| خلود شحادة |
في بحر التعيينات والاستحقاقات التي يتوجب على الحكومة انجازها في عمرها القصير، يطفو على السطح ملف تعيين حاكم مصرف لبنان الجديد، ليخلف سلفه القابع خلف قضبان المحاسبة.
ورغم بريق الأمل الذي لمسه اللبنانيون بوصول الرئيس جوزاف عون إلى قصر بعبدا، وتسلّم الرئيس نواف سلام مفتاح مجلس الوزراء، وهما من خارج “المنظومة السياسية”، إلا أن الأعراف التي كرّستها “المنظومة” ما زالت تستحكم برقبة التعيينات الكُبرى.. وحتى الصغرى منها.
وفي الوقت الذي يقضي العُرف بأن يحظى تعيين حاكم المركزي بموافقة رئيس الجمهورية في الدرجة الأولى، كما هي الحال مع قيادة الجيش، لإعتبارات التوزيع الطائفي ورغبة العهد الرئاسي بإنجاح تجربته في الحُكم، تم تأجيل جلسة تعيين الحاكم إلى أجل غير محدد، بسبب تباين كبير حول الأسماء المطروحة، داخلياً بين الرئيسين عون وسلام.. وخارجياً بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا!
عون يفضّل كريم سعيد، الذي وبحسب معلومات موقع “الجريدة”، هناك استحالة بوصوله بعد وضع السفارة الأميركية “ڤيتو” عليه، لأسباب مجهولة.
سلام يفضّل جهاد أزعور بتزكية من فؤاد السنيورة، والذي يُعتبر اسماً مستفزاً لعون كونه كان منافساً له على مقعد الرئاسة.
وفي ظل هذا التباين، طُرح إسم كميل أبو سليمان كحلٍّ وسطيّ، إلا أن هذا الاقتراح سقط، بسبب اعتراضات حادة من بعض المحيطين بالرئيس سلام لتورّطه بملف سندات “اليوروبوند”.
أوروبياً، تزكّي فرنسا اسم سمير عساف، معتبرة أنه الاسم الأنسب لهذا المركز، كونه آتٍ من مركز مالي عالمي وهو منصب الرئيس التنفيذي للخدمات المالية والأسواق لمجموع HSBC.
عساف، وبحسب المعلومات، كان قد أكد أنه لن يقبل بالمنصب، لكنه أبدى استعداده لتقديم أي استشارة مالية واقتصادية تخدم المصلحة الوطنية، ثم تراجع عن اعتراضه بعد تدخّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أجرى اتصالاً مباشراً برئيس الحكومة نواف سلام طالباً تعيين عساف.
لكن، وفي جوقة السيادة الحاصلة بالتعيينات، تشدد الولايات المتحدة الأميركية على أنها “صاحبة القرار” بتعيين حاكم المركزي، وتفضّل أن يكون الاسم من أحد أعضاء صندوق النقد الدولي أو من المتعاملين معه، وبذلك تكون عوكر قد رشّحت جهاد أزعور بشكل غير مباشر.
وبحسب معلومات موقع “الجريدة”، فإن عوكر تُجري ما يشبه “امتحان الدخول” لكل مرشح لمنصب الحاكم، ومن تمضي له السفارة “مقبول”.. يخرج من عوكر حاكماً لمصرف لبنان… وحتى اليوم لم “تختم” السفارة الأميركية في عوكر إلا على “السيرة الذاتية” لمرشحها جهاد أزعور.
هذا التباين في المواقف، داخلياً وخارجياً، والضغوط الخارجية القوية، دفع بمجلس الوزراء إلى تأجيل جلسة تعيين حاكم مصرف لبنان حتى يتم “الاتفاق” على إسم.. بـ”الإقناع” أو بـ”الفرض”!