مع تصاعد عمليات الاغتيال التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي لقادة وعناصر “حزب الله”، خلال الفترة الماضية، لجأ الحزب، في محاولة منه لمجابهة التقنيات التكنولوجية المتطورة التي تستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلي في تحديد مواقع قادته، إلى استخدام بعض التقنيات القديمة، على غرار توظيف الرموز في الرسائل والمحادثات، والاعتماد على خطوط الهواتف الأرضية.
وقالت مصادر مطلعة لوكالة “رويترز”، إنه في أعقاب استشهاد قادة كبار في غارات جوية إسرائيلية كانت تستهدفهم، لجأ “حزب الله” لاستخدام بعض التقنيات القديمة مثل استخدام الرموز في الرسائل وخطوط الهواتف الأرضية لمحاولة التهرب من تكنولوجيا المراقبة المتطورة لدى “إسرائيل”.
وبدأ “حزب الله” أيضاً باستخدام التكنولوجيا الخاصة به، منها الطائرات المسيّرة، لدراسة ومهاجمة قدرات “إسرائيل” على جمع المعلومات الاستخبارية، فيما وصفها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، بأنها استراتيجية تهدف إلى “إعماء العدو وصم آذانه باستهداف التجهيزات الفنية والرادارات والمناطيد”.
ويقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه يرد على “هجوم غير مبرر” من “حزب الله”، الذي بدأ إطلاق النار على أهداف إسرائيلية بعد يوم من بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وقال جيش الاحتلال إنه قصف أهدافاً عسكرية واتخذ “الاحتياطات الممكنة من أجل تخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين”. وجاء في البيان: “نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الجيش الإسرائيلي على جمع معلومات استخباراتية شاملة ودقيقة عن قوات حزب الله وقادته والبنية التحتية الإرهابية للمنظمة وأماكن وجودهم وعملياتهم”. ولم يجب الجيش عن أسئلة حول جمعه للمعلومات الاستخبارية والإجراءات المضادة التي يتخذها “حزب الله”، مرجعاً ذلك “لأسباب تتعلق بأمن الاستخبارات”.
وتلعب تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية دوراً حيوياً في هذه الهجمات. وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن لديه كاميرات مراقبة أمنية وأنظمة استشعار عن بعد على المناطق التي ينشط فيها “حزب الله”، وإنه يرسل بانتظام طائرات استطلاع مسيّرة عبر الحدود للتجسس على خصمه. ويُعتبر التنصت الإلكتروني الذي تقوم به “إسرائيل”، منه اختراق الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، على نطاق واسع، من بين أكثر العمليات تطوراً في العالم.
وقالت ستة مصادر مطلعة على عمليات “حزب الله”، في حديثها إلى وكالة “رويترز”، طلبت عدم الكشف عن هوياتها لحساسية المسألة، إن “حزب الله” تعلم من خسائره وقام بتعديل تكتيكاته رداً على ذلك. وقال اثنان من المصادر إن الهواتف المحمولة، التي يمكن استخدامها لتتبع موقع المستخدم، تم حظرها من ساحة المعركة واستبدالها بوسائل الاتصال القديمة، مثل أجهزة “البيجر” والسعاة الذين يبلغون الرسائل شفهياً.
وأوضحت ثلاثة مصادر أن “حزب الله” يستخدم أيضاً شبكة اتصالات أرضية خاصة يعود تاريخها إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وأفاد مصدر آخر مطلع على المسائل اللوجستية للحزب بأنه في حال سماع المحادثات، يتم استخدام كلمات مشفرة للأسلحة ومواقع الاجتماعات. وقال المصدر إن الكلمات المشفرة يتم تحديثها يومياً تقريباً وتسليمها إلى الوحدات عن طريق سعاة ينقلون الرسائل.
ويقول خبراء أمنيون إن بعض الإجراءات المضادة التي تستخدم فيها تقنيات قديمة يمكن أن تكون فعالة للغاية ضد قدرات التجسس عالي التقنية. فإحدى الطرق التي أفلت بها زعيم تنظيم “القاعدة” الراحل أسامة بن لادن من الاعتقال لما يقرب من عقد من الزمن، كانت من خلال قطع الاتصال بخدمات الإنترنت والهاتف، واستخدام السعاة بدلاً من ذلك.
وبيّنت إيميلي هاردينغ، المحللة السابقة بوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، والتي تعمل الآن في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن، أن “مجرد استخدام شبكة خاصة افتراضية (VBN)، أو أفضل من ذلك، عدم استخدام الهاتف المحمول على الإطلاق، يمكن أن يزيد من صعوبة العثور على الهدف وإصلاحه”. وأوضحت “لكن هذه الإجراءات المضادة تجعل قيادة حزب الله أقل فاعلية بكثير في التواصل بسرعة مع قواتها”.