| غاصب المختار |
بعدما أقر مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضيأ بإجماع أعضائه الخمسة عشر، قرار التجديد لقوات “اليونيفيل” الدولية في الجنوب سنة كاملة، برزت إشكاليات متوقعة قد تعيق تنفيذ الكثيرمن بنوده، لا سيما “وقف الاعمال العدائية” من جانبي الحدود اللبنانية والفلسطينية المحتلة، في ظل استمرار المواجهات العسكرية ربطاً بإستمرار الحرب الاسرائيلية الوحشية على قطاع غزة وعلى الضفة الغربية لنهر الاردن.
وأكدت مصادردبلوماسية تابعت عن قرب حيثيات قرار التجديد لـ”اليونيفيل” لموقع “الجريدة”، أن هناك واقعاً صعباً على الأرض يعيق تنفيذ مندرجات القرار كما تريده الدول الأعضاء، لجهة وقف المواجهات وتمكين القوات الدولية من تنفيذ مهامها كما ينص القرار “بمنع تواجد السلاح والمسلحين جنوبي نهر الليطاني”، لا سيما أن مهمة اليونيفيل ـ بحسب المصادر ـ هي “مراقبة تنفيذ القرار”، لا تنفيذه بقدراتها، ما يعني أن التنفيذ يقع على عاتق دولة لبنان والكيان الاسرائيلي. لذلك فإن مطالبة “اليونيفيل” بتنفيذ القرار الدولي، ليست في محلها، بل هي موقف للإستهلاك السياسي.
وقالت المصادر: “إن لبنان الضعيف، من حيث عدم وجود رئيس للجمهورية وحكومة كاملة المواصفات، وإمكانيات اقتصادية منهارة وعسكرية ضعيفة، يواجه عدواً قوياً مدعوماً عالمياً. أما في حال كانت الدولة قوية بمؤسساتها الرسمية والدستورية، فيمكنها أن تواجه العدو بصلابة أكثر، مع أن وحدة الموقف الرسمي وصلابته حيال التجديد لليونيفيل كان مؤثراً في إقناع مجلس الامن بصيغة التمديد من دون تعديلات جوهرية عن قرار تجديد العام الماضي، إضافة إلى دعم فرنسا، حاملة قلم صياغة القرار، ودعم الجزائر العضو العربي في مجلس الأمن. لذلك يبقى ترتيب البيت الداخلي اللبناني، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، عاملاً أساسياً في مواجهة متغيرات المرحلة الاقليمية المقبلة”.
كما أن الكيان الاسرائيلي لم يكن راضياً عن صيغة قرار التجديد أصلاً بالصيغة التي تم إقرارها، لأنها لم تستجب لمطالبه ـ المدعومة أميركياً وأوروبياً ـ ما يعني أنه لن يستجيب لمتطلبات تنفيذه، بخاصة أن المندوب الأميركي لم يضغط كفاية لتعديل القرار ولكنه لم يعترض على الصيغة التي أقر بها لتسهيل إقراره، عدا عن أن المقاومة لن توقف إسنادها للمقاومة في غزة والضفة الغربية عبر جبهة الجنوب قبل وقف الحرب.
وإزاء هذا الواقع، لم يكن بيد أعضاء مجلس الأمن سوى المطالبة بوقف المواجهات والتحذير من خطر انفلات الأمور في الجنوب، نتيجة قرار اسرائيلي أو خطأ في الحساب قد يجر المنطقة كلها إلى حرب واسعة. وستبقى قوات “اليونيفيل”، في ظل الوضع العسكري القائم، بمثابة “شاهد” أو مراقب يسجل الاعتداءات والخروقات ويرفع بها التقارير إلى مرجعيته، من دون القدرة على التحرك الفعال لدفع الطرفين إلى تطبيق القرار 1701 من جهتي الحدود، وليس من جانب لبنان فقط.
فإذا لم يكن بمقدور هذه القوات ومجلس الأمن منع فتح جبهة الجنوب لمساندة المقاومة في غزة، فكيف يمكنها منع “إسرائيل” من التفلت من تنفيذ المطلوب منها بموجب القرار، ومنعها من الذهاب بالمواجهات إلى الحدود القصوى، وهي لم تستطع منعها طوال السنوات التي تلت إصدار القرار عام 2006 من خرقه عشرات آلاف المرات والاعتداء على لبنان بحجة “الدفاع عن النفس”، بينما لم تقم المقاومة بأي فعل عسكري إلّا في حالات نادرة جداً، كمنع جرافة من تغيير معالم الحدود، بينما تولى الجيش اللبناني العديد من المواجهات ضد العدو لصد خروقاته البرية وسقط له شهداء فيها، كما حصل في العديسة؟