| خلود شحادة |
أطاحت التعيينات العسكرية بمرحلة “تصريف الأعمال” في مواقع قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، وبالتالي أوقفت مفاعيل القرارات السابقة الصادرة عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بالتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، والمدير العام بالوكالة للأمن العام اللواء الياس البيسري…
تفتح هذه القرارات باب التعيينات على مصراعيه، خصوصاً أن الحكومة تتّجه للانتقال من “العسكر” إلى المال، حيث تعقد جلسة يوم الاثنين لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان من بين 4 أسماء: الوزير السابق جهاد أزعور، الوزير السابق كميل ابو سليمان، كريم سعيد، فراس أبي ناصيف.
ويبدو أن تعيين حاكم للمصرف المركزي لن يكون أيضاً خارج دائرة التأثير الأميركي، خصوصاً أن المرشحين الأربعة ليسوا بعيدين عن المظلة لأميركية. ولذلك فإن “التنافس” بينهم هو داخل “الخيمة لأميركية”، وإن كانت لكل من رئيسي الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ميول متباينة على الأسماء المرشحة، علماً أن الرئيس عون يدفع لتعيين كريم سعيد في منصب حاكم المصرف المركزي.
بعد تعيين حاكم مصرف لبنان، ستكون الحكومة أمام الامتحان الأصعب المتعلق بالتعيينات الإدارية. فهل ستعتمد الحكومة آلية شفافة للتعيينات الإدارية، أم أنها ستلجأ إلى المحاصصة ولو مغلّفة بآلية ملغومة تسمح بتوزيع “مغانم الإدارة” على أركان السلطة والقوى المشاركة في الحكومة؟
كما أن السؤال حول ما إذا كانت الحكومة ستلجأ إلى إلغاء “التهريبة” التي اعتمدتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في آخر أيامها عندما مدّدت لعدد من الأشخاص في عدد من المؤسسات العامة، وخصوصاً لرئيس وأعضاء مجلس إدارة “انترا” التي يبدو كأنه تم تعيينها “مدى الحياة”، و”بنك التمويل”، ولرئيس مجلس إدارة “كازينو لبنان” رولان خوري الذي تم تعيينه في العام 2017 ثم أعيد تعيينه في العام 2021 وانتهت مدة ولايته، ورئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط “ميدل إيست” محمد الحوت الذي تم التمديد له ولمجلس الإدارة في بداية حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتحديداً في 4 كانون الثاني 2022، حصل تمرير التمديد للحوت ولأعضاء مجلس الإدارة أنفسهم، للمرة الثالثة، وأثناء لملمة حكومة الرئيس ميقاتي أوراقها لمغادرة السراي الحكومي، وتحديداً في 7 كانون الثاني 2025: مروان صالحة، فؤاد فواز، سامي متى، في حين تم استبدال عضوية ميشال تويني بالعضو ريتشارد مجاعص، لوجود مذكرة توقيف بحق تويني، وذلك تحت عنوان “إعادة انتخاب”، من دون معرفة مَن انتخب وكيف!
فهل ستكمل حكومة نواف سلام عملية إلغاء كل قرارات “التمديد”، وإن كان مغلفاً بعنوان “انتخاب”؟ أم أن الحكومة ستغمض عينيها عن هذا التمديد، فيكون هناك “تمديد” بـ”سمنة” و”تمديد” بـ”زيت”؟ وكيف ستبرّر الحكومة عدم شمول عملية التجديد في الإدارة المواقع التي تم التمديد لها؟ وهل تستطيع إذ ذاك أن تتحدّث عن “إصلاح” و”شفافية”؟!
على هذا، يبدو أن الحكومة أمام امتحان مصداقيتها، وأمام اختبار اعتماد المعايير الموحّدة في التعيينات الإدارية، خصوصاً أن المؤشرات لا تبدو مشجعة في اختيار الأسماء للمراكز، بسبب ما لاح منها من “شخصنة” في الحكم على الأسماء المرشحة سلباً أو إيجاباً.