خلاصات من الحرب.. لمن يريد أن يفهم!

| رندلى جبور |

في خضمّ الحرب، وبعد مرور عشرة أشهر على بدئها في جولتها الأاخيرة، التي سبقتها جولات كثيرة وستليها جولات أيضاً، من المفيد أن يفهم العالم ما كشفته هذه الحرب بوضوح، وما خرجت به إلى العلن، ونعدّد منها لمن لم يرَ بعد كالتالي:

أولاً ـ إن “إسرائيل” كيان يحيا على الإجرام واللا إنسانية، وهو لا يقيم أي اعتبار لقواعد، أو قوانين، أو أنظمة، أو أحكام قضائية دولية. ولا يشبع من الدم البريء الذي يريقه، ولا من التوسّع والاحتلالات، ولا من الإبادات والمجازر، ولو على حساب كل البشرية، وكأنه يؤكد فعلاً أنه صاحب ومنفذ مشروع “المليار الذهبي”، و”ليذهب ثمانية مليارات إنسان إلى الجحيم”، مع أن الجحيم يُفترض أن يكون محجوزاً للمليار الذي يدمّر العالم بماله وإعلامه وسلطاته.

ثانياً ـ إن الولايات المتحدة دولة تعيش على النفاق والغش والتضليل، وبَنَت جبروتها على الكذب، ولم تُصِب أي دولة ويلات غير طبيعية إلا وكانت بلاد “العم سام” خلفها. وهي سوّقت للديمقراطية، وتعمل بديكتاتورية مطلقة مع الغير، مانعةً الشعوب من حق تقرير مصيرها. ورفعت شعار حقوق الإنسان، فيما ترسل كل أنواع أسلحتها القاتلة إلى الكيان المغتصِب. وبشّرت بالليبرالية، واستخدمتها لتدمير الأوطان. وتحدثت عن المرجعيات الأممية، وهي تستخدمها باستنسابية بحسب مصالحها ومصالح الصهيونية التي بَنت معها شراكات لا تأكلها النيران.

ثالثاً ـ إن تهمة “معاداة السامية” هي تهمة معلّبة لمحاربة مَن يعارضون العقيدة الصهيونية والعنجهية الاسرائيلية، وهي جاهزة دائماً غب الطلب.

أما تهمة الإرهاب، فتُلصق بالمقاوَمات، بينما الإرهاب الحقيقي مولود في الرحم الأميركي الإسرائيلي، وما “داعش” و”النصرة” وأخواتهما، وما كشفه الأميركيون أنفسهم في هذا السياق، إلا شهوداً على ذلك.

رابعاً ـ إن بعض الأنظمة العربية والإسلامية لا تنتمي إلى العروبة والإسلام إلا بالتسمية. أما في الحقيقة، فهي شريكة في تدمير العروبة وتغريب الإسلام، وهي اليوم في حالة ضياع مع صعود العرب المقاومين، فلا هي قادرة على العودة إلى ما يجب أن تكون عليه، ولا هي “إلها عين” أن تعلن بالفم الملآن موالاتها للغرب.

خامساً ـ إن بعض الغرب ليس حليفاً لأميركا و”إسرائيل” بقدر ما هو تابع وخاضع، وهذا يمحو تاريخ بعض الأوطان الأوروبية العريق، ويزيل محطات المجد فيها، وينسف كل مفاهيم السيادة والاستقلال لديها.

سادساً ـ إن بعض الهيئات والمجالس الأممية أدوات للسياسات الأميركية والصهيونية، و”فيتو” واحد يكرسح فيها أي قرار جريء، ويحرمها من استقلاليتها، ويمنعها عن ممارسة عملها الذي من أجله نشأت، وتجب إعادة النظر بخدعة “الأجسام” الدولية تلك.

سابعاً ـ إن السلطة الفلسطينية كشفت عن وجهها الحقيقي، وهو أنها سلطة على الفلسطينيين لا من أجلهم، وأنها دمية بيد “إسرائيل”، وهي بتواطئها وتخاذلها وتسليمها، ساهمت في خسارة الأرض وتهجير الشعب وبيع القضية.

ثامناً ـ إن تسعين في المئة من المال والشركات والإعلام في هذا العالم مملوك من طرف واحد، ويُستخدم كأداة للتطويع وضد أي مقاومة أو ممانعة أو حالة رفض غير عبثية.

تاسعاً ـ إن كثيرين من مدّعي الحرية والحقوق وتمجيد الأبطال في الكلام، هم ضد كل ذلك بالفعل والممارسة ومن تحت الطاولات.

عاشراً ـ وحده فعل المقاومة في الميدان، ورفع خطابها في الاعلام بلا خوف أو سقوط في الإغراء، واستكمال هبّة الرأي العام ضد كل مشروع متسلّط خالٍ من أي عدالة، هي السبيل إلى الخلاص.

وأخيراً.. ليست فلسطين هي المشكلة، ولا مقاومة “إسرائيل” هي المسبِّب للحرب، بل إن “إسرائيل” هي المشكلة، والاستمرار في دعمها هو السبب الأساسي لعدم الاستقرار المزمن في هذا العالم.