“زادها” جبران في “التمايز”!

| غاصب المختار |

لم يكن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بحاجة إلى كل هذه الخطابات في “عشوات” التيار من منطقة إلى أخرى، ليؤكد تمايزه عن القوى السياسية الأخرى، وهو الذي تمايز أصلاً عنها بخلافه مع معظمها، إن لم يكن كلها. حتى أن “تقاطعه” مع قوى المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور كان هدفه، وحسب مصادر “التيار” المختلفة، منع وصول رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية إلى سدة الرئاسة، ليقينه أن أزعور لن يصل أيضاً، وليحجز لنفسه مكاناً في رأس قائمة الناخبين الكبار، بعدما لم يتمكن من حجز مقعده في قائمة المرشحين الكبار للرئاسة.

كما أن تمايزه في طريقة طرح المواضيع السياسية والإنمائية والحكومية، الخلافية وغير الخلافية، لم تجد لها مكاناً مؤثراً ولا صدى مقبولاً، نتيجة أسلوبه الحاد في طرح الامور، وتقديم نفسه على أنه يمتلك وحده كل الحقيقة وكل المعرفة وكل احتياجات البلاد والعباد وكيفية إدارة الدولة، لدرجة أنه اضطر إلى إصدار بيان توضيحي لكلامه في العشاء الأخير للتيار في البترون، بعدما أخذه البعض على غير محمله المقصود.
“زادها” جبران في تمايزه إلى حد أنه “لم يترك له صاحب”، حتى اختلافه مع “حزب الله” حول الاستحقاق الرئاسي كاد يحوله إلى اختلاف، لولا سعة صدر الحزب وتفهمه للهواجس المسيحية عامة، وفي موضوع اللامركزية الادارية الموسعة وانشاء الصندوق الائتماني أو السيادي بشكل خاص، لكن بشطب وعدم تبني عبارة “اللامركزية المالية”، لأن بعض المزايدين أيضاً توسّع أكثر في مفهوم اللامركزية وطالب بأن تشمل التشريع! بحيث أن أصحاب هذا الطرح لم يتجاوزوا الدستور ووثيقة الوفاق الوطني فحسب، بل تجاوزوا المنطق الإداري والسياسي في دولة مركزية منذ النشأة، مع كل الظلم الذي أصاب الاطراف نتيجة هذه المركزية المتسلطة.
وبغض النظر عن التفاصيل المتعلقة بطروحات باسيل حول كيفية إدارة الدولة، ولا سيما الوزارات التي تسلمها “التيار”، ومنها بشكل خاص وزارتي الطاقة والاتصالات، والتي أثيرت حولهما علامات استفهام كثيرة بقيت قائمة برغم توضيحات الوزراء المتعاقبين عليهما. فإن طرح باسيل بشكل عام حول كل المواضيع، وبرغم صدق نواياه في أمور كثيرة، يجعله خارج التأييد اللازم توافره، سواء في مجلس النواب أو في مجلس الوزراء.
وعليه، يُفترض بباسيل، الذي لا يشك أحد بذكائه وديناميته، إعادة النظر بأسلوبه وطريقة تعاطيه مع القوى السياسية الأخرى، ومع المواضيع الإدارية والإجرائية التي يحتاجها البلد، هذه الطريقة التي تتسم أحياناً بـ”الإستعلاء”، فينضم، من حيث يدري أو لا يدري، إلى جوقة التعطيليين نتيجة عدم موافقة أغلب القوى السياسية على طروحاته، حتى لو كان لأسباب كيدية سياسية. ففي السياسة اللبنانية لا قطيعة نهائية مع أحد، ولا استعداء لطرف، ولا استعلاء على طرف.