لو بدها تشكل كانت غيمت”… والواضح على مقياس المناخ الحكومي ألا شيء يبعث على التفاؤل…حتى أن الغيم في هذا الملف كان ليس لغاية هي الغيث والغوث بل لحجب أي بصيص نور وهو غيم تراكم منذ التكليف على هيئة تسريبات ومصادر وحتى بيانات فيما المطلوب هو تشكيلة فقط لا غير.
في هذا الإطار اكد رئيس الجمهورية ميشال عون انه مصر على انصاف مفهوم الوحدة الوطنية في مقاربته لتشكيل الحكومة لا سيما وان الازمة الحكومية طالت اكثر مما يجب مؤكدا ان المشاورات سوف تستمر لانضاج حل سريع يؤدي الى ولادة الحكومة الجديدة.
وبإنتظار تحديد موعد للرئيس المكلف نجيب ميقاتي في بعبدا بعد عودته من الخارج وهو المرجح مطلع الأسبوع علّ اللقاء يحرك الجمود الحاصل تأليفاً كان بيان القمة السعودية-الاميركية يشير إلى أهمية تشكيل حكومة لبنانية وتنفيذ إصلاحات شاملة.
في مستجدات ملف إضراب القطاع العام والشلل الذي أصاب المؤسسات والإدارات العامة يعقد يوم الاثنين المقبل اجتماع في السرايا الحكومية برئاسة ميقاتي من أجل التشاور والبحث في مجموعة من الاقتراحات المتّصلة بإنهاء الإضراب موظفي القطاع العام.
ماذا يُطبخ للبنان في الكواليس الإقليمية والدولية؟
هذا هو السؤال الأهم المطروح اليوم، في ضوء تعذّر تشكيل حكومة جديدة، وعلى عتبة الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الأول من أيلول، وفي انتظار إنضاج الاتفاق المأمول لترسيم الحدود البحرية.
أما سبب التعويل على الخارج، فليس أكثر من فقدان الأمل بأي حلّ مصدرُه الداخل، ذلك أن المؤسسات الدستورية أعجز من أن تنتج المخارج، تماماً كما أن الولاءات الخارجية المتضاربة لشرائح سياسية وازنة جعلت من النظام السياسي الهشّ أسير مصالح عدد من الدول، يبدو أن عودتها إلى تسويات ليست متاحة في وقت قريب.
فصحيح أن الدعم الأميركي والسعودي للبنان، والذي تكرر التعبير عنه اليوم من جدّة مهم، غير ان الأهم هو وضع لبنان على خارطة التفاهمات الكبرى في المنطقة، حتى يولد حلٌّ لا يتمُّ وأده في المهد من قبل المتضررين الذين لطالما أسقطوا الحلول.
واليوم، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنه مصر على إنصاف مفهوم الوحدة الوطنية في مقاربته لتشكيل الحكومة، مشدداً على ان المشاورات سوف تستمر لانضاج حل سريع يؤدي الى ولادة الحكومة الجديدة، لا سيما وان الازمة الحكومية طالت اكثر مما يجب، وباتت تهدد سلامة الحياة، ويمكن أن تجرّ المخاطر على أمن جميع المواطنين التواقين الى الخروج من هذه الدوامة المقلقة. ومن التطور الأمني الذي شهدته الحدود الجنوبية الشرقية في راشيا نستهل نشرة الاخبار.
افرغت اميركا طاقة اوروبا وعقدت ست عشرة اتفاقية، على الطاقة العربية الخليجيةوزيّت الرئيس الاميركي جو بايدن جولتَه بثلاثةَ عشرَ مليون برميل نفط يومياً.لكنها ستكون القدرة الاخيرة على زيادة الانتاج، كما اعلن ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
حرك بايدن عجلات الطاقة والتنمية وابرم اتفاقيات ٍ، من شأنها تعويض الخسائر عن حرب روسية اوكرانية، دفعت اوروبا اثمانَها لكن الرئيس الاميركي، خرج من الامن بصفر انتاج باستثناء ادخال اسرائيل عنصراً محيراً في المنطقة.
فكل تصريحات القادة والزعماء والمسؤولين الخليجين لم تعط تأكيداً على شراكة اسرائيل، ما خلا فتح المجال الجوي امام طائراتها للعبور.
اما تأسيس ناتو عربي في وجه ايران، فقد “وافته المنية ” قبل بزوغه، وجاءت مراسم نعيه عبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي قال جازما أنه لم يُطرح ولم يُناقش أي نوع من التعاون العسكري أو التقني مع إسرائيل، ولا يوجد أي شيء اسمه “ناتو عربي”.
وفي مؤتمر صحافي حرص بن فرحان اكثر من مرة، على تسمية ايران ” بالجارة “، وقال إن يد المملكة ممدودة لها توصلا إلى علاقات طبيعية، مشيراً الى أن الحوار والدبلوماسية هي الحل الوحيد لبرنامج إيران النووي، والدبلوماسية مع ايران كانت العامل المشترك لقمة دول مجلس التعاون الخليجي مع الرئيس الاميركي.
وبذلك يصبح ما سمي باعلان القدس، مجرد حبوب مهدئة لاسرائيل تمهد لتطبيع وتوقيع اتفاق نووي مع ايران، اما كلام بايدن عن عدم سماحه لان تسيطر دولة على دولة، او ان تحتل اخرى، فهو خطاب لا يصلح الا لاسرائيل لكونها الكيان الوحيد المختص بالاحتلال من ارض فلسطين مروراً بالاردن وصولا الى جنوب لبنان.
وبايدن الذي يرفض التدخل بشؤون الدول، فقد اوكل لنفسه الاعلان عن اتفاق ربط شبكة كهرباء العراق بشبكة مجلس التعاون عبر السعودية والكويت، ولم يعرف على وجه التحديد مسؤولية رئيس اميركي بهذه الشبكة، الا اذا كان سيمد عبرها خط اشتراك للبيت الابيض.
وعن المحادثات الاميركية الخليجية حضرت فلسطين، في كلمة امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فشكلت مقاربته كلام الجد في قمة جدة، إذ قال إن التوتر سيظل قائماً ما لم تتوقف إسرائيل عن بناء المستوطنات، وتغيير طابع القدس واستمرار فرض الحصار على غزة، وإنه لا يجوز أن يكون دور العرب اقتراح التسويات ودور إسرائيل رفضها.
وكانت اسرائيل قد عقدت اتفاق الخديعة مع بايدن فأمرت بتجميد اوسع مشروع استيطاني يشمل بناء اكثر من الفي وحدة سكنية وذلك لمدة اسبوع فقط ريثما تنتهي زيارة الرئيس الاميركي ثم تسـتأنف العمل الهدام . ولبنان مهدود الحيل والحيلة تصدر بيان قمة جدة بسطور وافرة اتخذت شكل الرشد والنصائح من دون مد انابيب الدعم ما خلا بالمواقف .
وقد عبرّ عبر القادة عن دعمهم لسيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي وبالنسبة للانتخابات الرئاسية القادمة دعوا جميع الأطراف لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية. وأكدو على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها.
ومع انتهاء القمة يفترض ان ” يسّرب” الوسيط الاميركي آموس هوستكين الى لبنان لاسئتناف المحادثات حول اتفاق ترسيم الحدود البحرية .وفي هذا الاطار كشف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ، أننا أمام فرصة كبيرة جدا لإستعادة لبنان لغناه من خلال ترسيم الحدود البحرية، وقال: أعتق أننا على مسافة أسابيع، وليس أكثر من تحقيق هذا الهدف.
قمةُ ضِيقِ الخِياراتِ انتهت في جدةَ بساعات، حصلَ منها الرئيسُ الاميركيُ على زيادةِ الانتاجِ اليومي للنفطِ السعودي الى أكثرَ من ثلاثةِ ملايينِ برميلٍ يومياً، ونالَ منها وليُّ العهدِ السعوديُ ما يُريد – اي صورةَ ترؤسِهِ قمةً اعطاهُ جو بايدن بحضورِها صَكَّ براءةٍ وتثبيتِ زعامة، وما عدا ذلك فلكلورٌ سياسيٌ لم تَستطع ان تُخفِيَهُ الكاميراتُ ولا الخطاباتُ في جدة.
على انَّ الجَدَّ في القمةِ – بل بكاملِ جولةِ الرئيسِ الاميركي في المنطقة – ليسَ توليدَ حلفٍ ضدَّ ايرانَ – اعجزَ من ان تَحتمِلَهُ الارضيةُ السياسيةُ للمنطقةِ المهتزة، والذي سارعت الى التبرؤِ منه تباعاً دولُ القمة، وانما زيادةٌ بانتاجِ النفطِ لتخفيضِ سعرِه العالمي، والحفاظُ على امنِ الطاقةِ الاسرائيلي وامداداتِها الاوروبية.
واِنِ استحصلَ بايدن على الاول، لكنَ الثاني دونَه مسارٌ طويل، يُختصرُ بحصولِ لبنانَ على حقوقِه كاملةً، والا فانَ المعادلةَ التي ارساها سيدُ المقاومةِ لا تزالُ واضحة : نَستخرجُ كاملَ حقوقِنا النفطيةِ والغازية، او لا نفطَ ولا غازَ لاحد، وما بعدَ بعدَ كاريش ليسَ كما قبلَه..
وفي قلبِ الازمةِ التي يعيشُها لبنانُ لا جديدَ يُذكر، ولا نوايا بتغييرِ الحال، وكأنَ بعضَ المعنيينَ في حالِ انتظارٍ او تسويفٍ مُميت، والازماتُ متروكةٌ بينَ يدَي بعضِ القتلةِ من تجارِ الرغيفِ ومولداتِ الكهرباءِ ومضخاتِ المياه، فضلاً عن محتكري السلعِ الاساسيةِ والدواء، ولا دواءَ لكلِّ هؤلاءِ الا بوجودِ دولةٍ هي معلقةٌ اليومَ على اضرابِ قطاعِها العام، وضربِ بعضِ وزرائِها عُرضَ الحائطِ بكلِّ واجباتِهم ..
وباسمِ الواجبِ الوطني وزراءُ يبحثونَ عن رفدِ الدولةِ بكلِّ ايرادٍ ممكنٍ او استعادةِ كلِّ حقٍّ مهدور، ووزيرُ الاشغالِ علي حمية خيرُ مثال. فمن ارضِ الجنوبِ المزهرةِ بانتصاراتِ تموز، والعائمةِ على جميلِ المعادلاتِ الحافظةِ للسيادةِ والحقوق، اطلقَ الوزيرُ حمية معادلةَ استعادةِ نفقِ سكةِ الحديدِ في الناقورة من يدِ العدوانيةِ الصهيونية، واطلقَ مناقصاتٍ لتزيمِ مشاريعَ سياحيةٍ وتلفريك بينَ البياضة والناقورة ، على ارض زرعت رجالاً فانبتت جزيل الانتصارات..
نصفُ مصافحةٍ لولي العهد محمد بن سلمان . ودعوةُ محمد بن زايد لزيارة واشنطن .
الرئيس الأميركي جو بايدن أنهى زيارته للسعودية ، بعد إسرائيل ، وغادر تاركًا وراءه سيلًا من الإشارات والمواقف التي تحتاج إلى قراءاتٍ معمَّقة . ” مصافحة كورونا ” طبَّقها على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، لكنه صافح بشكلٍ عادي الملك سلمان ، والصورة التي حفظَها العالم هي نصف المصافحة مع ولي العهد وليست المصافحة مع الملك .
الإشارة الثانية كانت لرئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد ، فبعدَ البرودة بين واشنطن وأبو ظبي ، خاطب بايدن بن زايد قائلًا : ” أريد أن أدعوكَ رسميًا للمجيء إلى الولايات المتحدة قبل انتهاء هذه السنة”.
غادر بايدن لكنه طمأن شركاءَه في المنطقة أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن الشرق الأوسط ولن تترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران”.
في موضوع النووي الإيراني أكدت القمة رفضَها ان تمتلك إيران سلاحًا نوويًا ” فجدد القادة دعوتَهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع دول المنطقة، لإبقاء منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل.” كما ورد في البيان الختامي الذي خَصص فقرة للبنان دعت ، بالنسبة للانتخابات الرئاسية القادمة ، جميعَ الأطراف اللبنانية لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية. وركز البيان على أن تمارس السلطة اللبنانية سيادتَها الكاملة فلا يكون هناك أسلحةٌ إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطةٌ سوى سلطتها.
لبنان ، المتفرِّجُ على أعمال القمة ونتائجها ، غارقٌ في عجزِه وانهياره وتعثره في مقاربةِ الملفات : الإدارة ُ العامة في إضراب والنتيجة شللٌ في كل قطاعات الدولة ، وليس معروفًا ما إذا كان اجتماع ُالإثنين سيؤدي إلى تسوية بين الحكومة وموظفي القطاع العام ، وفي حال عدم التسوية تدخل البلاد في شهرها الثاني من الشلل .
أما تشكيل الحكومة فواقعٌ تحت الضربات القاسية بين بيانات القصر وبيانات السرايا ، لكنَّ الشعب في مكان آخر يعيش يومياتِه السياحية من مهرجانات ونشاطات ، ويعيش فرحتَه بالإنجازات الرياضية التي يحققها المنتخب الوطني في كرة السلة ، وكأنه ردٌّ على تخاذل السلطة وإهمالها أو عجزها ، وهذا الشعب يستحق ان تبدأ النشرة بما يُحب ، بالسياحة من مختلف المناطق ، إنها النوافذ التي تشكل الرئة التي مازال لبنانُ يتنفس من خلالها .