هل انتهى شهر العسل بين واشنطن وكييف؟

رفض نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس تلميح فلاديمير زيلينسكي بأن واشنطن “تقف إلى جانب موسكو”.

جاء ذلك وفقا لتصريحات فانس في مقابلة مع مجلة “أنهرد” UnHerd، نشرت صباح اليوم الثلاثاء، حيث تابع أنه “من السخف أن يقول زيلينسكي عن الحكومة الأميركية، التي تحافظ حاليا على وحدة حكومته وجهوده الحربية، إنهم يقفون إلى جانب الروس بطريقة ما”. وقال إن خطاب زيينسكي “غير بناء بكل تأكيد”.

وقال فانس للصحيفة إنه لإنهاء الصراع: “يجب محاولة فهم أين يرى كل من الروس والأوكرانيين أهدافهم الاستراتيجية”.

وكان زيلينسكي قد قال، خلال مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” بثت يوم الأحد: “يبدو لي أن نائب الرئيس يبرر تصرفات بوتين بطريقة ما”، ودعا زيلينسكي الرئيس ترامب (متحدثا بالإنجليزية) إلى زيارة أوكرانيا قائلا: “من فضلك وقبل أي نوع من القرارات، أي نوع من المفاوضات، تعال لرؤية الناس، المدنيين، المحاربين، المستشفيات، الكنائس، الأطفال والقتلى. انظر أولا ثم نبدأ بوضع خطة لإنهاء الحرب”.

واعترف زيلينسكي في المقابلة بأن بلاده بدون الولايات المتحدة “ستتكبد خسائر فادحة في البشر والأراضي”، وقال إنه لا يرغب في التفكير بذلك.

بدوره علق ترامب على تصريحات زيلينسكي بأن أوكرانيا “كانت مستعدة لدفع 15 مليار دولار مقابل 10 منظومات صواريخ أرض-جو من طراز باتريوت SAM، لكن واشنطن رفضت بيعها”، بقوله: “عندما تبدأ حربا، يجب أن تعرف أن بإمكانك الفوز بها، أليس كذلك؟ فأنت لا تبدأ حربا ضد من هو أكبر منك بعشرين مرة، وتأمل أن يمنحك الآخرون الصواريخ”.

في الوقت نفسه نشرت “الغارديان” مقالا لديفيد شيمر، العضو السابق بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في الفترة من 2021-2025، وشغل عدة مناصب من بينها مدير شؤون أوروبا الشرقية وأوكرانيا ومدير الشؤون الروسية بالمجلس، والباحث الأول المساعد في معهد السياسة الدولية بكلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، حمل عنوان “عصر المساعدات الأمريكية لأوكرانيا يقترب من نهايته.. فهل أوروبا مستعدة؟”، تناول فيه اقتراب نهاية حزمة المساعدات الأمنية التي أقرتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن وقدرها 1.25 مليار دولار، مع استنفاد أوكرانيا مخزوناتها من الذخائر الأمريكية، في الوقت الذي لم يوافق فيه ترامب على حزمة مساعدات عسكرية واحدة لأوكرانيا.

وتابع شيمر أن لدى الولايات المتحدة سلطة سحب متبقية تقدر بعدة مليارات من الدولارات لإرسال مساعدات أمنية إضافية، إلا أنه حتى لو عكس ترامب مساره واستخدمها، فإن المبلغ المتاح غير كاف للحفاظ على الدعم الأميركي لأوكرانيا على المدى الطويل، وللقيام بذلك سيحتاج الكونغرس إلى الموافقة على تمويل إضافي لأوكرانيا، وهو ما لن يحدث طالما يسيطر الحزب الجمهوري على كلا المجلسين والبيت الأبيض. وهو ما يؤكد اقتراب عصر المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا من نهايته.

بدوره أوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة مع صحيفة “كوميرسانت” يوم أمس أن مسؤولي السلطات في كييف هم “تجار بلا مبادئ” لا يهمهم سوى “المساومة على الأراضي بأعلى سعر ممكن، ويتنكرون لحقوق السكان”، وأكد على رفض روسيا المطلق لـ “تسليم المناطق ذات الأغلبية الناطقة بالروسية لإدارة نظام كييف، أو طرد سكانها كما يقترحون حاليا طرد الفلسطينيين من قطاع غزة”.

وتساءل الوزير: “هل يريد زيلينسكي وأنصاره، بإلحاحهم على حدود عام 1991، طرد السكان أو إخضاعهم مجددا لحكمهم النازي، وإعادتهم للوضع الذي تطمس فيه اللغة والثقافة والتاريخ وكل ما قدمته روسيا لهذه المناطق؟ إنهم يحتاجون الأرض فقط للمساومة عليها بأعلى سعر، إنهم تجار بلا مبادئ”.

وتابع لافروف أن موقف روسيا “لا يتعلق بالأرض بل بحقوق السكان الذين يعيشون عليها” مؤكدا أن هذا “هو السبب وراء قيمة ومعنى هذه الأراضي”.

في سياق متصل عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاء مع المبعوث الخاص للرئيس ترامب ستيف ويتكوف استمر أربع ساعات ونصف الساعة بمدينة بطرسبورغ يوم الجمعة الماضي. ووصف الممثل الخاص للرئيس الروسي للاستثمار والتعاون الاقتصادي مع الدول الأجنبية كيريل دميترييف المباحثات بأنها كانت “مثمرة”، وأعرب متحدث الكرملين دميتري بيسكوف عن أمل موسكو في أن تكون هذه الفرصة مناسبة “لنقل العناصر الأساسية لموقف روسيا ومخاوفها الرئيسية” إلى الرئيس ترامب.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن لقاءات ويتكوف مع الجانب الروسي ترتبط برغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، وقد وصفت الإدارة الأميركية زيارة ويتكوف الأخيرة ولقاءه الرئيس بوتين بأنها “خطوة أخرى نحو وقف إطلاق النار وتسوية الأزمة الأوكرانية”.

على الجانب الآخر، دعا ديفيد شيمر في مقاله بـ “الغارديان” القادة الأوروبيين إلى “مساعدة أوكرانيا على الصمود في ظل غياب القيادة الأميركية”، واقترح الاستيلاء على الأصول السيادية الروسية المجمدة حاليا في الولاية القضائية الأوروبية والتي تبلغ ما يقرب من 300 مليار دولار، واستخدام هذه الأصول في “تمويل صناعة الدفاع الأوكرانية، وشراء الأسلحة من الولايات المتحدة وحول العالم، ودعم الاقتصاد الأوكراني لسنوات قادمة، وهو ما سيوفر لزيلينسكي، من الناحية الاستراتيجية، مصدرا دائما للمساعدات غير الأميركية، وسيقلل من اعتماده على الولايات المتحدة، ويزيد من نفوضه في أي مفاوضات لإنهاء الحرب” على حد تعبيره.

وقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم أمس الاثنين أنه يتوقع التوصل إلى “مقترحات جيدة جدا” بشأن تسوية نزاع أوكرانيا في المستقبل القريب، مشيرا إلى إحراز تقدم ملحوظ في هذا الصدد.

error: Content is protected !!