض أن المطاعم “مفوّلة” والسهرات قائمة، وآخرها سهرات عيد الحب قبل أيام، والصرف ماشي على كل شيء، والطوابير كبيرة أمام محطات البنزين والأفران برغم أن سعر صفيحة البنزين تجاوز مليون ونصف المليون ليرة، وسعر ربطة الخبر تجاوز ثلاثين ألف ليرة، و”السوبر ماركت” مازالت تعمل كالمعتاد، برغم ارتفاع أسعار كل المواد الغذائية.
أما “الثورة” التي انطلقت في 17 تشرين اول 2019 بسبب فرض بضع سنتات على تطبيق “واتس آب”، فقد انطفأت بسحر ساحر بعد وصول بضعة نواب إلى البرلمان من “جماعات الثورة”، وفشلوا في تحقيق أي اختراق أو تغيير، لأن جذور هذه الطبقة الحاكمة عميقة في قلب الدولة ومن الصعوبة، إن لم يكن من الاستحالة، اقتلاعها من جذورها.
ومع أن أسعار كل شيء ارتفعت عشرات الأضعاف منذ 17 تشرين ذاك حتى اليوم، فإن شيئاً لم يحرك “الثوار”، حيث أن مهمتهم انتهت، بانتظار مهمة أخرى ربما لاحقاً.
خلاصة القول إن أية حلول جذرية في لبنان لا تُفرض فرضاً، “لاعالحامي ولاعالبارد”، وقد تمت تجربة هذين الحلّين خلال العقود الماضية، فلم تنفع الحروب، ولم تنفع ولم تدّم التسويات التي جرت برعاية خارجية طويلاً، نتيجة تشابك وتضارب المصالح الداخلية والخارجية.