| ناديا الحلاق |
تشهد منطقة رأس النبع في بيروت خلال الأيام الأخيرة موجة سرقات متصاعدة ومقلقة تشمل محركات المصاعد والدراجات النارية وحقائب المواطنين، ما دفع السكان إلى العيش في حالة من القلق المستمر والخوف اليومي.
المفارقة أن هذه الجرائم تقع على بعد أمتار قليلة من ثكنة عسكرية، الأمر الذي يثير استغراب الأهالي ويزيد من شعورهم بالعجز والاضطراب النفسي، خصوصاً مع بداية ساعات الليل، حيث تصبح الشوارع شبه خالية ويغلق السكان أبوابهم بإحكام، مستعدين لمواجهة أي محاولة سرقة محتملة.
في حادثة مقلقة شهدها شارع محمد الحوت، سُرقت ثلاثة محركات لمصاعد من مبانٍ سكنية خلال ساعات الليل الأولى. أحد السكان قال إنهم سمعوا أصواتاً غريبة داخل المبنى وعندما تحققوا وجدوا أن المحركات قد اختفت، مؤكداً أن العملية تمت بسرعة كبيرة وكأن اللصوص يعرفون كل زاوية وكل حركة في المبنى.
وأشار السكان إلى أن هذه السرقة الليلية تأتي ضمن سلسلة طويلة من حوادث النشل وسرقة الدراجات النارية والحقائب التي وقعت خلال الأسبوع الماضي، ما جعل المنطقة تعيش حالة رعب مستمرة، حتى أن الأهالي لا يفتحون أبوابهم لأي زائر إلا بعد التأكد منه بدقة.
روت السيدة منى إحدى سكان الحي، أنها تعيش حالة رعب عند خروجها من المنول وذلك بعد تعرضها لعملية نشل حقيبتها من السيارة اثناء ركنها أمام البناية، مشيرة إلى أن السكان لم يعودوا يسمعون صوتاً في الشارع بعد الغروب وكأنهم محاصرون داخل بيوتهم.
أما الشاب رامي فقد تعرض لسرقة دراجته النارية أمام البناية، حيث أظهر تسجيل كاميرات المراقبة أن شخصين سرقاها في غضون دقيقتين فقط، ما تركه في حالة القلق لدى اصحاب الدراجات النارية في المنطقة. وفي حادثة أخرى، تعرضت السيدة جمانة لسرقة حقيبتها و”لابتوب” أثناء محاولتها ركن سيارتها أمام منزلها، إذ اقترب شابان على دراجة وخطفا الاغراض وفرّا بسرعة، ولم تتمكن حتى من رؤية وجهيهما.
مصدر أمني مطلع أكد لموقع “الجريدة” أن قوى الأمن الداخلي فتحت تحقيقاً شاملاً في هذه السرقات، مشيراً إلى أنه تم تحديد بعض المشتبه فيهم ومراقبتهم بدقة، إضافة إلى تحليل تسجيلات كاميرات المراقبة وجمع شكاوى الأهالي لتسهيل التعرف على الجناة والقبض عليهم بسرعة.
وأوضح المصدر أن الوضع مرتبط بالضغوط الاقتصادية التي يمر بها لبنان، ما أدى إلى زيادة حالات السرقة في مناطق متعددة بما فيها رأس النبع، مشيراً إلى أن قوى الأمن بصدد تكثيف الدوريات الليلية في الشوارع التي شهدت السرقات الأخيرة، وتعزيز التعاون مع الأهالي وتشجيعهم على تركيب كاميرات مراقبة إضافية في الأبنية والشوارع، بهدف تعزيز قدرة الأجهزة الأمنية على ردع المجرمين بشكل فعال.
وأضاف المصدر أن الهدف من هذه التدابير هو إعادة الشعور بالأمان إلى السكان وطمأنتهم بأن الدولة تعمل على حمايتهم، رغم التحديات الراهنة.
كما شدد المصدر الأمني على ضرورة أن تقوم بلدية بيروت بتسيير دوريات منتظمة في شوارع رأس النبع، بالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي، للمساعدة في ضبط الوضع الأمني والحد من السرقات المتكررة.
وأوضح أن وجود فرق البلدية في الميدان يسهم في رصد أي تحركات مريبة بشكل أسرع، ويساعد في تعزيز الشعور بالأمان لدى السكان، إلى جانب دورها في متابعة الإنارة العامة وصيانة كاميرات المراقبة في الشوارع الفرعية، ما يشكّل خط دفاع إضافي في مواجهة موجة السرقات التي تشهدها المنطقة مؤخراً.
رغم قرب المنطقة من ثكنة الجيش اللبناني، يشعر الأهالي بأن الشارع أصبح غير آمن ويعيشون تحت ضغط مستمر من احتمال التعرض للسرقة في أي لحظة، حتى أثناء النهار. أحد السكان قال: “المفارقة المحزنة أن هذه الجرائم تحدث على بعد أمتار من ثكنة للجيش، واللصوص لا يبالون للدولة ولا يخشون ردة فعلها. نشعر بالعجز والرعب في آن واحد”.
ويبدو أن الوضع في رأس النبع أصبح نموذجاً مؤلماً لغياب الأمن، ويطرح تساؤلات جدية حول فعالية التدابير الأمنية في المناطق السكنية المحيطة بالثكنات العسكرية، ويجعل السكان يخططون لمزيد من الحذر ليلاً ونهاراً خشية أن يكونوا الضحية التالية.
للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” إضغط على الرابط
https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2?mode=ac_t














