خياران لا ثالث لهما أمام خمسة مصارف لبنانية: إما التعاون الكامل مع طلبات النيابة العامة في ما يتعلق بالكشف عن حسابات رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان… أو الانتحار!
هذه خلاصة ما آلت إليه الأمور في التحقيقات القضائية التي تجري في لبنان وأوروبا حول «شبكة سلامة» المشتبه في اختلاسها أموالاً عامة تتجاوز قيمتها الأصلية 330 مليون دولار، وفي قيامها بعمليات تبييض لهذه الأموال عبر شبكة شركات عقارية في عدد من الدول الغربية.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الصورة باتت على الشكل الآتي:
أولاً، طلبت النيابة العامة اللبنانية من خمسة مصارف لبنانية (الاعتماد اللبناني، سارادار، عودة، مصر ولبنان، والبحر المتوسط) تزويدها بكشوفات تفصيلية حول حسابات رجا سلامة للتحقيق في قضية الإثراء غير المشروع المشتبه في تورّط حاكم مصرف لبنان بها. إلا أن هذه المصارف امتنعت عن تسليم الكشوفات متذرعة بالسرية المصرفية، فيما سلّم مصرفان على الأقل ما لديهما من كشوفات إلى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان. وبررا ذلك بأن الهيئة هي المرجعية المعنية بالتحقيق، بخلاف ما ينص عليه قانون السرية المصرفية. إذ تنص المادة 7 من القانون صراحة على أنه «لا يمكن للمصارف أن تتذرع بسر المهنة المنصوص عليه في هذا القانون بشأن الطلبات التي توجهها السلطات القضائية في دعاوى الإثراء غير المشروع المقامة بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 38 تاريخ 18 شباط 1953 وقانون 14 نيسان سنة 1954».
ثانياً، باشرت الجهات القضائية المعنية في عدد من الدول الأوروبية التحقيق في هذا الملف. وشُكّل فريق تحقيق من عدد من هذه الدول بعدما وردت طلبات معونة قضائية من الجانب الأوروبي إلى لبنان تطلب الحصول على كشوفات رجا سلامة.
ثالثاً، بادر القاضي جان طنوس الذي يتولى التحقيق في الملف إلى مداهمة المصارف برفقة ضابطة عدلية للحصول بالقوة على الكشوفات بعدما تمنّعت المصارف عن تسليمها طوعاً، لكن رئيسه القاضي غسان عويدات منعه من إكمال مهمته وطلب منه وقف المداهمة، بما حال دون تقديم المعونة القضائية للجانب الأوروبي.
رابعاً، درست الجهات الأوروبية الملف من جوانب عدة، وأرسلت إلى النيابة العامة التمييزية في لبنان سلسلة من طلبات المعونة القضائية الجديدة، كما طلبت أخيراً تبريراً لعدم حصول الجهات القضائية اللبنانية على كشوفات رجا سلامة التي سيكون لها دور أساس في حسم تهمة الاختلاس، بالتالي دخول الإجراءات القضائية في أوروبا مرحلة جديدة تتجاوز قرارات الحجز على ممتلكات وأموال تعود إلى أفراد من «شبكة سلامة».
خامساً، بعد أسابيع على تجميد الملف، حصل تطور بارز تمثل في طلب الجهات القضائية الأوروبية من النيابة العامة التمييزية في لبنان التعاون في «مهمة مشتركة» تسمح لممثلين عن الجهات القضائية الأوروبية بالقدوم إلى لبنان لـ«متابعة تنفيذ القضاء اللبناني للاستنابة القضائية الخاصة بكشوفات سلامة». وطُلب من القاضي عويدات اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان تنفيذ المهمة.