الطريق الى الإنتخابات.. تمرّ ببعبدا حكماً!

 / جورج علم/

بقيت نتائج الزيارة خلف الأبواب الموصدة.

يقول عضو مشارك، أن وفد التيار الوطني الحر إستقبل بحفاوة في دمشق، وكانت المحادثات، شاملة، سادتها التفاهمات حول العديد من القضايا المشتركة.

  • ماذا في التفاصيل؟
  • يجيب: التفاصيل من أسرار المجالس، والمجالس بالأمانات، لكن بعضها سيظهر على أرض الواقع مع قادم الأيام، وعندها يحكم لها، أو عليها.

إستوقفني في الحديث “تمريرات” تستدعي التوقف عندها.

أولاً: إن الإنتخابات ـ إن جرت في مواعيدها ـ لن تكون من غلال الحقل الأميركي، أو الأوروبي، هناك قوى فاعلة لم تقل كلمتها بعد.

تحتل السفيرة الأميركيّة الشاشات، وتفيض بالإملاءات حول “ما يجب أن يكون، أو لا يكون”، في حين أن السفير الروسي ملتزم بالرصانة، والصمت، والإبتعاد عن الأضواء، علما بأن لروسيا في لبنان أكثر بكثير مما للولايات المتحدة.

وتتنقل السفيرة الفرنسيّة من خلوة الى أخرى، وسط همود لافت عند الكثير من السفراء العرب والأجانب الذي يمثلون دولاً صاحبة وزن وتأثير على مجريات الأمور. هناك شرخ كبير يبدأ بالسقف الدولي، ويشمل الإقليمي، والعربي، ويشطر الدول الى محورين: الأول مع الانتخابات، لاعتبارات تمليها مصالحه، والثاني لم يقل كلمته بعد.

ثانياً: إن الانتخابات الرئاسية، هي التي ستقرر مصير الإنتخابات النيابية. وتدور المعركة اليوم حول من سيخلف الرئيس ميشال عون. المحور “المعارض للعهد” لا يريد “وريثا سياسيّاً”، لا صهراً، ولا امتداداً، ولا نهجاً. محور “الممانعة” لن يتخلّى عن الإمتيازات و”الإنجازات” التي حققها خلال وجود عون في بعبدا، ويقلّب بين يديه الكثير من أوراق الضغط التي يمكن ان يستخدمها في الوقت المناسب، والمكان المناسب، لتأمين الإستمراريّة، وسط ظروف عربيّة، وإقليميّة، ودولية بالغة التعقيد.

لا يمكن لـ”حزب الله” أن يضع رأسه تحت أي مقصلة، وهو صاحب اليد الطولى في التقرير، والتدبير، حتى إشعار آخر.

ثالثاً: تبقى المبادرة الكويتيّة مشكورة، بقطع النظر عن مفاعيلها المستقبليّة، لكنها مبادرة ناقصة، لأن الإجماع العربي يعاني من نقص، وفراغ، وتهميش. اللقاء التشاوري لوزراء الخارجيّة العرب في الكويت كان ناقصاً، والدليل أن وزير الخارجيّة العماني غادر الإجتماع متوجهاً الى دمشق حاملاً معه الصوت، والصورة، والجهود المشكورة.

قمة الجزائر العربيّة تميل مع رياح التأجيل، لأن النقص العربي، لا يمكن أن ينتج عملاً متكاملاً. ثم أين الوزن العربي من كل ما يجري اليوم ما بين المحيط والخليج؟ أين الدور، والموقف، والقرار الحازم من الملفات المطروحة التي تستهدف الأمن العربي، والإقتصاد العربي، والمصير العربي المشترك؟!

إن “النقص” لا يمكن ان يطلب من لبنان الكمال؟!

رابعاً: قبل وفد ” الوطني الحر”، وبعده، كانت هناك إجتماعات تنسيقيّة لبنانية، سوريّة، ومصرية، أردنيّة حول الغاز واالكهرباء الى لبنان عبر سوريا. لا شك أن لسوريا مصلحة في ذلك، لا بل حاجة، وضرورة تقتضيها ظروفها الخاصة، ولكن عندما يكون الحديث عن غاز مصري، وكهرباء من الأردن عبر سوريا، فهذا وحده كاف للتأكيد على مدى أهمية الرئة السورية، وكم لبنان بحاجة ماسّة اليها ليتنفس؟!

الجهود العربيّة مشكورة، وأيضا المساعدات، ولكن على أهميتها لا ترقى الى مصاف الرئة التي يحتاجها لبنان فعلا، كي لا يختنق!

يبقى أن الأمم الحيّة هي التي تعرف حدود مصالحها، وتعرف كيف تحميها، وتدافع عنها. عندما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان يواجه الولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي، بالأنياب والأظافر حول أوكرانيا، إنما قرر الحرص على الأمن القومي الروسي، كي لا تصبح موسكو على مرمى حجر من حلف “الناتو” الذي يطمح لنشر مظلته فوق العاصمة الأوكرانيّة كييف.

نحن في لبنان منقسمون، حتى حول كييف!