اختارت الأغلبية النيابية اللبنانية القاضي نواف سلام لتكليفه تشكيل الحكومة الأولى لعهد الرئيس جوزاف عون.
ليست المرة الأولى التي يتم فيها ترشيح سلام إلى رئاسة الحكومة، وقد طرح إسمه مراراً منذ العام 2019، إلا أنه لم يتمكن من الفوز.
والرئيس المكلّف هو ابن شقيق الرئيس الراحل صائب سلام وابن عم الرئيس السابق للحكومة تمام سلام.
ولد نواف سلام في 15 كانون الأول 1953 في بيروت من عائلة سياسية معروفة، والده عبد الله سلام هو أحد مؤسسي “شركة طيران الشرق الأوسط”، وكان عضواً في مجلس إدارتها ما بين 1956 و1983.
تزوج نواف سلام من الصحافية سحر بعاصيري، والتي تم تعيينها لاحقاً سفيرة للبنان لدى “الأونيسكو”، ولهما ولدان: عبد الله ومروان.
جده سليم علي سلام، الذي كان رئيساً لبلدية بيروت ونائباً في مجلس “المبعوثان” العثماني في إسطنبول وأحد مؤسسي “الحركة الإصلاحية في بيروت” المناهضة للسياسة التركية في الشرق، وكان أيضاً عضواً في الحكومة العربية الكبرى التي أسسها الملك فيصل بن الحسين ومديراً لمكتبها في بيروت.
عمه الرئيس صائب سلام الذي ترأس الحكومة اللبنانية 4 مرات في الفترة ما بين 1952 و1973، وترأس ابن عمه تمام سلام الحكومة في الفترة 2014 و2016.
هو أيضا شخصية أكاديمية ودبلوماسية ذات مسيرة حافلة على الساحة الدولية. فقد شغل عدة مناصب رفيعة في الأمم المتحدة، حيث كان سفير لبنان وممثلها لدى الأمم المتحدة لمدة عشر سنوات، بين عامي 2007 و2017. وخلال هذه الفترة، مثل لبنان في مجلس الأمن أثناء عضويته غير الدائمة في عامي 2010 و2011.
كما شغل منصب نائب رئيس الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة من سبتمبر 2012 إلى سبتمبر/أيلول 2013، وكان رئيس الجمعية بالوكالة في يوليو/تموز 2013.
وفي فبراير/شباط 2024، تم انتخابه رئيسا لمحكمة العدل الدولية في لاهاي لمدة ثلاث سنوات، ليصبح بذلك ثاني عربي يترأس هذه المحكمة منذ إنشائها عام 1945. وكان سلام قد انضم عام 2018 إلى هذه المحكمة التي تتألف من 15 قاضياً يتم انتخابهم من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وكان سلام عضواً في بعثات ميدانية لمجلس الأمن إلى دول عدة كإثيوبيا والسودان وكينيا أوغندا وأفغانستان.
ونواف سلام، البالغ من العمر 72 عاماً، حاصل على دبلوم من معهد الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس، ودكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون في 1979. كما أتم دراسته في القانون، حيث حصل على ماجستير في القانون من جامعة هارفارد عام 1991، وفي عام 1992، حصل على دكتوراه في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس.
بدأ مساره المهني في مجال القانون عام 1984 محامياً بالاستئناف وعضواً في نقابة المحامين في بيروت ومستشاراً وممثلاً للعديد من الهيئات الدولية والمحلية والعامة والخاصة في بيروت في فترتين (1984ـ1989) و(1992ـ2007). كما عمل في مدينة بوسطن الأميركية ممثلاً قانونياً لعدد من المؤسسات الدولية في الفترة ما بين 1989ـ1992.
قبل ذلك كان قد بدأ في مسار مهني في المجال الأكاديمي، إذ عمل محاضراً في جامعة السوربون من 1979 إلى 1981، حيث درس التاريخ المعاصر للشرق الأوسط، وفي عام 1981 كان زميلاً زائراً في مركز ويذرهيد للشؤون الدولية بجامعة هارفارد. وبين 1985 و1989 عمل محاضراً في الجامعة الأميركية في بيروت.
بعد عودته إلى بيروت عام 1992، عمل محامياً في مكتب تكلا للمحاماة، وبالتوازي مع ممارسته القانون، بدأ تدريس القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت وترأس قسم الدراسات السياسية والإدارة العامة بالجامعة ذاتها في الفترة 2005ـ2007.
كما عمل محاضراً في جامعات عدة منها كلية الحقوق في جامعة هارفارد وكلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا ومعهد السلام الدولي في نيويورك وكلية الحقوق بجامعة “ييل” وجامعة “فرايبورغ” الألمانية وجامعة بوسطن، وفي جامعات عربية في الرباط والقاهرة وأبوظبي.
انتخب عضواً في المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان ما بين 1999 و2002، وكانت مهمة هذا المجلس تقديم المشورة والاقتراحات والتوصيات في المشاريع ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي التي ترده من الحكومة.
عينه مجلس الوزراء اللبناني سنة 2005 عضواً ومقرراً في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخابات، إذ أسهم في إعداد مسودة قانون انتخابي جديد بعد إنهاء سوريا وجودها العسكري في لبنان.
وقدمت هذه الهيئة، التي عرفت باسم “لجنة بطرس” نسبة إلى رئيسها الوزير الراحل فؤاد بطرس، اقتراح قانون عام 2006 تضمن العديد من الإصلاحات، من أبرزها اعتماد نظام انتخابي مختلط ينتخب 77 نائباً وفقاً للنظام الأكثري و51 وفقاً للنظام النسبي.
له العديد من المؤلفات والمقالات في مجالات القانون الدولي والدستوري والسياسة والتاريخ، بينها:
– “الإصلاح الممكن والإصلاح المنشود، بحوث ومقالات في الأزمة اللبنانية” المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر عام 1989.
– “أبعد من الطائف مقالات في الدولة والإصلاح” عام 1998.
– “اتفاق الطائف، استعادة نقدية” عام 2003.
– “خيارات للبنان” وهو كتاب مشترك صدر عام 2004.
– “لبنان في مجلس الأمن 2010-2011” عام 2013.
– “لبنان بين الأمس والغد” عام 2021، وصدر في نسختين بالعربية والفرنسية.