
| عمر نشابة |
جيش العدو الإسرائيلي خطف منذ عام 2024 شباباً من جنوب لبنان (وشاباً من البترون في عملية «كوماندوس» استعراضية)، ولا يعرف ذووهم عنهم وعن أوضاعهم الصحية شيئاً، فيما لم يتمكن «الصليب الأحمر الدولي» حتى اليوم مقابلتهم ونقل رسائل منهم أو تسليمهم رسائل من أمهاتهم وزوجاتهم وأولادهم وأقاربهم، كما يكفل القانون الدولي الإنساني.
والعدو لا يزال يرفض تقديم حتى أبسط المعلومات البديهية عن المخطوفين اللبنانيين الذين يمكن عدّ بعضهم مدنيين مخطوفين قسراً والبعض الآخر أسرى حرب يُحدِّد القانون الدولي الإنساني قواعد التعامل معهم، ويوجب إطلاق سراحهم فور وقف الأعمال العدائية، من دون تأخير.
سنعرض في الآتي معلومات جمعناها عن المخطوفين والأسرى، ثم سنتناول المعايير والقواعد القانونية الدولية للتعامل معهم، ونختم بما يمكن القيام به على المستوى الرسمي والإعلامي لمناصرتهم والعمل على تحريرهم.
من هم الأسرى والمخطوفون اللبنانيون في معتقلات العدو الإسرائيلي؟
لنبدأ بالمدنيين الذين خطفهم جيش العدو الإسرائيلي بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار أو ما يسمى بوقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني 2024:
1 – علي ناصر يونس (1992)، من مدينة الهرمل.
2 – (خالُه) فؤاد حبيب قطايا (1982) من القصر. يعملان في تركيب الألمنيوم والخشب. اختُطفا في وادي الحجير في 19 كانون الأول 2024، وهما في طريقهما إلى ورشة في بلدة شقرا.
3 – حسين أمين كركي (1989)، من خربة سلم. مدني اختُطف في مركبا في 26 كانون الثاني 2025. روَت شقيقته، فاطمة كركي، لـ«المفكرة القانونية»، أن جنوداً إسرائيليين فتحوا النار على حسين، حينما كان برفقتها ووالدته تمارا الشحيمي، ومعهم ربيع زراقط وطفلاه. فأُصيب حسين في يده، ثم تكرّر إطلاق النار، فاستُشهدت والدته وأُصيب حسين في ظهره، أمام عينيها (أي فاطمة). كما قتل الجيش الإسرائيلي ربيع زراقط. وبعد منعه إسعاف حسين، عمد إلى اختطافه.
4 – حسن أحمد حمود (1985). مدني خطفه الجيش الإسرائيلي من منزله في الطيبة، عند الساعة الخامسة من فجر يوم 27 كانون الثاني 2025، ثم أضرم النار فيه.
5 – علي حسان ترحيني (2006)، من جبشيت. طالب مهني BT3 تربية مدنية. كان من المفترض أن يخضع لامتحانات رسمية، لكن اعتقاله حال دون ذلك. أُصيب في العديسة في 28 كانون الثاني 2025 برصاصة متفجّرة في ظهره خرجت من بطنه، ولم يسمح الجيش الإسرائيلي لفرق الإسعاف بالوصول إليه، قبل اقتياده جريحاً إلى معتقل الرملة.
6 – محمد علي جهير (1991)، من الناقورة. صياد سمك خُطف من مركبه في بحر الناقورة في 2 شباط 2025.
7 – علي محمد فنيش (1990)، من معروب. صياد سمك خُطف من مركبه في بحر الناقورة في 4 حزيران 2025.
8 – مرتضى حسن مهنا (1983). موظف في بلدية مارون الراس. عاد إلى منزله في أطراف بلدة بنت جبيل من جهة مارون الراس، ليتفاجأ بدخول دورية إسرائيلية، واقتحامها منزله واختطافها إياه في 16 شباط 2025. وُجدت آثار دماء داخل المنزل، ولا يزال مصيره مجهولاً إلى الآن.
9 – ماهر فارس حمدان (1994)، من شبعا. راعي غنم خُطف قرب بلدته شبعا في 7 حزيران 2025.
اللبنانيون الذين خطفوا قبل إعلان وقف إطلاق النار، هم:
10 – عماد فاضل أمهز (1986)، من الكواخ البقاعية. قبطان سفينة شحن تجارية. خُطف من شقته السكنية في البترون في عملية «كوماندوس»، في 1 تشرين الثاني 2024.
11 – محمد عبد الكريم جواد (1994)، من عيتا الشعب. مُمرّض في مستشفى جويا. خُطف في عيتا الشعب في عام 2024.
اللبنانيون الذي أُسروا وهم يدافعون عن الأرض والوطن، هم:
12 – إبراهيم منيف الخليل (1990)، من عيتا الشعب. أُسر في عيتا الشعب في 15 تشرين الأول 2024.
13 – يوسف موسى عبدالله (1986)، من البابلية. أُسر في عيتا الشعب في تشرين الأول 2024.
14 – حسين علي شريف (1990)، من اليمونة. أُسر في عيتا الشعب في تشرين الأول 2024.
15 – وضاح كامل يونس (1971)، من حولا. أُسر في بليدا في تشرين الأول 2024.
16 – حسن عقيل جواد (1987). أُسر في عيتا الشعب في 15 تشرين الأول 2024.
17 – هادي مصطفى عساف (1990)، من الديابية. أُسر في عيتا الشعب عام 2024.
18 – عبدالله خضر فهدة (2002)، من القصر. أُسر في تشرين الأول 2024.
19 – علي قاسم عساف (1999)، من الهرمل. أُسر في عيتا الشعب في تشرين الأول 2024.
وتبين في الأسبوع الفائت أن هناك مُسعفَين قد يكونان أيضاً من بين اللبنانيين الذين اختطفهم العدو، هما:
20 – حسن يوسف قشقوش. ممرض ومسعف. خُطف في عيتا الشعب في تموز 2024. نشر شقيق أحد الأسرى الفلسطينيين المُحرَّرين قائمة بأسماء الأسرى الذين كانوا مع شقيقه في معتقلات عوفر وعسقلان ونفحة، وكان من بينهم الممرض حسن قشقوش. وأفاد الأسير المُحرَّر أيضاً أنه شاهد قشقوش مع الأسير علي حسان ترحيني.
21 – علاء فارس (مفقود). ممرض آخر كان قد فُقد مع حسن يوسف قشقوش، وربما اختطف معه استناداً إلى معلومات من الأسير الفلسطيني المُحرَّر.
يذكر أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلي كشفت في آب الماضي تفاصيل عن جناح سري في سجن أيالون بمدينة الرملة المحتلة يُحتجَز فيه الشباب الذين يتّهمونهم بالانتماء إلى حزب الله وحركة «حماس». الجناح السري يدعى «راكيفيت» ويتعرض فيه الأسرى والمخطوفون إلى أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
المعايير والقواعد القانونية الدولية
اتفاقيات جنيف لعام (1949)، وبشكل خاص اتفاقية جنيف الثالثة، والبروتوكولات الإضافية، تهدف إلى حماية كرامة أسرى الحرب أثناء احتجازهم.
ماذا يعني ذلك؟
أولاً، تجريم كل أنواع التعذيب الجسدي والنفسي للأسرى، ومنع إخضاعهم لأي شكل من أشكال الإذلال أو الانتقام.
ثانياً، تأمين الرعاية الطبية المناسبة لهم من دون إبطاء أو تلكؤ (المادة 13 اتفاقية جنيف الثالثة).
ثالثاً، توفير طعام وماء كافٍ ومكان يليق بالإنسان، فبحسب القانون الدولي الإنساني يفترض أن تكون ظروف الاحتجاز مشابهة لتلك التي يتمتع بها جنود الدولة الآسرة (المادة 25 اتفاقية جنيف الثالثة).
رابعاً، يفترض إعلام «الصليب الأحمر الدولي» بمكان احتجازهم والسماح لهم بإرسال وتلقي الرسائل من ذويهم عبر «الصليب الأحمر الدولي» (المادة 70 اتفاقية جنيف الثالثة).
خامساً، يحق لهم ممارسة شعائرهم الدينية (المادة 34 اتفاقية جنيف الثالثة).
سادساً، يفترض فك احتجازهم من دون أي تأخير فور انتهاء الأعمال العدائية الفعلية (المادة 118 اتفاقية جنيف الثالثة).
أما بالنسبة إلى خطف المدنيين اللبنانيين، فيُعدّ جريمة خطيرة بموجب القانون الدولي، بالاستناد إلى الآتي:
– اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب، تحظر «الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، بخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وأخذ الرهائن» (المادة 3). ولا شك أن خطف المدنيين هو أخذ رهائن ونوع من أنواع الاحتجاز التعسفي، و(المادة 34) من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أن «أخذ الرهائن محظور بأي حال من الأحوال».
– (المادة 75) من البروتوكول الإضافي الأول (1977) تحظر الاعتقال التعسفي وأخذ الرهائن والاختفاء القسري والمعاملة اللاإنسانية.
– (المادة 8) من نظام روما الأساسي لـ«المحكمة الجنائية الدولية» (1998) تنص على أن من بين جرائم الحرب «أخذ الرهائن أو اختطاف المدنيين أثناء نزاع مسلح دولي أو غير دولي». وهذا يعني أن مرتكبي الخطف يمكن محاكمتهم أمام «المحكمة الجنائية الدولية».
– (القاعدة 96) من قواعد «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» تحظر «أخذ الرهائن في جميع النزاعات المسلحة». وعلى كل الدول احترام هذه القواعد، لأنها تُعدّ قواعد عرفية ملزمة للجميع.
ما العمل؟
يوم الإثنين 20 تشرين الأول الجاري، سلّم وفدٌ من ذوي المخطوفين والأسرى برفقة «الجمعية اللبنانية للأسرى والمحررين»، مذكرة رسمية لرئيسة بعثة «الصليب الأحمر الدولي» في بيروت، طالبوا فيها بمعرفة مصير أبنائهم وضمان التحقّق من أماكن الاحتجاز وظروفه والتواصل معهم.
ووثّقت المذكرة ما يتعرض له الأسرى والمختطفون منذ اللحظة الأولى لاحتجازهم: «تعذيب جسدي ونفسي يشمل الضرب والتفتيش العاري والتهديد، حرمان من الاحتياجات الأساسية، ولا سيما الماء والغذاء، مع نقص شديد في مُقوِّمات الحياة، إهمال طبي مُتعمَّد وغياب رعاية صحية كافية، عقوبات جماعية تطال الأسرى وعائلاتهم، اعتقالات عشوائية من دون تمييز بين مقاومين ومدنيين وفي ظروف غير إنسانية، ومنع زيارات الصليب الأحمر الدولي وحرمان الأسرى من التواصل مع أهلهم ومحامين يتولّون متابعة أوضاعهم القانونية».
أما الدولة اللبنانية التي يفترض أن تكون الجهة الأساسية المعنية بحماية المواطنين اللبنانيين، فيمكنها القيام بخطوات قانونية دولية وديبلوماسية وقضائية وسياسية وإعلامية. لكنها لم تحرك حتى اليوم ساكناً، بل اكتفت بالإدانات والبيانات والكلام الفارغ وكأنها غير معنية بالأمر.
في إطار الإجراءات القانونية الدولية، يمكن أن تقوم مؤسسات الدولة بداية بتوثيق دقيق لجرائم الخطف وعمليات الأسر والطلب رسمياً من «الصليب الأحمر الدولي» إتاحة التواصل مع الأسرى والمختطفين. ويمكن تقديم شكاوى أمام مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان في جنيف والأمين العام للأمم المتحدة.
في إطار الإجراءات الديبلوماسية، من الممكن أن تطلق الحكومة حملة تضامن عالمية مع المدنيين اللبنانيين المختطفين وترفع صورهم في المحافل الدولية وفي السفارات وتملأ الفضاء الإعلامي المرئي والإلكتروني والمطبوع بمناشدات للتضامن معهم، بهدف الضغط على حلفاء الكيان الإسرائيلي المجرم والمطبعين معه والحث على تحريرهم.
في إطار الإجراءات القضائية الدولية، يمكن رفع قضية ضد الكيان الإسرائيلي في «محكمة العدل الدولية». كما يمكن طلب فتح تحقيق دولي في «المحكمة الجنائية الدولية».
في الإطار السياسي الداخلي، يمكن عقد جلسة طارئة لمجلسَي النواب والوزراء لوضع خطة وطنية لتحرير المخطوفين اللبنانيين في معتقلات العدو الإسرائيلي.
ختاماً، نُذكِّر بأن لا قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425 حرر الجنوب في عام 2000، ولا الإجراءات الديبلوماسية والسياسية حرّرت الأسرى اللبنانيين من المعتقلات الإسرائيلية في السابق، بل وحده الكفاح المسلح والمقاومة وصمود أهل الجنوب وتمسكهم بحقوقهم، حرّر الأسرى وحرّر لبنان واللبنانيين.
لماذا؟ لأن هذا العدو لا يفهم ولا يستجيب إلا للغة القوة.














