| غاصب المختار |
بعد جولاته الست على القوى السياسية في لبنان، وصل الموفد الفرنسي جان ايف لو دريان إلى طريق مسدود في مسعاه لانتخاب رئيس للجمهورية، نتيجة أسباب وخلافات سياسية داخلية لبنانية، وأسباب تتعلق بعدم قدرة فرنسا، منفردة ومن ضمن مجموعة الدول الخمس، على فرض إرادات على لبنان “الموزاييك” الغريب العجيب.
كما وصل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى طريق مسدود، في مسعاه لوقف المواجهات العسكرية في الجنوب، نتيجة أسباب “مبدئية” لبنانية تتعلّق بإسناد المقاومة في غزة، ونتيجة محاولة فرض إرادات أميركية ـ إسرائيلية ضد مصلحة لبنان.
تعي فرنسا، أكثر من غيرها، طبيعة التركيبة السياسية اللبنانية، ونظام لبنان السياسي الذي لم يتغير بعد اتفاق الطائف كثيراً وجوهرياً عن لبنان ما بعد الاستقلال، فلا زالت التركيبة تقوم على مصالح سياسية وطائفية للقوى السياسية المتحكمة بقرار البلد على كل المستويات، ما يعني إنتاج الكثير من الأزمات وصعوبة كبيرة في إنتاج حلول للأزمات.
كما تعي الإدارة الأميركية، التي دخلت على اللعبة السياسية اللبنانية بعد التسعينيات بشكل مباشر وتفصيلي، طبيعة العلاقات بين القوى السياسية اللبنانية بحيث باتت لها “المونة الكبرى” على عدد من الأحزاب والقوى السياسية، وعلى الجمعيات الأهلية وما يُسمّى المجتمع المدني الذين ظهرت “مواهبهم العظيمة” في ما سُمّي “انتفاضة 17 تشرين الاول 2019” وإلى أين وصلنا بعدها.
آن لفرنسا وأميركا أنْ تَعِيا أنّ لبنان ما قبل تحرير الجنوب عام 2000 هو غير لبنان ما بعد الألفين، وأن ما تكرّس بالدم والشهادة لن يزول بصفقات وتسويات سياسية آنية ليست لمصلحة لبنان بل لمصلحة “إسرائيل”.
وإذا كانت فرنسا ترغب بالحوار اللبناني للوصول إلى تسوية رئاسية، وهو أمر مقبول وإيجابي، ولو كان صعبا نظراً للفسيفساء اللبنانية الشديدة التعقيد، فإن ما نقلته بالتنسيق مع الاميركيين مرفوض وغير منطقي وغير عادل، حول وقف المواجهات في الجنوب ومطالب وشروط الكيان الإسرائيلي لتطبيق القرار 1701 من جانب لبنان مقابل تعهد “إسرائيل” بوقف الغارات والخروقات سرعان ما “تلحسه” عند أول مناسبة.