“لسعات” كهربائية تزعج اللبنانيين.. “أرخص” من كهرباء الدولة والمولدات!

| روان فوعاني |

يعيش اللبنانيون حالة من الخوف والقلق، في ظل حرب عنيفة مستمرة من أكثر من شهر، تضع الجميع تحت ضغط نفسي كبير.

اللبنانيون باتوا يربطون كل ما يجري بالحرب، معتبرين أن كل هذه التداعيات على صحتهم وشعرهم وصحة جلدهم، مرتبطة بالضغط النفسي للحرب من جهة، ونوعية الأسلحة والصواريخ المحرمة دولياً التي يستخدمها العدو الإسرائيلي في عدوانه على لبنان.

يعيش اللبنانيون في الفترة الحالية ظاهرة مزعجة، غريبة، وغير مفهومة، وهي الصدمات الكهربائية “الساكنة” التي يتعرض لها أغلب اللبنانيين عند ملامسة الأسطح المعدنية أو عند المصافحة، أو ملامسة شخص آخر.. أو حتى ملامسة الحيوانات الأليفة في المنازل!

الظاهرة، على الرغم من إزعاجها، شكّلت مساحة للاستهزاء عند اللبنانيين، خصوصاً في ظل غياب كهرباء الدولة، وأتاحت فرصة إطلاق عدد من النكات حول “الكهرباء البشرية” وسعر الكيلوات منها مقارنتها بكهرباء الطاقة الشمسية وكهرباء المولدات.. وكهرباء الدولة.

بعض اللبنانيين ذهب إلى حد تصنيف أنفسهم نتيجة اللسعات الكهربائية التي يصابون بها، بين كهرباء 110 أو 220 أو “تري فاز” (3phase).

وتتزامن هذه الظاهرة مع الطقس البارد والجاف الذي يسود البلد، خصوصاً مع تأثر الأجواء بتيارات هوائية من الاتجاه الشمالي الشرقي، مما يؤدي إلى انخفاض نسبة الرطوبة في الهواء.

وبحسب التفسير العلمي لهذه الظاهرة، فإن الصدمات الكهربائية تحدث نتيجة تراكم الشحنات الكهربائية على أجسادنا، وتكون أكثر شيوعاً في الأجواء الباردة والجافة. فعندما تنخفض نسبة الرطوبة، يصبح الهواء أقل قدرة على امتصاص الشحنات الكهربائية المتراكمة على سطح الجسم. ومع الحركة المستمرة واحتكاك الملابس، تتجمع شحنات كهربائية صغيرة على الجلد.

عندما يلمس الشخص جسماً معدنياً مثل مقبض باب المنزل أو السيارة، يحدث تفريغ سريع لهذه الشحنات، مما يؤدي إلى شعور فوري بالصدمة الكهربائية. ورغم أن هذه الصدمات تكون عادة غير ضارة، إلا أنها تسبب إزعاجاً كبيراً وتثير القلق لدى العديد من اللبنانيين.

فكيف نتجنب الصدمات الكهربائية الساكنة؟

ـ استخدام مرطب الهواء يساعد على زيادة الرطوبة في الجو، مما يقلل من تراكم الشحنات الساكنة.

ـ ارتداء الملابس القطنية والطبيعية يساعد على تقليل توليد الشحنات الساكنة.

ـ استخدام مزيلات الشحن الساكنة على الملابس والأثاث لتقليل تراكم الشحنات.

ـ ترطيب الجلد بانتظام يمكن أن يقلل من فرص حدوث الصدمات الكهربائية.

ـ نزع الأحذية عند الدخول إلى المنزل، فالأحذية يمكن أن تحمل شحنات ساكنة من الخارج، لذلك من الأفضل نزعها عند الدخول إلى المنزل.

ـ قبل لمس أي سطح معدني، حاول تفريغ الشحنات في جسمك تدريجياً عن طريق لمس سطح خشبي أو بلاستيكي.

ـ يمكن استخدام أجهزة ترطيب الهواء في المنزل والمكتب لزيادة الرطوبة في الجو، وتقليل فرص حدوث الصدمات الكهربائية.

وأكد دكتور الصحة العامة محمد شيت لموقع “الجريدة” أنه “من أكثر الأسباب التي تجعل الشحنات الكهربائية الساكنة أن تحدث وتتواجد، هو الهواء الجاف وانخفاض نسبة الرطوبة، لأن الرطوبة تحفز الشحنات الكهربائية أن تنتشر في الهواء”.

وأضاف شيت أنه “عندما يحصل احتكاك بين مثلاً ملابس نرتديها مصنوعة من الصوف، ولمسنا أي آلة الكترونية، ممكن أن تسبب أيضاً الشعور في الصدمات الكهربائية الساكنة”.

فهل للحرب التي يشهدها لبنان اليوم أي ارتباط بظاهرة الصدمات الكهربائية الساكنة التي يشعر بها أغلب اللبنانيين؟

يجيب الدكتور شيت بالتأكيد، مشيراً إلى أن الصواريخ المستخدمة، والقنابل الدخانية التي تؤثر على الهواء ورطوبته، تؤدي إلى زيادة العوامل الشعور بهذه الظاهرة.

وشرح الدكتور شيت أنه “في الحرب عادة، الرطوبة في الجو تنخفض، لأن القصف الذي يحدث يدمر كل محطات المياه التي تساعد بالحفاظ على الرطوبة، ومثلما ذكرنا سابقاً، عندما تنخفض الرطوبة، ترتفع الشحنات الكهربائية”.

وأضاف أنه من الأسباب الأخرى هناك الهواء، لأنه في الحرب “ترتفع نسبة التلوث في الهواء، بسبب انتشار الغبار والملوثات من القصف والدمار، مما يساعد أيضاً على ارتفاع الشحنات الكهربائية الساكنة”.

وأشار شيت إلى أن “الإنفجارات والقصف يخلقان طاقة قوية جداً، ممكن أن تولّد حقولاً الكترو مغناطسية لمدة خفيفة من الزمن، ممكن أن تساعد أيضاً لخلق شحنات كهربائية ساكنة”.

وعن أساليب تجنب حدوث الشحنات الكهربائية الساكنة، قال شيت: “نحن في حرب، ولن نتكلم بالمثاليات المتعارف عليها لأن الأمور والوضع الراهن لا يسمح القيام بذلك، لكن بالشكل العام يجب أن نزيد نسبة الرطوبة، مثل استخدام مكنات “Air humidifier”، لكن هذا صعب في حالة التهجير في البيوت المؤجرة أو المدارس التي تضم أعداداً كبيرة من الأشخاص في ظل التهجير، لكن من الممكن أن نتكلم عن بديل أسهل يساعد أيضاً، وهو ترطيب الجلد من خلال الكريمات”.

وختم شيت: “أعلم أن الموضوع الآن ليس كل هم اللبنانيين والتفكير في أساليب تجنبه، فالعالم الآن مشاكله وأوضاعه أصعب من ذلك بكثير، ولكن عندما ينزعج الناس بنسبة أكبر من هذه الظاهرة، فنعم سوف تبحث وتهتم بتجنبها”.