| كارلا الخالد |
يدّعي المالكون القدامى أن «تحرير» أملاكهم من المستأجرين القدامى بدأ بصدور القانون 160 في عام 2014، بينما يرى المستأجرون القدامى أن القانون لم يطبّق بأيٍّ من تفاصيله المتعلقة بآليات التحرير، وأهمها إنشاء صندوق يموّل عمليات الإخلاء. تتواصل خصومة الطرفين المفتوحة منذ عقود وسط غياب تام للتشريع والقضاء عن أيّ حسم.عندما أُقرّ قانون تحرير الإيجارات في 2014، صُنّف مستأجرو المساكن القديمة العائدة لما قبل 1992 بين مَن يستفيد من صندوق الإخلاء الذي يفترض أن ينشأ في وزارة المال، وبالتالي يمنحون 9 سنوات لردّ مسكنهم إلى المالك، وبين من لا يستفيد من الصندوق فيُمنح 12 سنة لردّها إلى المالك. وفي هذه السنوات، يزداد الإيجار تدريجاً. لكن الصندوق المفترض لتسديد كلفة الإخلاءات لم يُنشأ، ثم تعرّض قانون 2014 للطعن وصدوره معدّلاً في 2017.
كان يفترض أنه بعد شهرين على صدور القانون، تتشكّل لجان قضائية مختصّة، وبعد أربعة أشهر يتشكّل الصندوق الذي سترصد له وزارة المال اعتمادات مالية تُستخدم لتسديد كلفة إخلاء مساكن المستأجرين القدامى وردّها إلى مالكيها.
وبحسب القانون، يستفيد من الصندوق الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري خمسة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور (3.3 ملايين ليرة قبل الانهيار). لكن تأخّر تشكيل اللجان لغاية 2019، وانسحب الأمر على تشكيل الصندوق. اللجان بدأت تستقبل طلبات المستأجرين في تموز 2020، إنما لم تقم بدورها بسبب الأزمة النقدية والمصرفية.
هكذا انفجر الصراع مجدداً بين المستأجرين والمالكين. يرى المستشار القانوني لمالكي العقارات والأبنية المؤجرة المحامي شربل شرفان، أن القانون أصبح نافذاً اعتباراً من 28/12/2014، مشيراً إلى أن القانون الصادر في 2017 ليس سوى قانون تعديلي «وإن لم تتم صياغته بالشكل المعتمد عادةً في صياغة القوانين التعديلية، فإن ذلك لا يجعل منه قانوناً جديداً تبدأ منه السنوات التمديدية». ويجادل شرفان في أصل الفكرة، إذ يرى أن «حقّ السكن» الذي يتمسكّ البعض به، هو حق للمواطن على دولته التي من واجباتها تقديم هذا الحق وتأمينه لجميع المواطنين على حد سواء. بمعنى آخر، لا يجب أن يقع تنفيذ هذا الحقّ على المالكين القدامى.
في المقابل، تقول المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة، إن إعادة احتساب المهل والزيادات «يجب أن تبدأ من تاريخ إصدار قانون 2017 وليس قانون 2014، أي أن الإيجارات لا تُحرَّر في عام 2023». وتستند جعارة إلى كون «المهل الأساسية والمصيرية المتعلقة بحقوق المستأجرين انقضت قبل بدء اللجان بالعمل، وبالتالي كيف للجان أن تبتّ بهذه الحالة؟ لذا يجب العودة إلى مجلس النواب لإجراء تعديل وصياغة تتناسب مع هذا التأخير». كذلك تبني جعارة موقفها القانوني بالإشارة إلى نصّ المادة 58 التي تقول: «خلافاً لأيّ نصّ مخالف، يعلّق تطبيق أحكام مواد هذا القانون المتّصلة بحساب المساعدات والتقديمات الى حين دخوله حيز التنفيذ»، لافتة إلى أن الحساب لم يدخل حيّز التنفيذ. لم يُموّل ولم يُدفع للمستأجرين. لذا، «نعتبر أن القانون ما زال معلّقاً على هذه الفئة من المستأجرين».
الخلاف ينسحب أيضاً على الإيجارات غير السكنية. ترى جعارة أن القانون قاسٍ بحقّ المستأجرين، إذ إن القيم المطلوبة غير واقعية ولا تتناسب مع الوضع اللبناني الذي لا تتعدى فيه البدلات 3% (من قيمة المسكن) ولا تتلاءم مع المعدلات العالمية «فمتوسط عائد الإيجار في هونغ كونغ 1.81%، وفي نيويورك يتراوح بين 2% و3%، أما في اليابان فهو 2.5%. أما في لبنان فإن القانون الذي ردّه رئيس حكومة تصريف الأعمال يحدّد عائداً سنوياً نسبته 8%، لذا هو غير عادل.
في المقابل، يعتقد شرفان أن بدلات الإيجار عالمياً نسبة لقيمة المأجور غير السكني تتراوح بين 8% و12% وفق آلية تبدأ في السنة الأولى بـ 2% وفي السنة الثانية 4% ثم في السنتين الثالثة والرابعة 8%… يرى أن هذه النسب عادلة، وخصوصاً أن الأماكن غير السكنية تشغلها شركات ومؤسّسات وتجار يبيعون السلع والخدمات بالدولار النقدي أو بسعر صرف 90 ألف ليرة مقابل الدولار، أي أن لديهم قدرات مالية لتسديد بدل المثل، فضلاً عن أن التخمينات في الأبنية القديمة أقل بكثير من الأبنية الجديدة، بمعنى أن الـ 8% في بناء حديث تساوي 3 أو 4% في بناء قديم.