الأربعاء, ديسمبر 10, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةشريط الاحداثتنافس على زعامة الساحل ومشاريعُ انفصال | أبناء النظام السابق: صراعات في...

تنافس على زعامة الساحل ومشاريعُ انفصال | أبناء النظام السابق: صراعات في المنفى

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| سامر م. حدادين |

عادت بعض وجوه النظام السوري السابق لتلعب أدواراً جديدة، مع بدء استيعاب فئة رجال الأعمال ضمن التركيبة الانتقالية، في حين ينشط آخرون من وراء الحدود. ومن بين العائدين، برز اسم القائد السابق في قوات «الدفاع الوطني»، فادي صقر، إلى جانب طلال مخلوف، الذي شغل قيادة «الحرس الجمهوري» ومن ثمّ إدارة المكتب العسكري للرئيس السابق بشار الأسد. وبموجب تسوية مع الحكومة الانتقالية، كُلّف صقر مهمَّةَ تهدئة الغضب الشعبي المتصاعد في مناطق الساحل، ومحاولة إقناع المجتمع المحلّي هناك بالتطبيع مع السلطة الجديدة، في حين تبدو حكاية مخلوف أكثر تعقيداً، كونه كان مقرّباً من أسماء الأسد، وتولّى إدارة المكتب العسكري، تحت إشرافها المباشر.

وبرز اسم مخلوف إبّان سلسلة عمليات الإقصاء داخل الجيش، حيث استُبعد عدد من كبار الضباط، من مثل اللواء رمضان رمضان، وجمال يونس، لصالح ضباط حديثي التعيين، ما تسبّب في كسر التراتبية العسكرية التقليدية؛ علماً أن تلك القرارات صَدرت بتوجيه مباشر من أسماء الأسد التي أرادت إبعاد المشاركين في المعارك، ضمن ما أُطلق عليه يومها، «تنظيف النظام من وجوه الحرب».

وفي وقت لاحق، أسهم مخلوف في عملية تهميش شخصيات مؤثّرة من قادة الفرق العسكرية البارزة، ولا سيما الضابط الشهير سهيل الحسن، وذلك بالتنسيق مع جهاز المخابرات العسكرية، الذي تولّى في حينه اعتقال عدد من ضباط «الفرقة الـ25». ومع اشتداد المعارك، خلال الأيام التي سبقت سقوط النظام، تحدّث قادة ميدانيون عن أوامر انسحاب صدرت عن مخلوف شخصيّاً، ما أثار شكوكاً حول تورّطه في تسهيل سقوط النظام بالتنسيق مع أجهزة استخبارات أجنبية، بينما ذهب آخرون إلى القول إنه نفّذ أوامر الأسد (الرئيس).

إرث الدولة الأمنية

ورث بشار الأسد دولة أمنية معقّدة، هندسها والده الراحل حافظ الأسد على مدى عقود، معتمداً على تغذية التنافس بين الأجهزة الأمنية لضمان الولاء المطلق. لكن هذا البناء بدأ يتصدّع اعتباراً من عام 2019، حين أُدخلت تغييرات هيكلية كبيرة عليه؛ فعُيِّن اللواء كفاح ملحم رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية، ثم رئيساً لمكتب الأمن الوطني، خلفاً للواء علي المملوك، فيما تولّى اللواء غسان إسماعيل (نسيب كفاح ملحم) إدارة المخابرات الجوية، ثمّ وثّقا علاقتهما مع مدير المخابرات العامة اللواء حسام لوقا، ووزير الداخلية السابق محمد رحمون، في ما مثّل انقلاباً على المعادلة الأمنية التي أرساها الأسد الأب.

وفي هذه الأثناء، طفى اسم اللواء كمال الحسن، الذي تنقّل، خلال ثلاث سنوات فقط، من رئاسة فرع «فلسطين 235»، إلى رئاسة فرع «المنطقة 227»، ثم إلى نيابة رئاسة شعبة المخابرات العسكرية، قبل أن يصبح رئيسها في عام 2024. وقد أثار صعوده المفاجئ، شكوكاً كثيرة، خصوصاً وأنه كان يتلقّى دعماً كبيراً ومباشراً من قريبه خضر علي طاهر، المعروف بـ«أبو علي خضر»، الذي يُعدّ ذراع النظام المالية.

الهروب الكبير

قبل ساعات من سقوط النظام، غادر كبار رموزه البلاد، متّجهين إلى روسيا، لبنان، الإمارات، إيران، العراق والأردن، حيث أقاموا وعائلاتهم تحت إشراف أجهزة الاستخبارات في غالبية تلك الدول؛ غير أن المنفى الإجباري، أشعل الخلافات في ما بين أولئك جميعاً. ووفقاً لمصادر مطلعة، تحالف الضابط سهيل الحسن ومعه مجموعة ضباط، مع رجل الأعمال رامي مخلوف، لتثبيت زعامة محلّية في الساحل السوري، تقوم على توفير مساعدات مالية وعينية لآلاف العائلات المتضرّرة بفعل سقوط النظام، ممَّن طُرد أفرادها من الجيش والمؤسسات الرسمية. كذلك، عُقدت تحالفات ضيّقة، عبر الاستعانة بضباط سابقين وقادة مجموعات مدنية كانت تقاتل إلى جانب الجيش المنحلّ.

وينقل مقرّبون من هؤلاء، عنهم، قولهم إنهم يرفضون التعاون مع شخصيات كبيرة من النظام السابق، في ظلّ تحميل الشخصيات المسؤولية عن انهيار الدولة اقتصاديّاً وعسكريّاً، متّهمين منافسهم، كمال الحسن، بعقد تحالف خاص مع القائد السابق للفرقة الرابعة، شقيق الرئيس السوري اللواء ماهر الأسد، وأنهما يعملان على بناء شبكة نفوذ محلّية، فيما تُتداول أنباء عن حركة نشطة لكمال الحسن بين روسيا والإمارات ولبنان، بموجب جواز سفر روسي خاص.

وبدت لافتة عودة كمال الحسن إلى المشهد العام، عبر واجهة مدنية تحمل اسم «منظمة إنماء سوريا الغربية»، التي تنشط في تقديم مساعدات مالية وإنسانية لمئات من العائلات العلوية التي فرّت إلى لبنان عقب سقوط النظام. ورافقت هذا النشاطَ حملة إعلامية، تقودها منظومة علاقات عامّة وإعلام يديرها «م.ش»، أحد المقرّبين السابقين من كمال الحسن، والذي يتّخذ من بيروت مقرّاً له. على أن الظهور المتزامن للمنظمة والآلة الإعلامية المرتبطة بها، أثارا شكوكاً واسعة حول مصادر تمويلها، خصوصاً أن هذه الأنشطة تزامنت مع تحرّكات سياسية غير معلنة لكمال الحسن بين موسكو وأبو ظبي.

ووسط غياب الشفافية، تزايدت الأسئلة في أوساط النخبة العلوية، عن تلك المنظمة التي يُظهر اسمها نوايا انفصالية، وما إذا كانت مجرّد غطاء لتحرّكات سياسية مدعومة خارجيّاً، خصوصاً بعدما وُجّهت اتهامات صريحة بتنسيقٍ خفيّ بين كمال الحسن وأجهزة استخبارات أجنبية، وصولاً إلى ما قيل عن اتصالات بدأت بينه وبين الفريق المقرّب من الشيخ حكمت الهَجري في السويداء، وعن أن الأخير أمّن تواصلاً للحسن مع الإسرائيليين.

في هذا الوقت، تدور معارك إعلامية علنية بين هذه الأطراف على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن اتهامات وجّهها رجل الأعمال رامي مخلوف، عبر «فايسبوك»، إلى كمال الحسن، بالاستغلال الشخصي، وخداع سكان الساحل. وفيما تراقب موسكو من بعد هذه الأنشطة على أراضيها، يرى مراقبون أنها تسعى إلى الاحتفاظ بأوراق تستخدمها، عند الحاجة، للضغط على الحكومة الانتقالية، لتعديل مواقف أو ضمان مصالح استراتيجية في الملف السوري.

أين بشار الأسد من المعادلة الجديدة؟

وسط هذا الضجيج، يبقى السؤال الأساسي حول دور الرئيس السابق، بشار الأسد، خصوصاً أنه منقطع عن الإعلام، ويتردّد أنه يتواصل مع عدد قليل من أصدقائه في سوريا ولبنان، فيما طرح غيابه عن المشهد، أسئلة عمّا إذا كان مغيّباً قسراً، رغبة منه في تجنّب الظهور ضمن معادلات لا يملك فيها النفوذ المناسب.

وفي الحالتين، فإن المشهد يُترك مفتوحاً لتحوّلات ما بعد الأسد، حيث تتصارع مراكز قوى جديدة، وتتقاطع المصالح بين الداخل والخارج، من دون وجود مرجعية واحدة تضبط الإيقاع. لكن الأخطر، أن هذه التحوّلات ليست محصورة في أوساط النخبة المنفية أو الأمنية، بل بدأت تنعكس بشكل مباشر على البنية الاجتماعية السورية، ولا سيما في أوساط الأقليات، حيث يترافق التنازع على النفوذ مع حملات تخوين، وإعلانات عن مشاريع موازية ذات طابع مناطقي وطائفي، في ما يهدّد بمجمله بتفكّك العقد الاجتماعي المهلهل أصلاً.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img