مواد غذائية ومياه وعصائر “مسرطنة”.. والدولة “مش سألانة”!

| ناديا الحلاق |

“صحتك آخر همّنا”.. رسالة من الجهات المعنية في الدولة إلى المواطن اللبناني!

مواد غذائية وعبوات مياه وعصائر ومشروبات غازية معلبة ومجهزة لتصدير الأمراض السرطانية إلى أجسامنا، والسبب عرضها لفترات طويلة تحت أشعهة الشمس.

الكثير من المتاجر وأصحاب السوبرماركت يعرضون البضائع والسلع تحت أشعة الشمس الحارقة، بهدف الترويج لها وتصريفها، علماً أن لكل مادة غذائية شروط تخزين، وأهمها أن يتم التخزين في أماكن جافة وبعيدة عن الحرارة والإضاءة وأشعة الشمس لما قد تسببه من أضرار خطيرة على صحة الأنسان.

فماذا يحصل في جسم الإنسان في حال استهلاكهم المواد الغذائية وعبوات المياه والعصائر المعرضة لأشعة الشمس؟

مصادر طبية أكدت لموقع الجريدة أن “عرض البضائع تحت أشعة الشمس لفترات طويلة يؤدي الى تلفها وفسادها، وينتج عنها تفاعلات كيميائية، وتغير في طعمها ورائحتها وبالتالي تصبح غير صالحة للأكل والشرب”.

وكشفت المصادر أن التخزين غير الصحي للمواد الغذائية تسبب أمراضاً وأضراراً كبيرة على صحة الانسان في حال تناولها، لذلك لا بد على جميع التجار الالتزام بمعايير السلامة العامة فيما يخص المواد الغذائية والمشروبات عند نقلها أو عرضها أو تخزينها لأن صحة وسلامة الانسان ممنوع التلاعب فيها”.

وبحسب الدراسات فإن “عبوات المياه والمشروبات الغازية والعصائر التي توضع مباشرة تحت أشعة الشمس، تؤدي إلى تحلل مكونات العلب البلاستيكية ودخولها المياه والعصائر، ما يؤدي إلى تفاعل المواد مع بعضها، وتحرر مادة “الديوكسين” شديدة الخطورة، والتي تظهر بنسبة كبيرة في عينات الأنسجة المسببة لسرطان الثدي، أما تعرض الزيت لأشعة الشمس فيؤدي إلى تأكسده والتسبب في دخول مواد مسرطنة إلى جسم الانسان”.

أما بالنسبة للسلع المغلفة والمعرضة لأشعة الشمس فالمواد الكيميائية المهاجرة من الأغلفة إلى الطعام تسبب أوراما سرطانية، كما وتؤثر على الذاكرة وتتسبب بالأزهايمر لمن يتناولها.

كما أن ضرر أشعة الشمس لا يكون فقط على السلع المغلفة والعبوات، بل يطال أيضاً الخضار والفاكهة خصوصاً في الصيف ويفقدها قيمتها الغذائية وجودتها.

وأكدت المصادر الطبية ضرورة تشديد العقوبات على المخلين بشروط السلامة العامة والمستهترين بصحة الإنسان.
ولكن في بلد مثل لبنان، وفي ظل ما يحيطنا من أزمات تلفّ مجتمعنا برمّته وسط غياب لأدنى اهتمام بالمواطن وسلامته، يبقى التعويل على وعي اللبنانيين لمدى خطورة هذه الظاهرة على أجسامهم وصحتهم، خصوصاً وأن مديرية حماية المستهلك “حيّدت” نفسها عن الموضوع و “تفرّدت” بمراقبة ارتفاع الأسعار وتاريخ انتهاء صلاحية السلع، لتمر على البضائع المخزنة والمعروضة في أماكن غير آمنة ولا تستوفي الشروط التي يجب أن تحفظ بها مرور الكرام.

وفي إطار متابعة الملف، أكد رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو لموقع “الجريدة” ضرورة تطبيق كل ما يخص تفاصيل قانون حماية المستهلك من قبل مديرية حماية المستهلك، كونها الإدارة المولجة متابعة أمور صحة وسلامة السلع”.

وأشار إلى ضرورة تطبيق قانون سلامة الغذاء في لبنان، وإلى ضرورة وجود طاقم متكامل ومتخصص بمراقبة آلية تخزين وعرض وبيع السلع، لافتاً إلى أن جمعية حماية المستهلك تطلب من المواطن باستمرارعدم شراء الأغذية المعرضة لأشعة الشمس خصوصاً خلال الصيف بسبب مخاطر تلوثها.

وأوضح برو أنه ومنذ العام 2015 وجمعية حماية المستهلك تطالب بتطبيق قانون سلامة الغذاء في لبنان وفق الأطر والأساليب الحديثة بدل أن يكون موزرعاً على 8 جهات وإدارات ولكن لا حياة لمن تنادي.

وأسف “لعدم وجود مراقبة فعلية من الجهات المختصة لموضوع سلامة الغذاء في لبنان، حيث تعمل معظم المحلات والمصانع والتجار والمزارعين على هواهم بلا حسيب ولا رقيب”.

وشدد على أهمية “الحزم بتطبيق القانون وتكثيف حماية المستهلك جولاتها على المتاجر وتتغلغل فيها، وأن لا تحصر دورها فقط بمراقبة الأسعار وتاريخ صلاحية السلع”.

ولكن أين دور مديرية حماية المستهلك؟ وهل يجوز أن يبقى محصوراً بمراقبة الأسعار وتاريخ صلاحية السلع؟ أليست البضائع المعرضة لأشعة الشمس والتي تباع للمستهلك من ضمن مهام الجهات المعنية بمراقبة سلامة الغذاء؟ كيف لا وهذه السلع بعد تعرضها للشمس قد تؤدي الى تفاعلات كيميائية ومواد مسرطنة؟

المستغرب بالموضوع أن وزارة الاقتصاد جزمت الأمر وأكدت لموقع “الجريدة” أن هذا الموضوع غير مناط بها، بل من مسؤولية البلديات التي استهجنت بدورها الموضوع وبالمهمة التي “ألصقت” بها من دون علمها ما يضع عشرات علامات الاستفهام حول التخبط داخل الدولة، ومن المسؤول عن سلامة وصحة الانسان في بلد بات فيه الفلتان على كل الاصعدة ؟

ولكن ما يمكن تأكيده أن صحة وسلامة المواطن مسؤولية كبرى تقع على عاتق كل الجهات واجهزة الرقابة، ولا يمكن الاستهانة بها، والمطلوب اليوم من اللبنانيين الوعي واليقظة والتنبه لمخالفات فاقدي الضمير في ظل غياب وتغيب الدولة عن دورها في ضمان سلامة ما يتناوله المواطن.

* الآراء الواردة في المقالات تعبّر عن رأي كاتبها ولا يتحمّل موقع “الجريدة” أي مسؤولية عن مضمونها *