“إسرائيل” تحلّق فوق جثتها.. وجثة النظام العالمي

| رندلى جبور |

كلما زادت “إسرائيل” من تحليق طيرانها واعتداءاتها وقصفها واستهدافاتها وغطرستها وإجرامها وعنجيتها، كلما اقترب موعد نهايتها ونهاية النظام العالمي في آن.

هذه هي الخلاصة التي بها نبدأ.

فالعدو الاسرائيلي، في كل طلعة استطلاعية له، وفي كل ضربة يوجهها ويُسقط فيها دماً، إنما يدقّ مسماراً إضافياً في نعشه، وذلك للاسباب الموضوعية التالية:

أولاً ـ إن “إسرائيل”، بتصرفاتها تلك، تكبّر حجم الرأي العام العالمي المضاد لها، وبالتالي تفقد الحاضنة الشعبية الضرورية لأي حياة سياسية.

ثانياً ـ إن “إسرائيل” التي تخوض الحرب من دون أن تحقق أهدافها، تضع نفسها، والمحور الغربي المؤيد لها، على حفافي الانكسار، وتضع المحور المقابل الذي بات قوياً بما يكفي، تلقائياً، على ضفة الانتصار، ولو كانت الكلفة عالية، وهذا يعني قلب ميزان القوى.

ثالثاً ـ إن “إسرائيل”، بكل طلعة جوية، أو رصاصة تطلقها بلا طائل، أو آلية تستخدمها وتتعطل بصاروخ حمساوي، أو عسكري ترسله إلى الميدان ويعود إما قتيلاً أو جريحاً أو منهاراً، تخسر معنوياً، وتخسر اقتصادياً ملايين الدولارات، والأثمان الباهظة تدفعها بشراً وتقنيات وإغلاق بحار وحصار موانئ وعطلاً سياحياً وخدماتياً، وعطباً في الأعمال والفرص، وخلافات داخلية وإفراغاً للمستوطنات وهجرة معاكسة، وهذا يكفي لتدمير كيان مصطنع، بعكس حالة الأوطان المتجذرة في أرضها.

رابعاً ـ مشهد غزة هو نقطة تضاف في كوب قلب المشهد الدولي، الذي يبدأ من طريق حرير الصين، إلى روسيا التي ولدت قيصراً من جديد في رحمَي سوريا وأوكرانيا، إلى الشرق الأوسط، والسعودية التي أعادت الحرارة الى العلاقة مع إيران ورفضت أيضاً الانضمام إلى التحالف ضد اليمن رغم الحرب معه لسنوات، إلى اليمن الذي “يربي” العالم بالبحر الاحمر، إلى ايران التي لم تكسرها كل العقوبات، إلى سوريا التي قامت من تحت ردم الحرب الكونية وعادت مرفوعة الرأس إلى جامعة الدول العربية، إلى لبنان والحدود التي تلقّن دروساً موجعة، إلى جنوب أفريقيا ومرافعتها البطولية في الجنائية الدولية، إلى منظمة “البريكس” التي ضمّت مزيداً من الدول إليها هذا العام، إلى أميركا الجنوبية المنتفضة ضد الشمالية بمعظمها، إلى أوروبا التي تعيش عصر الرداءة والتفاهة والتبعية…

هذه التغييرات، بتفاصيلها، كبيرة جداً ولا يمكن أن تكون عابرة، وكلها مجتمعة مع غباء “إسرائيل” في حربها الحالية، سترسم بداية النهاية، لا للكيان المارق وحسب، بل للنظام العالمي برمته، والكل بدأ بالرقص فوق جثته!