سيكون الأسبوع الطالع أسبوع إنجاز الإستشارات النيابية غير الملزمة من قبل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في مجلس النواب على مدى يومين: الإثنين بعد الظهر والثلاثاء قبل الظهر ليعكف بعدها على وضع مسودة أولية للتركيبة الحكومية العتيدة يحملها الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قريبا بما يعكس حركته السريعة في محاولة تأليف للحكومة فإذا كانت الطريق معبدة أمام الرئيس ميقاتي فهل تكون حكومته الرابعة عيدية اللبنانيين في الأضحى المبارك أم أن الأمور قد تكون بحاجة الى مزيد من الوقت؟
واليوم وفي رسالة عالية السقف ناشد البطريرك الماروني من حريصا في اليوبيل الذهبي لكاريتاس جميع الأطراف بأن تتعاون مع الرئيس المكلف بعيدا عن شروط لا تليق بهذه المرحلة الدقيقة ولا يتسع الوقت لها داعيا لتخصيص الأشهر الأربعة المتبقية من عمر العهد في خفض نسبة الحقد والأعمال القضائية البوليسية والتخفيف من معاناة الناس وضبط الأمن.
لكن في الوقت الفاصل عن تأليف الحكومة تبقى الأزمات على أشدها مع فقدان رغيف الخبز وانعدام الكهرباء وانقطاع المياه عن بيروت وجبل لبنان منذ أكثر من عشرة أيام ناهيك عن ملامسة الدولار عتبة الثلاثين ألفا.
إقليميا حركة بارزة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي بدأ في طهران زيارة رسمية بعدما كان التقى في جدة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وهي تهدف الى تحقيق التقارب السعودي الايراني.
ومن العاصمة الإيرانية وعقب تحرك مفوض السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل صدرت إشارة إيرانية بإحتمال أن تستأنف المفاوضات النووية ليس في فيينا ومع ترجيح أن تكون الدوحة المكان الجديد للتفاوض.
ما الذي ذكر مفتي الجمهورية، والمفتي الجعفري الممتاز ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس بالمثلية الجنسية حتى لم يتركوا وصفا قبيحا الا ونعتوا به المثليين، من الشذوذ، الى الشهوة المنحرفة والخطيئة وصولا الى وصفهم بالجزارين المنحرفين.
باستثناء البطريرك الماروني، الذي لم يتطرق، على الاقل في عظته اليوم، الى الموضوع، يبدو ان المسؤولين الروحيين حددوا وجهة معركتهم المقبلة، فتناسوا سرقة اللبنانيين الموصوفة، وانهيار العملة، والبطالة والجوع والفقر، وركزوا على الاهم. لن نقبل بتغيير القوانين التي سموها طبيعية، وبوضع قوانين مدنية توحد الاحوال الشخصية، وتقر الزواج المدني.
وهنا بيت القصيد. فالقصة ليست قصة تشريع المثلية، ولا احتفالات حزيران التي تحييها، انما القصة: العبور من تقبل المثلية الى توحيد الاحوال الشخصية، وهي ليست وليدة اليوم. ففي العام 1926 طرحت للمرة الاولى واسقطت بسرعة لتعود الى الواجهة في الاعوام 1950، 1971، 1981 و1989 و1998. وتسقط تباعا تحت ضربات المراجع الروحية كافة. اكثر من خمسين عاما مضى، تخللها حرب بكل فظائعها ولم نتعلم شيئا. لم نتعلم ان توحيد الاحوال الشخصية على اساس علماني ضروري لتكامل المجتمع، من دون ان يتعارض ذلك، ولو في اي شكل من الاشكال مع المعتقدات الدينية. لم نتعلم من جوزيف مغيزل، ومن ميشال شيحا وصلاح حنين ومن غيرهم الكثيرين من المفكرين الذين عرفوا قبلنا بكثير ان لا ديموقراطية حقيقية في لبنان من دون بلوغ يوم يخضع فيه كل اللبنانيين لقانون موحد يقوم على قاعدة علمانية، كما قال مغيزل. ولم نفهم ماذا اراد ان يقول شيحا عندما كتب: آسف لان المسيحيين والمسلمين في لبنان قادرون على ان يكونوا اخوة وعاجزون عن المصاهرة.
المعركة اليوم، ليست معركة تقبل المثلية، وهي حق شخصي تكفله الشرائع الدولية، انما هي معركة حريات يكفلها الدستور اولا، ومعركة الدفاع عن التنوع والاختلاف ومعركة قيام دولة حقيقية قد يبدأ بناؤها من مجلس النواب، اذا تجرأ ممثلو اللبنانيين على اقرار الزواج المدني ولو الاختياري، الذي لن يكون نزوة، انما ولادة لمؤسسة ستصل باللبنانيين ولو ببطء ولكن بثبات الى دولة واحدة وشعب واحد. المعركة اليوم ليست مع الدين وليست مع تعاليمه التي نمارس ونحترم. المعركة بين من يريد دولة قابلة للحياة واخرى تموت ببطء. دولة لن نتركها تموت. فهي اجمل بكثير من الزوال.
الأسبوع الطالع هو اسبوع الإستشارات النيابية غير الملزمة التي سيجريها الرئيس نجيب ميقاتي على طريق جلجلة تأليف الحكومة. من هذه الإستشارات كما من المشاورات التي يجريها مع جميع الأطراف السياسية المؤثرة سيخرج الرئيس المكلف بتصور حكومي معين. هذا التصور سيشكل اللبنة الأولى لمسودة حكومته العتيدة التي يعرضها الرئيس المكلف على رئيس الجمهورية ميشال عون ولاسيما أن ثمة لقاء متوقعا بينهما قبل نهاية الأسبوع المقبل.
وبانتظار اكتمال هذه الخطوات الإجرائية تبدو جميع الكتل السياسية والنيابية أمام واجب تسهيل التأليف الحكومي بعيدا من ترف إهدار الوقت. ذلك أن تشكيل الحكومة هو الخطوة الضرورية على مسار معالجة الأزمات ولاسيما المعيشية والحياتية والإقتصادية.
وفي هذا الشأن يرصد تهاوي الخدمات كأحجار الدومينو من الكهرباء والماء إلى الخبز والقطاع الصحي والإستشفائي في زمن زحف موجة جديدة من فيروس كورونا.
أما على خط النفط والغاز فإن لبنان لا يزال ينتظر رد العدو الإسرائيلي على الطرح الذي سلمه إلى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ولا سيما أن الأخير سلمه خلال الساعات الأخيرة إلى إسرائيل فهل تكف الأخيرة عن سياسة العرقلة فتستأنف المفاوضات غير المباشرة برعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة قريبا؟
على المستوى الإقليمي برز الحراك الذي بدأه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بين السعودية وإيران في إطار الوساطة التي يقوم بها لجسْر الهوة بين البلدين وهو وصل اليوم إلى طهران بعدما زار ليلا جدة.
كما برزت زيارة مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الإتحاد الأوروبي إلى طهران والتي توجت على ما يبدو بقرار لاستئناف المفاوضات النووية ولكن ليس في فيينا- هذه المرة- بل في دولة خليجية على ما أعلن جوزيب بوريل قبل أن يغادر إيران.
“شبعنا حكي”. كلمتان تختصران المشهد اللبناني في اسبوع الاستشارات غير الملزمة، التي لا دور لها الا شكليا في تشكيل الحكومة المقبلة، فيما الاساس متروك لحركة المشاورات الجانبية التي يشارك فيها اكثر من طرف.
شبعنا حكي عن صندوق النقد الدولي والاصلاح، فيما خطة التعافي الاقتصادي والمالي لم تنجز بعد، واموال المودعين في مهب الريح، والقوانين الاصلاحية التي بات تكرار اسمائها مملا، نائمة في الادراج.
شبعنا حكي عن التدقيق الجنائي، فيما المطلوب تدقيق جنائي يكشف المجهول المعلوم ويحيله على القضاء، بعيدا من الاعيب الاضرابات، التي تشكل حلقة جديدة في مسلسل التذاكي الطويل.
شبعنا حكي عن ملاحقات قضائية، فيما المطلوب ملاحقات قضائية تفضي الى نتيجة، فتحاسب المذنب، وتبرئ البريء، وتعيد للناس ما فقدوه معنويا وماديا.
شبعنا حكي عن الحكومات السياسية او التكنوقراط او التكنوسياسية، فيما كل المطلوب هو حكومة فاعلة، مشكلة وفق الدستور والميثاق، لتقوم بما يلزم لانقاذ البلاد.
شبعنا حكي عن التغيير، فيما نواب التغيير عن التغيير غافلون، واهتمامهم منصب على تفاصيل، قد تكون مهمة في بلد يعيش في وضع طبيعي، لكنها اليوم ليست من الاولويات.
شبعنا حكي عن جمهورية قوية، فيما الوعود التي ملأت اللوحات الاعلانية بتكاليف باهظة زالت مع ازالتها، ولم يبق منها الا التهكم عليها والسخرية من اصحابها على مواقع التواصل.
شبعنا حكي عن كل شي بالدولة والسياسة، وصار بدنا افعال. والفعل الاول اليوم تشكيل حكومة قادرة على العمل في الاشهر المتبقية من الولاية الرئاسية، ثم انتخاب رئيس جديد وفق الدستور والميثاق، ضمن المهلة الدستورية.
وفي كل الاحوال، لا نتوقع معجزات، ولا نبني الآمال على الرمال، فالتجارب تؤكد ان في ظل النظام السياسي الحالي لا يمكن ان يكون اكثر من الذي كان.
بعد العبور السريع للتكليف كم من الوقت سيستغرق التاليف؟ في اليومين المقبلين توضع الاراء والمطالب النيابية بين يدي الرئيس المكلف نجيب ميقاتي خلال استشارات غير ملزمة ، لتدور بعدها عجلة البحث عن تركيبة حكومية من المفترض ان تلائم الظروف الراهنة والملفات الداهمة.
في هذا المسار يؤكد مسؤولو حزب الله على ضرورة الاسراع في التاليف لان معاناة المواطنين لا تستطيع الانتظار اكثر، ولا اوضاع البلد يمكن ان تتحمل مزيدا من هدر الوقت او التعطيل السياسي والشلل المؤسساتي.
على قياس المشهد الداخلي المنهار جاء خبر انهيار مبنى سكني في طرابلس الذي لو لم يكن خاليا من سكانه لكانت الفاجعة اكبر على منطقة تصنف الاشد فقرا في لبنان المفتقر الى حلول الانقاذ.
في معيشة اللبنانيين، فك اسر الرغيف من ايدي المتناحرين على القمح والطحين قيد اختبار يوم الغد، وكذلك ترجمة اتفاق وزارة الاقتصاد مع الافران والمطاحن على انهاء مسلسل الطوابير امام الافران واذلال المواطنين من اجل قطعة خبز.
اما في القطاع العام، فتلوح ازمة رواتب قبل الاول من شهر تموز مع استمرار اضراب موظفي الادارات وعدم قدرة ادارة الصرفيات في وزارة المالية على اكمال جداول الرواتب قبل الموعد المحدد لتسليمها الى المصارف.
وفي ذورة الاحداث المحلية، تتواصل الدعوات للانتباه اكثر على بلدنا وثرواته وتحديدا مع الحديث الصهيوني عن حصول تواصل مع الموفد الاميركي عاموس هوكشتاين حول الترسيم البحري، وما اذا كان سيحمل معه الى بيروت في الايام القادمة مزيدا من التغطية الاميركية للقرصنة الصهيونية في مياه لبنان وحقوله الغازية والنفطية. وفي قضية الثروات أيضا جاء الدعم الفلسطيني للبنان في مساعيه للاستفادة من غازه ونفطه في مواقف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية من مدينة صيدا معلنا ان قطاع غزة لن يفرط بدوره في غازه ونفطه لانه الاحق بهما.
في المنطقة، برزت خلال الساعات الماضية زيارتان لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى جدة وطهران في اطار الجهود التي تبذلها بغداد لتعزيز الحوار في المنطقة.
اما في العالم، فلا تزال الادارة الاميركية مصرة على اغراق حلفائها في الوحول الاوكرانية عبر تحويل قمة مجموعة السبع المنعقدة في بافاريا مناسبة للتازيم السياسي والاقتصادي مع روسيا.
من يتابع وسائل التواصل الإجتماعي في اليومين الفائتين يعتقد أن حربا كونية نشبت بين ليلة وضحاها. فالحملات مستعرة والبيانات والبيانات المضادة تتوالى، وكل المواقف والكلمات تتميز بالحدة والقساوة. السبب: تعميم لوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي طالب فيه المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام بمنع تجمعات تهدف إلى الترويج للمثلية الجنسية. فبمعزل عما حصل ويحصل، وبمعزل عن قانونية أو عدم قانونية ما قام به الوزير، وبمعزل عن دخول المرجعيات الدينية على اختلافها على الخط، فإن المطلوب الهدوء في مقاربة الموضوع، وعدم الوصول بالأمور إلى حد التهديد بالقتل واستباحة الدماء. فلبنان تعب من الحروب على كل شيء وحول كل شيء. وإذا لم نكن قادرين كلبنانيين على أن نتفاهم في مواضيع السياسة العامة وفي القضايا الإستراتيجية، فهل نحن فاشلون أيضا في المواضيع الخاصة التي تتعلق بالحياة والحريات الشخصية؟ من هنا الهدوء واجب. وعلى المرجعيات الروحية من مسيحية وإسلامية التي تقول رأيها في الموضوع أن تساهم في التهدئة وتعزيز ثقافة الحوار. كما أن على الجمعيات التي تنادي بتشريع المثلية أن تقدر خصوصية المجتمع اللبناني وتتعاطى بواقعية وتراعي حساسية الموضوع.أي المطلوب من الطرفين التخفيف من حدة الخطاب وإجراء حوار عميق ومباشر وليس على مواقع التواصل الإجتماعي. فلبنان رسالة حوار قبل كل شيء، فاذا فقد الحوار ماذا يبقى منه؟
سياسيا، غدا الجولة الاولى من الاستشارات النيابية غير الملزمة التي يجريها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي. الاجواء السياسية المرافقة تشير الى نوع من انواع الانسداد في الافق الحكومي. فالتيار الوطني الحر لا يزال على موقفه بتشكيل حكومة سياسية لمواجهة مرحلة الاستحقاق الرئاسي، وربما مرحلة الفراغ الرئاسي. في المقابل الرئيس ميقاتي يريد حكومة على غرار الحكومة الحالية، وثمة من يتحدث عن رغبة لديه في تعويم حكومة تصريف الاعمال عبر استنساخها من جديد مع تغيير ستة من وزرائها على الاكثر. فاي الخيارين هو الاقرب الى التحقق؟ استشارات الاثنين والثلثاء ستحدد اتجاهات الريح، علما ان استمرار التضارب في وجهات النظر قد يكون لمصلحة الحكومة الحالية، بحيث تبقى في مرحلة تصريف الاعمال الى ما بعد اجراء الاستحقاق الرئاسي. توازيا، لفتت التصريحات التي ادلى بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، والتي تحدث فيها عن وحدة ساحات المقاومة وجبهات الممانعة، معتبرا لبنان جزءا لا يتجزأ من هذه الجبهات. فمن اعطى السيد هنية حق تحديد خيارات السياسة اللبنانية؟ وهل اصبحنا في مرحلة من الضعف بحيث ننتظر من هنية ان يحدد الخيارات الاستراتيجية للبنان؟ واين المسؤولون اللبنانيون من هذا الكلام الخطير وغير المقبول؟ وهل سيتخذون موقفا مما قيل ام انهم سيهربون كالعادة ويتهربون باعتبار ان “الهريبة تلتين المراجل”؟
حكومة على الفحم وخبز بلا حطب وما بينهما مرحلة محروقة سياسيا إلى ما بعد نهاية العهد، فالصيف حل، تجره عربات الأزمات من دون أن تعرف طريقا إلى الحل، وفي رأس الأولويات رغيف الخبر الذي تبخر اتفاقه مع وزارة الاقتصاد ولم يدخل إلى الفرن للنضوج.
واليوم اصطفت طوابير المواطنين عند أبواب المخابز، وعادت خائبة لتسمع تصريحات المسؤولين التي تطبق حرفيا: “جعجعة بلا طحين”، فوزير الاقتصاد يتفاوض مع تجار الأزمات والزعران كما سماهم، ومع ذلك فإن أيا منهم لم يلتزم الاتفاق، وظل المواطنون عالقون بين خبز على ورق ووعود فارغة، لاسيما أولئك الذين يتعاقدون مع خط الفقر الدائم، ومن هذه العينة، ما أصيب اليوم بالانهيار الفعلي إذ حلت كارثة جديدة على طرابلس لدى سقوط مبنى مؤلف من أربع طبقات في منطقة ضهر المغر.
وفي انهيارات السقوف الحكومية، فإن المرحلة المقبلة لن تحمل معها إعادة الإعمار السياسي. وطبقا للمعلومات المتصلة بالتأليف، سيقدم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تشكيلة وزارية مرممة فور الانتهاء من الاستشارات النيابية غير الملزمة يوم الثلاثاء المقبل. سيستمع ميقاتي لمطالب النواب وسيرمي ما سمعه في أقرب مستوعب لجمع العوادم، لكن العبرة ستكمن في توقيع رئيس الجمهورية، وفي طريق مسدود سوف تصل إليه مراحل التأليف، فإن ميقاتي سيكون رابحا على خطين، سواء برفض تشكيلته فيبقى رئيسا مكلفا، أو ببقاء الحكومة الحالية إلى ما بعد نهاية العهد، وعندها تتسلم هذه الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة تطبيقا للمادة الثامنة والستين من الدستور.
ويشرح الوزير السابق الدستوري زياد بارود أن الحكومة في هذه المرحلة تعني تصريف الأعمال فقط، أي كل ما هو ملح ولا يرتب أعباء مالية ولا يلزم الحكومة اللاحقة بقضايا لا تستطيع التراجع عنها. ويوضح للجديد أنه بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية يصبح التكليف ومن يصرف الأعمال هو الحكومة الحالية ما لم يتم تأليف واحدة جديدة. وهذا التفسير الدستوري الذي سيقوي فرص ميقاتي، وعليه فإن الرئيس المكلف وجب أن يقدم على طرح التشكيلة أيا تكن العقبات وأن تكون منسجمة مع إبعاد السياسيين عنها حتى وإن لم تحصل على توقيع الرئيس. هو بذلك سيضع المسؤولين على المحك، وليذهب بها إلى مجلس النواب إذا حازت التوقيع الرئاسي، وعندها ليتحمل النواب مسؤولياتهم الوطنية برفضها، وليظهروا أمام الرأي العام فاقدي الأهلية والمسؤولية معا، لأنهم رفضوا حكومة في أحلك ظروف تمر بها البلاد.
وأيا كانت الصيغ التي سيأتي بها ميقاتي، فإنها تقود إلى نهاية واحدة، أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فيلمح إلى استبدال بعض الوزراء بآخرين أو ما يسميه: “جمل مطرح جمل يبرك”، لكن الجمل بنية، والجمال الرئاسي بنية، وهنا تصطدم المزرعة السياسية ببعضها البعض.