| رندلى جبور |
هل هي مسألة وعي؟ أم أدمغة مغسولة؟ أم إدراك مُتلاعَب به؟ أم انتحار للعقل في سجون الغريزة؟
لا تفسير لنظرة اللبنانيين المتناقضة أمام نفس المسائل، وللاستنسابية القاتلة التي تتحكم بمجتمعنا.
ومع ذلك، تبقى معضلة تستحق التوقف عندها، ونستشفها من بعض المشاهد الأخيرة كالتالي:
بعضنا يقبل بطائرات حربية إسرائيلية تنتهك سيادتنا وحرمتنا وأجسادنا، ولكنه لا يقبل بطائرات مدنية إيرانية تُقلّ مواطنين عاديين، مع العلم أن هذه الطائرات تحطّ في الكثير من المطارات ومنها لدول “مطبِّعة”.
بعضنا لا يزعجه الاحتلال الأميركي ـ الاسرائيلي وتدخُّل الغرب بكل تفاصيلنا، ولكن الصداقة مع إيران تستفزّه.
بعضنا يقبل بالمال الخليجي، مثلاً، أو ببرامج من البنك الدولي ولو كان ثمنها غالياً، ولكنه يرتعب من أن يأتي مال من إيران.
بعضنا لا يقبل بتظاهرة في مكان ووقت ومطلب محدّد، ولكنه يهلّل لإقفال البلد، كل البلد، لسنوات مع كل التبعات.
بعضنا يقبل أن تقول مورغان أورتاغوس ما تشاء وتملي علينا الفعل وتتدخّل بشؤوننا، ويرفض أن يستمع إلى تصريح عام عادي لا دخول فيه إلى شؤون بيتنا الخاصة، ويرجمه سلفاً بالحجارة.
بعضنا بالنسبة إليه القاعدة الأميركية في عوكر “عادي”، أما سفارة لدولة شرقية فـ”يا غيرة الدين”.
بعضنا ينظّر للشتيمة الطالعة من فم أحدهم كـ”حرية التعبير”، بينما يشنّ حملة على رأي لأحدهم.
… هذا غيض من فيض.
لا مشكلة في الهوى السياسي والثقافي، ولكن المشكلة هي في إعطاء تفسيرين متناقضين لنفس المشهد، فقط بسبب هذا الهوى.
إن ذلك يَخرج من دائرة الانتماء الفكري أو العقائدي أو السياسي، إلى دوامة اللا منطق واللا عدالة.
هناك كليّات لا يمكن الخروج عنها… السيادة لا تتجزأ، العدالة كذلك، ومعهما الوطنية أو العمالة…
وهكذا…