| غاصب المختار |
لا شك أن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية، وبغض النظر عن نتائجها، وزحف الجنوبيين إلى قراهم المدمرة، حتى إلى التي فازت بلدياتها بالتزكية ـ وهي كثيرة ـ كانت رسالة مدوية إلى العدو الاسرائيلي أولاً، وإلى حلفائه الدائمين لا سيما الأميركيين، بأن أي مشروع تهجيري لتفريغ الجنوب من أهله وإقامة منطقة عازلة واسعة لا حياة فيها لإراحة الاسرائيلي لن يرى النور.
ولعل الموفدة الاميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس هي المعنية الأولى بتلقي هذه الرسالة، وعبرها إلى إدارتها، بأن أهل الوفاء ما زالوا على عهدهم، وأن مواقفها “العدوانية” الأخيرة تجاه أهل الجنوب ومقاومتهم ارتدّت عليها، وأن الاملاءات التي تكررها عبر وسائل إعلام لبنانية وعربية، وللأسف أكثر من الإسرائيلية والغربية، وصلت إلى آذان الجنوبيين وجمهور المقاومة ولم تُعطِ مفعولها المُرتجى. فقد كانت الإجابة في صناديق الاقتراع وفي نتائج التزكية الكبيرة للوائح ثنائي “أمل” و”حزب الله” منفردين في الكثير من القرى، ومع حلفائهم في قرى أخرى.
ويُسجّلْ للجنوبيين أيضاً، صبرهم على العدوان وتحديهم له بالحضور اليومي في القرى، وتحت قصف المسيرات والطيران الحربي، على الرغم من ارتقاء الشهداء وسقوط الجرحى وزيادة مساحة الدمار.
وهي أيضا رسالة إلى أورتاغوس علّها توقف عدوانها اللفظي، ليس على الجنوبيين فقط، بل على كل لبنان عبر دعوته إلى فعل “كذا فوراً”، ولا بد من “كذا فوراً” و”إلّا لا مساعدات ولا إعادة إعمار ويفوتكم الركب”!
وعن أي ركب تتحدث؟ عن قافلة التطبيع تحت شعار السلام المستدام وإنعاش الاقتصاد وعودة الإزدهار؟ أما السيادة وإرادة أغلبية الشعب اللبناني، فلها مفهوم آخر عندها.
لكن قد تصلها الرسالة الثانية بعد سنة في الانتخابات النيابية المقبلة… ومن يَعِش يرى.. ذلك ان كل الضغط “الأورتاغوسي” قائم على منع “حزب الله” من الوصول إلى البرلمان بشكل قوي ومؤثر كما هي الحال اليوم، لمنعه من التأثير في قرارات الدولة من تحت قبة البرلمان، الذي يعطيه شرعية دستورية وسياسية وشعبية. ولعل فترة السنة لموعد الانتخابات النيابية ستبقى حافلة بالضغوط وتجميد كل مشاريع الدعم وإعادة الإعمار، أو على الأقل الحد منها، بحيث لا تكون شاملة ومُنعِشة فعلاً للوضع اللبناني من كل النواحي.