السبت, ديسمبر 6, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderهل استوفى العاملون الحدّ الأدنى للأجور؟

هل استوفى العاملون الحدّ الأدنى للأجور؟

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| ناديا الحلاق |

مع دخول مرسوم رفع الحد الأدنى للأجور في لبنان حيز التنفيذ مطلع آب 2025، والذي ينصّ على إلزام أصحاب العمل بدفع 28 مليون ليرة لبنانية شهرياً كحد أدنى، يُفترض أن يكون هذا التعديل القانوني محطة إيجابية للعاملين في القطاع الخاص وسط الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. لكن، يبقى السؤال المطروح: هل سيطبق المرسوم فعلياً؟ وهل سيلتزم أصحاب العمل بروحه ونصّه؟ أم أن التطبيق سيقتصر لدى بعض الشركات على التصريحات الورقية من دون أن ينعكس على رواتب الموظفين بشكل ملموس؟.

في هذا السياق، أوضح رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، لموقع “الجريدة” أن “جميع المؤسسات والشركات أصبحت ملزمة بتطبيق الحد الأدنى الجديد للأجر ابتداءً من الشهر الذي يلي تاريخ نشر المرسوم، وذلك التزاماً بالقوانين المرعية الإجراء، خصوصاً في ما يتعلق بالتصريح عن الأجور ودفع المستحقات إلى الجهات الرسمية”.

وأكد الأسمر أن “القانون يفرض على أصحاب العمل التصريح الفوري عن الأجر الحقيقي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ودفع الاشتراكات على أساس الحد الأدنى الجديد، إضافة إلى التصريح لوزارة المالية وتسديد كامل المتوجبات من ضرائب ورسوم وضريبة دخل وفق الأجور المصرّح عنها”.

كما شدد على أن “أي امتناع عن الالتزام بهذه الإجراءات، سواء من خلال التصريح الناقص أو التهرّب من الدفع أو الامتناع عن تطبيق الحد الأدنى فعلياً، يُعد مخالفة قانونية تعطي الأجير الحق بالتقدّم بشكوى فورية إلى الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة العمل، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والاتحاد العمالي العام، الذي يتلقى بدوره الشكاوى من الأجراء المتضررين ويتابعها مباشرة مع الجهات المختصة، مع تأكيده على ضمان عدم تعرض الأجراء لأي تدبير تعسفي في حال تقدموا بشكاوى بحق مؤسساتهم، لأن القانون يحمي العامل عند المطالبة بحقه”.
وهذا ما أكده مصدر قانوني، أن الحد الأدنى للأجر إلزامي لا يمكن الاتفاق على ما دونه، وأي عقد عمل يتضمن أجراً أقل يُعد باطلاً في هذا الجزء، ويُستعاض عنه تلقائياً بالحد الأدنى المحدد قانوناً. كما أن التصريح بأجر يقل عن الحد الأدنى يُعد بمثابة تصريح كاذب يعرّض صاحب العمل للملاحقة أمام الجهات القضائية والإدارية.

إضافة إلى ذلك، يُلزم القانون أرباب العمل بالتصريح الفوري عن أي تعديل يطرأ على أجر الأجير، سواء في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو لدى وزارة المالية، حيث أن التهرّب من التصريح أو دفع المتوجبات يُعد مخالفة صريحة ويعرّض الشركة لغرامات وملاحقات جزائية.

كما يُعطي القانون للأجير المتضرر الحق بالتقدم بشكوى إدارية أو دعوى قضائية ضد صاحب العمل، ويلزم الجهات الرسمية المختصة بمتابعة الشكوى واتخاذ التدابير القانونية المناسبة، بما في ذلك فرض الغرامات أو إحالة الملف إلى القضاء المختص.

لكن على أرض الواقع، تتباين تجارب الموظفين، إذ كشف عدد منهم، فضّلوا عدم الكشف عن أسمائهم، أن بعض المؤسسات قد تلتزم شكلياً بنص المرسوم من خلال التصريح الكامل عن الأجر الجديد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكنها تلجأ لاحقاً إلى التلاعب ببعض البنود المكملة للراتب، لا سيما بدل النقل. ويقول هؤلاء إن التخفيضات تبدأ من هذه النقطة تحديداً، حيث يعاد احتساب البدل على أساس غير واقعي أو يتم تقليصه بشكل غير مبرر، ما يؤدي فعلياً إلى تراجع الدخل الشهري الصافي، على الرغم من أن الأجر الأساسي المصرح عنه يطابق الحد الأدنى المطلوب قانوناً.

وهذا النوع من الالتفاف، وإن بدا قانونياً من حيث الشكل، يُفرغ المرسوم من مضمونه ويقوّض الأثر الفعلي الذي يفترض أن يحدثه على المستوى المعيشي للأجراء، خصوصاً في ظل غياب رقابة صارمة على تفاصيل الأجور وتفكيك مكوناتها داخل المؤسسات.

في ضوء ما تقدم، يتبيّن أن مرسوم رفع الحد الأدنى للأجور في لبنان يحمل في طياته فرصة مهمة لتحسين الواقع المعيشي لشريحة واسعة من العاملين في القطاع الخاص، لكنه يواجه تحديات جدية على مستوى التطبيق العملي والالتزام الفعلي من قبل بعض أصحاب العمل.

ولكم، بين النصوص القانونية الواضحة، والآليات الرقابية المحدودة، يبقى العامل اللبناني في موقع لا يحسد عليه، مطالباً بحقوقه وسط معادلة معقدة تجمع بين الحاجة إلى الاستقرار الوظيفي والخوف من الانتقام أو الصرف التعسفي. لذا، فإن نجاح هذا المرسوم في تحقيق أهدافه لن يكون مرهوناً بإقراره فحسب، بل يتطلب تفعيل أدوات الرقابة، وتوفير حماية حقيقية للموظف، وتعزيز ثقافة الالتزام بالقانون، بما يكفل العدالة والاستقرار في سوق العمل اللبناني.

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/D1AbBGEjtWlGzpr4weF4y2?mode=ac_t

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img