“إسرائيل” تنتقم من “سرجون”!

| مرسال الترس |

يستغرب اللبنانيون الخطوات الخارجة عن المألوف التي يعتمدها جيش العدو الاسرائيلي، على هامش حربه على لبنان منذ 25 أيلول الماضي، إن لجهة أعمال التدمير التي يعتمدها ضد المدن والبلدات والقرى، أو لجهة التهجير المستند إلى أجندة تتضمن أهدافاً بعيدة المدى محورها تبديل جذري في الديموغرافيا.

فما يحصل في الجنوب اللبناني وقطاع غزة يذكّر مواطني القرن الحادي والعشرين بما كان يحصل في القرون الغابرة، تأكيداً لمبدأ “التاريخ يعيد نفسه”. فعلى هامش قيام الامبراطورية الأشورية في القرن السابع قبل الميلاد، تشير الموسوعة التاريخية، التي أعدها المؤرخ جواد بولس تحت عنوان “شعوب الشرق الأدنى وحضاراته”، إلى أن الملك “تغلت فلصر” كان يعامل المهزومين بوحشية مطلقة “فالملوك تُقطع رؤوسهم، وتُسلخ جلودهم، ويُرفعون على الخازوق، أو يُدفنون أحياء، أو يُربطون بالسلاسل في أحناكهم كالكلاب.. أما المحاربون فيُعدمون بالجملة، ويُنفى الشعب المدني بغالبيته إلى مناطق بعيدة، قطعاً لجذور أي مقاومة”.

آثار ما فعله “تغلت فلصر” ظهرت في ما يفعله رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في العديد من البلدات والقرى الحدودية في الجنوب اللبناني التي جرى تدمير منازلها بشكل ممنهج، وفي استهداف عائلات بكاملها بما فيها الأطفال والنساء والعجزة والمرضى، أو في المدن مثل بعلبك وصور والنبطية حيث جرى تدمير معالمها وإجبار أهلها بمئات الآلاف على النزوح إلى آجال غير واضحة.

وأما الملك سرجون الثاني الذي احتل “السامرة”، فقد سبى ثلاثين ألف يهودي إلى بلاد ما بين النهرين حيث أقاموا على ضفة نهر الخابور… وجاء بمستوطنين من بابل وسوريا الشمالية والجزيرة العربية وأحلّهم مكانهم للقضاء على الروح القومية لدى أهل “السامرة”!

فهل ستنجح المقاومة في لبنان في تهديم فكرة الكيان الصهيوني؟ أم سينجح نتنياهو في إعادة تكوين ديموغرافية الجنوب اللبناني من خلال تهجير الشيعة؟ وقد انتقل آلاف منهم إلى الأراضي السورية، ووصل آلاف آخرين إلى أرض العراق (بلاد ما بين النهرين) وربما لاحقاً إلى إيران، عدا عن الذين لجأوا كنازحين إلى جبل لبنان وشماله، بانتظار الفرج الذي لا يبدو بمتناول إلاّ يد نتنياهو ووزرائه اليمينيين المتطرفين العنصريين، فيما يقف الغرب متفرجاً، وأميركا تترك قادة الكيان الإسرائيلي يرسمون خرائط الشرق الأوسط كما يحلو لهم، غير آبهة بحجم الدمار والدماء التي تُسال!