الأربعاء, مايو 21, 2025
الرئيسيةSlider"أمل" و"حزب الله".. وثالثهما؟

“أمل” و”حزب الله”.. وثالثهما؟

| خلود شحادة |

لا يحتاج العدو الإسرائيلي إلى ذريعة لشنّ عدوان جديد على لبنان، أو لخرق الاتفاق المحروق أصلاً، عبر قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، بإنذار فولكلوري مسبق لعملية القصف.

كان الاتفاق انسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني، إلا أنه من الواضح أن “إسرائيل” تسعى إلى “إلغاء” الحزب من لبنان، كل لبنان، بعد أن اعتبرت أنه يحق لها التدخل بوجود الحزب في قلب العاصمة بيروت، ويعاونها على ذلك “جنود” في “القوات اللبنانية”: تقصف “إسرائيل”، فيهاجمون “حزب الله”! تخرق “إسرائيل”، فيحمّلون المسؤولية للطرف الوحيد اللملتزم بالاتفاق!

فسّر البعض قصف الضاحية، يوم الأحد، بأنه رسالة مباشرة للدولة اللبنانية، التي تعبّر ـ من خلال رئيس جمهوريتها العماد جوزاف عون ـ عن التمسك بالحوار في سبيل الوصول إلى استراتيجية دفاعية تتضمن حصر السلاح بيد الدولة.

وفي الوقت نفسه، رفع رئيس مجلس النواب نبيه بري السقف في ما يخص سلاح المقاومة، رافضاً أي حديث عن “حصرية السلاح” قبل تنفيذ الشروط التي تضمن سلامة لبنان وسيادة أراضيه.

موقف عون وتصعيد بري أزعجا الإسرائيلي، فوجّه رسالة مباشرة في قلب الضاحية الجنوبية، رافعاً نبرة الخطاب مع الدولة اللبنانية و”حزب الله” على حد سواء، وملوحاً بتهديد أكبر ينتظر لبنان.

ولكن، على الرغم من مواقف رئيس الجمهورية المراعية للظروف، والتي حيّاها الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، تُعكّر مواقف الحكومة المتمثلة برئيسها ووزير خارجيتها صفو التضامن الوطني، حيث يحمّل “وزير خارجية القوات” المسؤولية لـ”حزب الله” بخرق “إسرائيل” الاتفاق الذي يلتزم به الحزب، وليستبدل الإستنكار والعمل في سبيل ردع “إسرائيل” دبلوماسياً، بإلقاء اللوم على “حزب الله” لأنه لم يستسلم، فتبادر الحكومة إلى معاقبة المقتول على قتله، معتذرة من القاتل، ومبررة دوافعه!

تعزف بعض الأطراف في لبنان على وتر شق الصف الشيعي، بتحميل “حزب الله” مسؤولية الخطر الذي يدهم باب هذا الصف كل لحظة، بالاتكال على ملف إعادة الإعمار “المؤجل”، واتهام الحزب بـ”الاستهتار” بحياة الناس واستقرارهم بعدم قبوله بتسليم سلاحه، حيث يكررون “سيمفونية” حصر السلاح بأنه سلاح “حزب الله” وليس سلاح المقاومة، الذي يشكّل “الدرع الحصين” للبنان في وجه الغطرسة الصهيونية.

يراهن البعض على الانتخابات النيابية لاحقاً، والبلدية حالياً، بأن تؤدي إلى خلق “تيار شيعي ثالث”، بوجه “الثنائي الشيعي”، الذي استطاع شد الأواصر الصفراء والخضراء عقب الحرب، بعد امتزاج الدم والرصاص على الحدود اللبنانية.

فشل المراهنون مراراً على إيجاد “تيار شيعي ثالث” داخل البيئة الشيعية، وذلك يعود لأسباب عدة:

– ذهاب الشيعي، المعارض لـ”الثنائي”، إلى المبالغة بمواقفه المناهضة للمقاومة، وبالتالي بدل من أن يستميل جزءاً من البيئة الشيعية تسبب بحالة نفور منه.
– تحالف أي شيعي يخرج من كنف “الثنائي” مع ما كان يسمى بـ “14 آذار”، مما رسخ فكرة أن من ليس مع “الثنائي” فهو مع الطرف الآخر، وبالتالي لا يمكن للشيعي أن يكون حراً بعيداً عن الاصطفافات السياسية اللبنانية (محور ايران v/s محور أميركا).
– يضع المراهنون على انقسام الشيعة أنفسهم دائماً بمواجهة البيئة الشيعية، كما جرى في أحداث الطيونة، مما يحوّل الصراع السياسي إلى صراع طائفي، يؤجج الخلافات أكثر، ويعمّق الارتباط الوجداني بين الشارع الشيعي و”حزب الله” وحركة “أمل”.
– يعي الشارع الشيعي جيداً أن تسليم السلاح هو بمثابة “كشف رقبة” للقاتل، الذي سنّ سيفة منتظراً الوقت المناسب، وهذا ما يدفع هذا الشارع للإنضواء تحت “القيادة الشيعية” مرة جديدة.
– شعور البيئة الشيعية أن الموقف الرسمي للدولة اللبنانية “يسترخص” دمهم، ولا يولي أهمية لهواجسهم، وبالتالي لا يحسبهم جزءاً من الشعب اللبناني، وهذه ليست “خرافات” أو “أوهام” بل هي أحاديث حقيقية يرددها الناس في المقاهي والجلسات واللقاءات المغلقة.. وخرجت مؤخراً على شاشات التلفزة.

واليوم، يسعى البعض إلى اللعب على وتر غياب القيادة عن المعركة الانتخابية البلدية، حيث أنه أعلن كل من “حزب الله” و”أمل” ترك المعركة للعائلات، من دون أي تدخل منهما.

انسحاب القيادة الشيعية من دورها المباشر في العملية الانتخابية للبلديات، هدفه احتواء الشارع الشيعي، وإيصال رسالة هامة مفادها “نحن نفهم هواجسك”. لكن هذا القرار سرعان ما تبدد عندما استشعرت القيادة خطر تسلل بعض الأطراف التي انتهزت غياب القيادة، تحديداً في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث عملت القيادة على “سحب المرشحين” المنافسين للوائح الحزب و”أمل”، مما أدى إلى فوز بلديتين في الضاحية من أصل 4 بالتزكية.

وما بين الانتخابات البلدية والنيابية، مسار عام سيسعى فيه المراهنون لإحداث صدع حقيقي بين حركة “أمل” و”حزب الله” من جهة، وبين “الثنائي الشيعي” والبيئة الشيعية بشكل عام من جهة أخرى.

الواضح أن “ثنائي” القيادة الشيعية متنبّه لهذه الرهانات والجهود، ولذلك، فإن سلوك قيادتي “حزب الله” و”أمل” في الانتخابات البلديات وكأنه “قيادة موحّدة” لتعطيل “الأسافين” التي تعتمد قاعدة “فرّق تَسُد”.

مقالات ذات صلة