الجمعة, ديسمبر 5, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderالأقساط المدرسية والجامعية تحلّق: من يوقف "تجّار" التعليم الخاص؟

الأقساط المدرسية والجامعية تحلّق: من يوقف “تجّار” التعليم الخاص؟

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| ناديا الحلاق |

مع انطلاق العام الدراسي 2025-2026، تعود قضية ارتفاع الأقساط في الجامعات والمدارس الخاصة إلى الواجهة، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تطال معظم الأسر اللبنانية. وبينما تتذرّع إدارات الجامعات والمدارس بحاجة المعلمين إلى “رواتب عادلة”، يرى المعلمون أن وعود التحسين لم تُترجم فعليًا، فيما تشير مصادر في وزارة التربية إلى عجز فعلي في الرقابة على الموازنات الجامعية والمدرسية.

 

زيادات بين 20 و35% على الأقساط

بحسب المعلومات المتوفرة لموقع “الجريدة”، فإن الزيادات على الأقساط الجامعية والمدرسية للعام الدراسي الحالي، تراوحت فعلياً بين 20 و35% في عدد كبير من الجامعات والمدارس الخاصة، رغم دعوات نقابة أصحاب المدارس الخاصة إلى حصرها بسقف 25%. وقد تجاوزت بعض المؤسسات هذا السقف بحجج متعددة، منها تغطية الأكلاف التشغيلية الجديدة والامتثال لقانون 12/2025، ما فاقم الضغوط على الأهالي الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن مواجهة تصاعد التكاليف، من دون أن يقابل ذلك تحسّن ملموس في مستوى التعليم أو أوضاع المعلمين.

 

إدارات المدارس: الزيادة جزء من خطة تصحيح مستمرة

في هذا السياق، أوضح الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر، أن الزيادة على الأقساط ليست عشوائية، بل تندرج في إطار خطة متدرجة بدأ تنفيذها منذ العام 2021، بعد الانهيار الحاد في قيمة الليرة اللبنانية.

وقال نصر “:منذ بداية الأزمة، عندما أصبحت رواتب المعلمين لا تتجاوز 20 دولاراً شهرياً، بدأنا بدفع مبالغ مقطوعة بين 100 و400 دولار، ثم أضفناها تدريجياً إلى الراتب الأساسي. وصلنا إلى تصحيح بنسبة 35%، ثم إلى 60% في العام الماضي، ونحن نتّجه هذا العام إلى تصحيح يصل إلى نحو 70% كمتوسط عام”.

وأشار إلى أن “هذا المعدل يختلف بين مدرسة وأخرى تبعًا للقدرة المالية والبيئة الاجتماعية”، موضحًا أن بعض المدارس قد لا تتجاوز 50%، في حين قد تصل أخرى إلى 75%.

وأضاف: “من دون راتب كريم، لا يمكن للمعلم أن يؤدي رسالته. تحسين أوضاع المعلمين ليس ترفًا بل ضرورة لبقاء التعليم في لبنان”.

 

قانون 12/2025: عامل إضافي لزيادة الكلفة

وأكد نصر أن أحد أبرز أسباب الزيادة في الأقساط هو الاستعداد لتطبيق قانون 12/2025، الذي يبدأ العمل به في الأول من تشرين الأول المقبل، ويُلزم المدارس بالتصريح عن مجمل الرواتب والمساعدات، سواء بالليرة أو بالدولار، واحتساب كافة الاشتراكات والضرائب على هذا الأساس.

وأضاف: “في السابق، كانت الاشتراكات تُحتسب فقط على الراتب بالليرة. أما اليوم، فستُفرض نسب إضافية: 6% لصندوق التعويضات من المدرسة و6% من المعلم، و8% للضمان الاجتماعي من المدرسة و3% من المعلم، بالإضافة إلى ضريبة الدخل التي تُقتطع مباشرة من راتب المعلم”.

وتابع نصر: “قد تصل هذه المحسومات إلى 150 دولاراً من راتب مقداره 1000 دولار، ما يستوجب تعويضه، كما أن المدارس ستتكبّد كلفة إضافية نتيجة هذه الاقتطاعات”.

ورغم هذه التحديات، شدّد نصر على أن النقابة “حريصة على إبقاء الزيادات ضمن سقف 25% كمعدل عام، مع تفاوت بحسب المدرسة”.

وناشد نصر إدارات المدارس “ألا تتجاوز هذه النسبة، حفاظاً على التوازن بين حقوق المعلمين وقدرة الأهالي على التحمل”.

 

المعلمون: نسمع عن زيادات… ولا نراها

في المقابل، يرى عدد من المعلّمين أن هذه الزيادات على الأقساط لم تنعكس فعلياً على رواتبهم أو أوضاعهم المعيشية، مؤكدين أن المعلم لا يزال الحلقة الأضعف في القطاع.

يقول أحد المعلمين في مدرسة خاصة: “كل عام نسمع أن الزيادة على الأقساط هي لتحسين رواتبنا، لكن المعاشات ما زالت كما هي. لا تغطية صحية، لا بدل نقل كافٍ، ولا راتب يفي بالحاجات الأساسية”.

ويضيف: “المدارس تستخدم اسم المعلم لتبرير الزيادات، لكن الحقيقة أننا لا نستفيد فعلياً. نطالب بالشفافية وبآلية رقابة حقيقية تضمن أن حصة من هذه الزيادات تصل إلينا”.

ويؤكد أنه “لا يمكن الحديث عن جودة التعليم طالما المعلم غير مرتاح. استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى مزيد من الهجرة والانهيار في الجسم التربوي”.

 

الوزارة: غياب الرقابة سببه نقص الموارد

من جهته، كشف مصدر في وزارة التربية والتعليم العالي لموقع “الجريدة” أن مراقبة الموازنات المدرسية في القطاع الخاص “تكاد تكون مستحيلة حالياً، نظرًا للفارق الكبير بين حجم العمل والقدرات الإدارية المتاحة”.

وقال المصدر: “عدد موظفي مصلحة التعليم الخاص لا يتجاوز السبعة، بينما هناك أكثر من سبعة آلاف مدرسة خاصة في لبنان. من غير الواقعي أن يتمكن هذا العدد من التدقيق الفعلي في كل الموازنات أو متابعة الشكاوى والزيادات”.

وأضاف أن “أعمال الرقابة تتطلب وقتاً وخبرة ومتابعة ميدانية مستمرة، وهي غير ممكنة في ظل الإمكانات الحالية، ما يفتح المجال أمام ثغرات في الشفافية وغياب المحاسبة في عدد كبير من المؤسسات”.

وتابع: “نحتاج إلى خطة لإعادة هيكلة مصلحة التعليم الخاص، وتوسيع الكادر البشري، وتطوير أدوات رقمية متقدمة للتدقيق والمراقبة، حتى تتمكن الوزارة من لعب دورها الحقيقي في تنظيم العلاقة بين المدارس والمعلمين والأهالي”.

 

بين النية والتنفيذ… من يضمن الإنصاف؟

رغم التأكيدات الرسمية بأن زيادة الأقساط تهدف إلى حماية المعلم وتطبيق القوانين، إلا أن الواقع الميداني يُظهر فجوة واضحة بين ما يُقال وما يُنفذ. ومع غياب آليات رقابة فاعلة، وغياب الشفافية في كثير من الموازنات، يبقى المعلم والأهل معاً في مرمى الأزمة، وسط نظام تربوي يفتقر إلى الأدوات التي تضمن العدالة والفعالية.

 

الجامعات الخاصة: التحديات تمتد إلى التعليم العالي

ولا تقتصر أزمة ارتفاع التكاليف التعليمية على المدارس الخاصة فقط، بل تمتدّ لتشمل الجامعات الخاصة، التي شهدت بدورها زيادات كبيرة في الأقساط مع انطلاق العام الجامعي 2025 ـ 2026. فبعدما أصبحت معظم الأقساط تُحتسب بالدولار، بات الحد الأدنى للفصل في عدد من الاختصاصات يتجاوز الـ8000 دولار سنوياً، ما جعل التعليم الجامعي خارج متناول شريحة واسعة من الطلاب اللبنانيين.

وفي هذا السياق، يشكو الطلاب من غياب أي خطط دعم أو منح دراسية جامعية كافية، ما أدى إلى تراجع كبير في معدلات التسجيل، خاصة في الاختصاصات التي تتطلب حضوراً ميدانياً أو تجهيزات مخبرية.

ويقول أحد الطلاب: “كل سنة ترتفع الأقساط، لكن لا نرى تطويراً حقيقياً في الخدمات أو جودة التعليم. التسجيل بات تحدياً حقيقياً حتى للطبقة المتوسطة”.

وفي ظل غياب الرقابة على الموازنات الجامعية، وعدم وجود سياسة رسمية للتعليم العالي تراعي الواقع الاقتصادي للبلد، تتجه الأزمة نحو المزيد من التفاقم، مع تزايد عدد الطلاب الذين يضطرون إلى تأجيل دراستهم أو البحث عن بدائل خارج لبنان، إذا توفرت.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتس اب” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_copy_c

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img