سقطت المنطقة العازلة: البحث جارٍ في تطبيق الـ1701

| غاصب المختار |

يبدو أن موضوع الاستحقاق الرئاسي أصبح في المرتبة الثانية أو الثالثة من اهتمام الدول المعنية بلبنان والموفدَين الفرنسي والقطري، اللذين يجولا في لبنان على القوى السياسية، بعدما تأكد أن جان إيف لودريان بدا مهتماً جداً في لقاءاته لا سيما مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، بملء الشغور في قيادة الجيش، وبدا أن الموفد القطري أبو فهد ما زال مهتماً بطرح اسم قائد الجيش من ضمن قائمة المرشحين للرئاسة. في حين حلَّ موضوع التهدئة في الجنوب ومصير القرار الدولي 1701 بالتوازي مع موضوع الشغور في قيادة الجيش.

ولعل ما تم تسريبه خلال الايام الماضية من طروحات أوروبية عن مصير القرار 1701، سواء لجهة طرح “تعديله أو تطويره” أو حتى استبداله بعدما استنفذ مفاعيله في الجنوب حسب رأيهم، وانشاء منطقة عازلة في الجنوب من جهة لبنان، لاقى اصداء سلبية في لبنان، عدا عن أن ما تسرب عن الموقف الفرنسي يؤكد رفض المساس بالقرار، وعدا الموقف اللبناني الرسمي السلبي أيضا من كل الطروحات والتسريبات، والمتمسك بضرورة إلزام الكيان الاسرائيلي بتطبيقه كاملاً ووقف الخروقات اليومية المستمرة منذ ما قبل وأثناء وربما بعد الحرب على غزة، والانتقال من مرحلة “وقف الاعمال العدائية” التي نص عليها القرار إلى مرحلة وقف اطلاق النار والتعديات والخروقات نهائياً، ومعالجة مسألة استمرار الاحتلال لمزارع شبعا وتلال كفر شوبا والتحفظات اللبنانية على النقاط التي ما زالت عالقة أو محتلة عند الخط الازرق الحدودي، ومصير المنطقة المحتلة في خراج بلدة الماري شمال الغجر سابقاً، وهو الموقف الرسمي الذي أبلغه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، لكل الموفدين والسفراء، بمن فيهم الموفد الفرنسي لودريان والسفيرة الأميركية دوروثي شيا.

الدول الأوروبية المشاركة في قوات “اليونيفيل” تخشى على جنودها، وهي حجة لمطالبة بعضها بتعديل القرار 1701 ومنها من طالب بتطبيقه وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة “أي بالقوة”.

لكن يبدو أن الموقف الأميركي قد هدّأ من غلواء هذه الدول و”طحشتها” بإتجاه الدفع بإتجاه محاولة تطبيقه، لذلك كان المسعى الأميركي عبر الموفد آموس هوكشتاين ، يتجه نحو معالجة بعض مطالب لبنان الحدودية علَّ ذلك يخفف بنسبة كبيرة من التوترات في الجنوب، ويدفع نحو هدنة طويلة إلى حين تبيان مسار وضع المنطقة والخطط التي بدأت توضع لها لمرحلة ما بعد حرب غزة.

وقد أكدت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى لموقع “الجريدة” أن أياً من الموفدين أو السفراء لم يطرح على لبنان رسمياً موضوع تعديل القرار 1701، بعدما جرى طيّ هذا الطرح أو إقامة منطقة عازلة، لكن ما تم التأكيد عليه هو كيفية تطبيق القرار بكامل مندرجاته، بما فيه “عدم تواجد المسلحين جنوبي الليطاني” في إشارة إلى المقاومة.

وقالت المصادر: لكن بما أن للمقاومة هدف تحرير الأرض فيجب على المجتمع الدولي إلزام “اسرائيل” بالانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة، والنقاط المتحفظ عليها وشمال بلدة الغجر. أمت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا فلها وضع خاص يتعلق بتثبيت لبنانيتها في الأمم المتحدة وبإتفاق لبناني – سوري رسمي منتظر من سنوات، مع أن سوريا أعلنت رسمياً أن هذه المنطقة لبنانية لكنها لم تستكمل موقفها هذا بإتفاق رسمي مع لبنان. في حين أن المنطقة العازلة إذا كان لا بد منها، يجب أن تشمل جانبي الحدود لا الجانب اللبناني فقط.

تهدئة ساحة الجنوب مطلوبة أميركياً كما هي مطلوبة أوروبياً، لأن سخونتها تؤثر بشكل فعّال على مسار ونتائج الحرب الاسرائيلية التدميرية الهمجية على غزة سياسياً وعسكرياً. ولعلها تؤخر الحسم الذي يريده الأميركي والاسرائيلي لمصلحتهما، فكان هذا “الهيجان” التحذيري صبح مساء، من مغبة توسيع الحرب إلى لبنان، ولكن أوروبا معنية تماماً كالأميركي بتهدئة ساحة الجنوب لأسباب أخرى تخصها، فجنودها موجودون في الجنوب، وهاجس هجرة النازحين السوريين نحوها ما زال يؤرقها في حال توسعت الحرب، واضطر النازحون إلى زيادة هجرتهم نحو القارة العجوز، عدا عن أن توسيع الحرب يعرقل مشاريع بعض دولها السياسية والاقتصادية وخصوصاً فرنسا في لبنان.