السبت, ديسمبر 6, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةSliderجلسة الثقة.. سيادة بـ"سمنة" وسيادة بـ"زيت"!

جلسة الثقة.. سيادة بـ”سمنة” وسيادة بـ”زيت”!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| فرح سليمان |

في جلسة الثقة، يتسابق النواب إلى الإدلاء بمواقفهم، وكأنهم في سباق لتسجيل النقاط لا لمناقشة خطة حكومية تحتاج إلى نقاش جاد وعملي، فمنذ عقود، باتت جلسات مناقشة البيانات الوزارية استعراضًا سياسياً أكثر منها ساحة حوار منتج، يتفنن فيها النواب بإلقاء خطابات حماسية تتكرر مع كل حكومة جديدة، محملة بوعود فضفاضة ومزايدات سياسية، وهجوم وهجوم مضاد، فيما يبقى الواقع اللبناني غارقًا في أزماته.

إزدواجية خطابات الوزراء

انتهت الجلسة الأولى لمناقشة البيان الوزاري، نهار الثلاثاء، بعدما تحدث في الجولة الأولى 10 نواب من أصل 75 نائب، واستكملت يوم الأربعاء.
استهلّ الجلسة المسائية النائب عن حزب “القوات اللبنانية” جورج عدوان الذي رأى أن المدخل الأساسي لأي اصلاح يبدأ ب”نزع أي سلاح غير شرعي”.
وقبله، شدد النائب ميشال معوض، على ضرورة تسليم سلاح “حزب الله”، لبسط سيادة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية.

الملفت في هذه الجلسات هو التناقض في خطابات بعض النواب، فمن جهة، بعضهم يتحدث عن ضرورة بسط “سيادة الدولة” على كامل أراضيها، متهماً “حزب الله” بخرق “السيادة”، ومنهم من يطالب بالإصلاحات الجذرية ومحاربة الفساد، في حين أن سجلهم السياسي حافل بالمساومات والتسويات التي أجهضت أي محاولة جدية للإصلاح.
يعكس هذا الانقسام ازدواجية الخطاب السياسي، حيث يتبنى كل طرف ما يناسبه من الشعارات، من دون القدرة على إيجاد حل وسطي يحقق التوازن بين مقتضيات الأمن الوطني ومتطلبات السيادة والاستقرار الداخلي.
من خلال مراجعة مداخلات النواب، يتضح أن معظمها لم يخرج عن الإطار التقليدي: شعارات كبرى حول السيادة، الإصلاح، المحاسبة، والدولة القوية، من دون تقديم رؤى واضحة لكيفية تحقيق هذه الأهداف.

المزايدات السياسية

لم تكن الجلسة سوى امتداد لنهج سياسي مأزوم: خطابات حماسية أمام الكاميرات، من دون قرارات عملية.
ورغم أن بعض النواب، مثل الياس بو صعب، طرحوا تساؤلات مشروعة حول إعادة الإعمار والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، إلا أن هذه التساؤلات بقيت بلا أجوبة، ما يعكس عمق الفجوة بين الشعارات والتنفيذ.
وفيما يتعلق بالقرار 1701، كان من الملفت غياب أي حديث جاد أو تحليل معمق حول هذا القرار الذي يُعد أحد أبرز القضايا الأمنية والسياسية التي تمس السيادة، بدلاً من ذلك، ركزت الخطابات النيابية على الاتهامات الموجهة إلى “حزب الله” بخرق “السيادة”.
وفي هذا السياق، كان ملفت خطاب عدد من النواب الذين ركزوا على القاء التهم ومنهم، النائب ميشال معوض، الذي دعا إلى العودة إلى الدولة والسيادة ، داعياً إلى ضرورة “التوافق الوطني” مشدداً على منع تسليح الجماعات المسلحة غير التابعة للجيش اللبناني.
لم تأتِ جلسة مناقشة البيان الوزاري بجديد، يوم الأربعاء، بل كرّست النمط التقليدي الذي بات سمة ثابتة للحياة السياسية اللبنانية: خطابات نارية، انتقادات متبادلة، ومزايدات سياسية لا تترجم إلى أفعال ملموسة.

وعلى وقع “السيادة”، حلّق طيران الاحتلال الإسرائيلي على علو منخفض منذ الصباح فوق بيروت والبقاع ومناطق راشيا والبقاع الغربي وسفوح جبل الشيخ الغربية والشرقية.
و الملفت أن مفهوم “السيادة” في الخطابات النيابية جاء فضفاضًا، حيث تمحور حول اتهام “حزب الله” بخرقها، ولم يأت أحد منهم على ذكر خروقات العدو الإسرائيلي للاتفاق، لم يتجرأ أحد منهم أن ينتقد العدو الإسرائيلي بتماديه بخرق السيادة اللبنانية، حيث أنه ما زال يقصف ويتوغل في الأراضي اللبنانية، ويصول ويجول في الأجواء اللبنانية أيضاً، ويسقط شهداء أبرياء بنيران الإحتلال رغم انقضاء مدة الهدنة.. ويفترض انتهاء الوجود الصهيوني في لبنان.
كل هذه الخروقات الصهيونية، لم تستدعِ استنكار حتى من عدوان ومعوض وآخرين، بل حولوا خطاباتهم للهجوم على مقاومة الإحتلال، فبنظرهم أن العدو لا يخرق السيادة.. ولكن الحزب يفعل!

ومما لا شك فيه أن البيان الوزاري، بحد ذاته، ليس سوى وثيقة مليئة بالوعود التي قد لا تجد طريقها إلى التنفيذ، كما كان الحال مع بيانات الحكومات السابقة، فالتجربة أثبتت أن أي إصلاح حقيقي يحتاج إلى إرادة سياسية غير متوفرة، وإلى توافق داخلي بعيد المنال في ظل استمرار الاستقطاب السياسي الحاد، فهل ستكون هذه الحكومة قادرة على تنفيذ وعودها، أم أن البيان الوزاري لن يكون سوى ورقة جديدة تضاف إلى أرشيف البيانات السابقة، فيما يستمر اللبنانيون في دفع ثمن الأزمات المتلاحقة.

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img