| مرسال الترس |
عشية الزيارة التاريخية للبابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، من ضمن أول زيارة له خارج الفاتيكان، فوجئ المسيحيون في لبنان، ولاسيما الموارنة منهم، بالكلام الذي صدر عن البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي قال فيه خلال لقاء تلفزيوني: “المسيحيون منقسمون على مصالحهم، وصار بدهم هزّة عصا بكركي”!
لا شك أنه كلام مسؤول من راعي إحدى الطوائف المؤسسة للبنان. ولكن يبدو أنه سها عن بال سيد الصرح البطريركي العديد من المحطات المؤلمة بين الموارنة ووقفت فيها بكركي شبه متفرجة، ولم تستخدم “عصا الطاعة” التي تحدّث عنها.
لماذا لم تظهر “عصا بكركي” عقب ارتكاب مجزرة إهدن في العام 1978 لتحاسب من ارتكبوها، وهم مسيحيون، لا بل موارنة “أقحاح”، كما يوصّف النائب السابق نعمة الله ابي نصر؟ لا بل يُقال إن الاجتماع العاصف الذي حصل بين بعض المسؤولين السياسيين في الطائفة تحت سقفها، قبل وقت قصير من حدوثها، هو الذي أوصل إلى ارتكاب المجزرة في إهدن من تلك السنة الكارثية على العلاقة بين الزعماء الموارنة!
وأين كانت عصا بكركي من مجزرة الصفرا ـ كسروان، التي حصلت في صيف العام 1980، وبين الموارنة تحديداً؟
وهل لعبت “عصا بكركي” تلك أي دور في الصراع العسكري بين قائد الجيش السابق (ورئيس الجمهورية لاحقاً) العماد ميشال عون ورئيس ميليشيا “القوات اللبنانية” (التي تحولت لاحقاً إلى حزب) سمير جعجع، والتي دخلت نتائجها الكارثية إلى معظم البيوت المسيحية، ولاسيما الموارنة منهم؟
هذا غيض من فيض الصراعات بين الزعماء الموارنة، لكن لعلها المرة الوحيدة التي لعبت فيها تلك “العصا” بعضاً من دور، وهي عندما التقى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مع سمير جعجع (المتهم بالمشاركة في مجزرة إهدن) في خريف العام 2018 تحت قبة بكركي، وتحت نظر البطريرك الراعي، ولكن بعد خطوة غير مسبوقة من فرنجية بالمسامحة، المنطلقة من عمق الدين المسيحي…
مع عدم إغفال أن التكاتف بين الزعماء الموارنة، وبعيداً عن أي “عصا”، يؤدي إلى نتائج بالغة الإيجابية.
وفي هذا الإطار لا يمكن نسيان، أن توافق الزعماء الموارنة (كميل شمعون، بيار الجميل وريمون إده) الذين شكلوا في العام 1968 “حلفاً ثلاثياً” في الانتخابات النيابية، قد نجحوا في إيصال النائب سليمان فرنجية من حلف الوسط إلى رئاسة الجمهورية عام 1970 مقابل المرشح الياس سركيس، المدعوم من “الشهابية” التي تحكمت بالحياة السياسية في لبنان منذ وصول القائد الأول للجيش اللبناني الجنرال فؤاد شهاب إلى رئاسة الجمهورية في العام 1958!














