| زينة أرزوني |
انتظرت الرد عسكرياً من طهران و”حزب الله”، فجاءها استراتيجياً مزلزلاً من غزة، مع اختيار حركة “حماس”، وبالاجماع، رئيسها في قطاع غزة يحيى السنوا،ر ليكون رئيسا للمكتب السياسي للحركة خلفا للشهيد إسماعيل هنية.
مع اختيار مهندس عملية “طوفان الاقصى” رئيساً لـ”حماس”، تكون قد وجهت صلية من الصواريخ يفوق عددها المئة من دون تفعيل صفارات الانذار، وأصابت “إسرائيل” في مقتلها، لأن الداخل الاسرائيلي، ومع لحظة الإعلان، كمن وضع يديه على رأسه ليقول: “ماذا فعل بنا بنيامين نتنياهو عندما اغتال هنية؟”. ويتساءلون “كيف سننهي الحرب مع رجل قام وقاد عملية طوفان الاقصى؟”. الرجل على علاقة طيبة مع محور المقاومة في طهران ولبنان واليمن والعراق، معروف عنه صلابته، وتعتبره “إسرائيل” الرجل الأكثر خطراً في تاريخها، فطوال 20 عاماً من الأسر لم تستطع “إسرائيل” فك “شيفرة” السنوار. على العكس عاش بينهم داخل السجون، وقام بدراستهم، ويعرف قيادة العدو ومجتمعه وكيف يفكر، وهو قادر على توظيف كل ذلك في مكامن الضعف عند العدو.
اختيار “حماس”، وفي أقل من أسبوع، السنوار خلفاً لهنية، له دلالات عدة، أولها أنه على الرغم من كل الظروف المعقدة المحيطة بها، سواء في غزة وفي الخارج، وصعوبة التواصل والاتصال، استطاعت تخطي هذه الصعوبات والتواصل في ما بينها والتوصل إلى إجماع على اختيار السنوار، بحسب ما أكد مسؤول العلاقات الإعلامية لحركة “حماس” في لبنان محمود طه في حديث لموقع “الجريدة”، معتبراً ان اختيار السنوار هو بمثابة رسالة تحدي للعدو الاسرائيلي أن حركة “حماس” قادرة، وباستطاعتها الخروج من المحنة التي وقعت فيها لحظة اغتيال هنية.
ضربة موجعة تلقاها كيان الاحتلال مع اختيار السنوار، فبحسب ما أكد المسؤول السياسي لـ”حماس” في منطقة صور عبد المجيد العوض في حديثه لموقع “الجريدة” أن الحركة ماضية في مشروع المواجهة مع الاحتلال حتى النصر.
“الرجل الذكي”، والذي لديه قدرات تنظيمية، ويفهم الإسرائيليين جيداً، حتماً سيقود المفاوضات بشأن الأسرى كما كان يقودها هنية، ولكن هذه المرة لن يكون هناك دبلوماسية، واختياره أشبه بضربة ثلاثية، فلن يسمع لقطر ولا مصر ولا تركيا، لن يسمع إلا لما تقوله المقاومة والمسارات على أرض المعركة، ولن يقبل بالتنازل عن أي شرط للإفراج عن الأسرى وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي في غزة، فمن المؤكد أن اختيار السنوار مناسب لحجم الضربة الإيرانية المرتقبة، وتبعاتها على مستقبل المنطقة والقضية الفلسطينية.
ومن دلالات اختيار السنوار أيضاً هو أن شعبية “حماس” ارتفعت بالداخل الفلسطيني، وبعدما تضع الحرب أوزارها لن يكون أمام الشعب الفلسطيني سوى توحيد كلمته باختيار قائد له تاريخ نضالي لا يقل عن ياسر عرفات.
وهنا اأيضا تكون “إسرائيل” أخطأت باغتيال هنية، وجرّت نفسها إلى مستنقع لن تستطع الخروج منه، ولن يبقى أمامها سوى خيارين، أو بالأحرى نارين:
إما المضي وراء جنون نتنياهو والاستمرار بالحرب والتحضير لعملية اغتيال جديدة للسنوار، والتي اختبرها أكثر من مرة على أيدي الصهاينة، وتحمل تبعات هذا التصعيد.
وإما اقرارها بالفشل عسكرياً، والانصياع إلى صفقة تكون المقاومة هي المهندسة لها، والاتفاق على وقف إطلاق النار، ويخرج يعدها السنوار بطلاً ورئيساً مستقبلياً لفلسطين.