بنيامين نتنياهو

رسائل وأهداف نتنياهو من “التـ ـحرش” بإيــ.ـران.. أين لبنان؟

| غاصب المختار |

كان من الطبيعي توقع انزلاق حكومة الحرب الاسرائيلية إلى تصعيد عسكري خطير، و”التحرّش” بإيران عبر قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، في ضربة موجعة لإيران، وذلك لتوجيه عدة رسائل في أكثر من اتجاه اقليمي ودولي، ولتحقيق عدة أهداف سياسية وعسكرية، أراد من خلالها رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو تحسين صورته الداخلية، ومحاولة طمأنة الاسرائيليين إلى أن “قوة الردع لدى الكيان ما زالت فاعلة”.

لكن لعل أهم الرسائل التي وجهها نتنياهو كانت باتجاه الادارة الأميركية، التي كانت، حتى قبل لحظات من العدوان، على دمشق تضغط عليه لعدم تصعيد الموقف وتوسيع نطاق المواجهات، لا سيما لجهة عدم اجتياح منطقة رفح في قطاع غزة، وعدم توسيع الاعتداءات على جنوب لبنان. وثمة رسائل أخرى موجهة إلى خصومه السياسيين في الداخل بأنه ما زال يتمتع بهامش الفعل المؤثر. وإلى الخارج ـ وبخاصة إلى إيران وحلفائها ـ بأنه مستعد للذهاب في المواجهة معها إلى آخر الطريق مهما كانت النتائج، لا سيما أنه خاسر خاسر في حربه على غزة وعلى جبهة لبنان، إذا لم يحقق ما يصفه دوماً “النصر الناجز” أو “الكامل”!

وبغض النظر عن الرد الايراني الذي أعلنت قيادات إيران العليا أنه آتٍ لامحالة، فإن ما بعد “ضربة دمشق” سيكون غير ما قبلها، لجهة فشل محاولات ومساعي تبريد الجبهات في كل الساحات اولاً، ولجهة أن فشل الإدارة الأميركية بشكل مخزٍ بالضغط على نتنياهو، سينعكس حكماً على هذه الساحات مزيداً من التصعيد العسكري ثانياً.

ويرى مصدر سياسي متابع أن “ضربة دمشق”، والتصعيد الإسرائيلي، خلال اليومين الماضيين، في جبهة جنوب لبنان اللذين تليا قصف القنصلية، وتوسيع نطاق القصف والغارات على قرى جنوبية للمرة الأولى، والذي أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى ودمار كبير، مؤشر على رغبة نتنياهو في العمل بضراوة على أكثر من جبهة، في محاولة لقلب معادلة “وحدة الساحات” واستفرادها في جبهة الجنوب وجبهة الجولان، تاركاً جبهتي العراق واليمن للأساطيل الأطلسية التي تجوب منطقة البحر الأحمر والخليج.

وعلى الرغم من أن “دوز” رد المقاومة المكثّف من لبنان ما زال على وتيرته المضبوطة باستهداف مواقع وثكنات وتموضعات عسكرية للعدو، مع بعض الردود المدروسة بقصف أهداف مدنية في بعض المستوطنات رداً على استهداف منازل الجنوبيين، فإن الوضع بات مفتوحاً أكثر على احتمالات لم تكن بالحسبان، وفقاً لما يقرره أركان الحرب في الكيان الاسرائيلي بعد تفلّتهم من كل الضغوط الأميركية والأوروبية، وبرغم التلويح بوقف الدعم العسكري للكيان.

وإذا كانت المقاومة في لبنان تؤكد أنها مستعدة لكل أنواع المواجهات العسكرية، حتى الحرب الأوسع، فإن معطيات الداخل الإسرائيلي تشير إلى أن الاستعداد العسكري، والتدريبات والمناورات التي تحاكي هجوماً على الجنوب لدفع المقاومة كيلومترات بعيداً عن الحدود، هي بمثابة تهديد إضافي للبنان لا يختلف كثيراً عن التهديدات التي أطلقها العدو طيلة الأشهر الستة الماضية. ومع ذلك بقي تحسّب المقاومة قائماً للرد الموجع، وتوسيع نطاقه أكثر عند الضرورة، على قاعدة أن “الحرب سجال، يوم لك ويوم عليك”، والمهم من يصرخ أولاً من شدة الألم، وقد بدا أن الصراخ في الداخل الاسرائيلي مرتفع بشدة، وقد صلت أصداؤه إلى دول العالم بأن الجبهة الداخلية لم تعد تحتمل مزيداً من الضربات والتهجير والخسائر الاقتصادية الضخمة، كما هي حال لبنان، مع فارق أن لبنان اعتاد على الحروب التدميرية، ولكن الداخل الاسرائيلي لم يعتَد عليها، ولا يحتمل تأثيراتها.