
اعتبرت مصادر مطلعة أن لا جديد في تصريحات المبعوث الاميركي توم برّاك، فهو يكرر بشفافية تامة مواقف دولة الاحتلال، ولا يتحدث كوسيط نزيه، لكنه يدشن مرحلة جديدة من الضغوط القصوى على لبنان، للاستفادة من الموجة العالية لوقف النار المترنح في قطاع غزة، من دون أن يعني ذلك حصول ترجمة عملية لمواقفه قريباً، في ظل شكوك في وجود نية اسرائيلية بشن حرب واسعة في المدى المنظور، بما ان الواقع الميداني الراهن مناسب جداً لاستراتيجيتها القائمة على مواصلة الضغط بالنار من دون أن تدفع أي ثمن في المقابل، تمهيدا لرفع متدرج لا يصل إلى حد الانفجار الكبير، على ان تتدخل واشنطن لاحقاً لفرض تفاوض مباشر على لبنان “المنهك” أمنياً واقتصادياً، للوصول إلى اتفاق “إذعان” يؤمن مصالحها الامنية أولاً، فيما لا تبدو مهتمة بأي اتفاق سياسي لم يعد ضمن أولوياتها راهناً.
ورأت صحيفة “الديار” أنه في هذا السياق، جاءت مبادرة رئيس الجمهورية جوزاف عون كمحاولة “لاستدراج” الولايات المتحدة إلى مربع جديد، يخرجها من حالة المراوحة التي ارتضت لنفسها به، عندما تنازلت عن دورها كضامن لاتفاق وقف النار.
وإذا كان الرئيس عون قد نجح في تحصين موقفه داخلياً، بوضع شروط محددة لهذا التفاوض الذي يحمي السيادة اللبنانية، ويعيد الاستقرار إلى البلاد دون الذهاب إلى اتفاق سياسي، إلا ان الموقف السلبي الاميركي كان مفاجئاً بحديته، بعدما جاء الجواب من توم برّاك واضحاً لجهة عدم القدرة على تسويق اقتراح مماثل في “إسرائيل”، التي عادت وأكدت للمبعوث الأميركي انها غير معنية باي عملية تفاوض راهناً، وما هو مطلوب من السلطات اللبنانية لا يقبل التفاوض، وهو نزع سلاح “حزب الله” أولاً، وبعد ذلك يمكن البحث في مستقبل العلاقات، مع اصرار حاسم على عدم التراجع عن استمرار الخروقات الحالية، التي تعتبرها “إسرائيل” جزءا من استراتيجية منع “حزب الله” من التعافي.
وفي هذا الاطار، لا يبدو ان في نية رئيس الجمهورية “الاستسلام” لـ”القضاء والقدر” الاسرائيلي، وهو يعول على تسلم السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى مهامه مطلع الشهر المقبل، لمحاولة “كسر الجليد” الاميركي.
ونقلت “الديار عن مصادر سياسية بارزة، أنه سبق وتواصل عون مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وكذلك مع القيادة السعودية، في محاولة لانعاش المسار التفاوضي. وبعد ان اتضح ان قدرات باريس والرياض في تعديل الموقف الاميركي ضعيفة، ثمة محاولة جدية يعمل عليها بعض الاصدقاء المقربين باتجاه قطر، كدولة راعية للكثير من عمليات التفاوض السابقة، واذا تبلور موقف واضح مع القطريين، فان ثمة بصيص امل في فتح “كوة في الجدار” الاميركي، باعتبار ان للدور القطري وزنا مختلفا داخل البيت الابيض، وقد تنطلق الجهود جديا بعد فترة قد لا تتعدى الشهر المقبل، إذا صمد الاتفاق في غزة!














