| خلود شحادة |
قُرعت طبول الحرب أو لم تقرع.. لا أحد يمكنه القفز فوق حالة الترقّب التي يعيشها العالم، بانتظار الرد الإيراني ورد “حزب الله” على العدوان الإسرائيلي على كل من طهران وبيروت.
تمارس إيران أسلوب “الحبك العجمي”، وبهدوء مستفز لأعدائها، تلعب مع “حزب الله” على أعصاب كيان الإحتلال، الذي يعيش حالة أرق وارتباك، بانتظار الـ”كيف” لرد إيران و”حزب الله”.
أنتج العدوانان الإسرائيليان على كل من إيران ولبنان، سيناريوهات عدة متوقعة، حول آلية وكيفية الرد:
ـ السيناريو الأول، يقول أن الرد سيكون محدوداً، في محاولة لدرء الحرب الشاملة.
هذا السيناريو، هو الأكثر استبعاداً بين السيناريوهات المطروحة.
لن تتمكن إيران من السكوت عن الخرق الأمني لأحد ضيوفها في عقر عاصمتها، ولن تتمكن من تجاوز هذا الإعتداء، برد “صوري”. “حزب الله” يعيش الحالة ذاتها. لن تقبل إيران، ولا “حزب الله”، أن تصبح الأرض الإيرانية، واللبنانية، مرتعاً للإستهدافات الإسرائيلية، من دون رادع قوي، وبالتالي يكون محور المقاومة قد خسر معركة توازن القوة، التي كان قد رسخها منذ ما بعد الـ 2006.
كما أن الرد دون المتوقع، يكسر القاعدة التي وضعها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله عندما أكد أن القيادي مقابل القيادي، والمدني مقابل المدني،و”تل أبيب” مقابل وبيروت.
وبذلك، فإن “المحور” سيكون أمام أسئلة مشروعة من جمهوره، حول سبب عدم القيام بأي رد “عالي السقف” تجاه هذا العدوان الذي ذهب ضحيته قياديان كبيران” في المقاومة ومدنيون، خصوصاً بعد التهديد الإسرائيلي الذي أتى على لسان وزير الحرب في كيان الإحتلال والذي قال إنهم يعرفون “كل من يطل من نافذة بيته في بيروت”، وشكّل خطابه تهديداً مباشراً لكل من له صفة قيادية في المقاومة، وعلى رأسهم السيد نصر الله.
علاوة على ذلك، إيران في موقف محرج. اغتيال هنية في طهران، هدفه الأساسي إعادة حالة الشرخ بين الشيعة والسنة، الذين اتحدوا بعد معركة “طوفان الأقصى”، وأن عدم الرد الإيراني، دليل على أنها ضحّت بـ”الدم السني”!
ـ السيناريو الثاني، أن يكون الرد عالي السقف، يتناسب مع عمق الضربة الموجعة والخبيثة، التي قام بها العدو الإسرائيلي.
ضربة موجعة للأسباب التي باتت معروفة ومذكورة سلفاً.
وخبيثة لأنها ستجبر الدولة المضيفة، أي إيران، على الرد على هذا الإعتداء، ويكون بذلك قد حقق رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو مراده بجر المنطقة إلى حرب مفتوحة.
الملفت في الأمر، أن “إسرائيل” التي تبنت عملية الإغتيال في عمق الضاحية الجنوبية، لم تجرؤ على تبني عملية اغتيال اسماعيل هنية في طهران، مما يؤكد الخوف من أي تدحرج للوضع في المنطقة، إقليمياً، إلا أن نتنياهو يزداد إصراراً بـ”زكزكات” هنا وهناك، ليدفع المحور إلى خوض حرب شاملة.
الرد عالي السقف الذي من المتوقع أن تنتهجه إيران و”حزب الله”، سيؤدي إلى حرب شاملة، إن كان في لبنان، الذي يقاسم الدم والأرواح والبيوت مع غزة منذ الثامن من تشرين الأول من العام الفائت.
أو مع إيران الداعمة، أو مع اليمن والعراق كجبهة مساندة، أو مع سوريا، التي على ما يبدو أن الاتصالات معها لتكون شريكة الحرب المقبلة قد أثمرت، خصوصاً بعد انتشار خبر عن وصول دعائم أسلحة روسية إليها، ولم يتم نفي هذا الخبر، أو تبنّيه.
وإن صحت هذه المعلومة، بالإضافة إلى ما نشر عن إرسال روسيا أسلحة لإيران، نكون بالتالي أمام حرب كبرى ستتم من خلال هذه الدول، مما سيقيّد النفوذ الأميركي، ليس في المنطقة وحسب، بل في العالم، ونعود لمرحلة الثنائية القطبية.
الحرب الشاملة هذه، ستكون ليست فقط نقطة تحول في الزمن الحالي، بل إنها ستكون مرحلة تاريخية في مستقبل المنطقة.
إما سنكون أمام تمدد صهيوني من النيل إلى الفرات، وبتقهقر محور المقاومة، بحال صمته عن هاتين الجريمتين الشنيعتين اللتين ارتكبهما العدو الإسرائيلي.
أو سنكون أمام مسمار أول يُدق في نعش الصهيونية، وصدمة حقيقية لكيان الإحتلال الذي لن يعود آمنا بعد اليوم، وبالتالي هجرة بمئات الآلاف ليهود الكيان، خوفاً.
أما السيناريو الثالث المتوقع، وهو أن لا رد لا من إيران ولا من “حزب الله” على العدوان الإسرائيلي، فإنه خيار مطروح، ولكن بحالة واحدة: أن يتم وقف إطلاق النار بشكل كامل ودائم في غزة. وكل ما دون ذلك، يرفض الإيراني و”حزب الله” الحديث عنه، ويؤكدون أن “الرد قائم طالما أن الحرب في غزة مستمرة”. وبالتالي يقول محور المقاومة، إنه لا مانع من تقديم قادتهم فدية في سبيل وقف نزف الأرواح وحرب الإستنزاف الدائرة منذ السابع من تشرين الأول 2023.