في المنطقة استكمال لمسار الانفراجات والتفاهمات، وفي بيروت تتعثر محاولات انهاء الشغور الرئاسي وتنشغل الاوساط السياسية برصد المفاعيل الرئاسية لزيارة وزير الخارجية الايراني وفك شيفرة الرسالة الايرانية لحزب الله. وفي سياق التجاذبات الداخلية حيال الاستحقاق الرئاسي برز موقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جزين مفاده ان التيار لا يستبعد احدا ويستوعب الجميع ولكن من قرر ان يستبعد نفسه بإرادته فهذا قراره ومسؤوليته ونريد رئيسا يمثل الشراكة الفعلية.
عشية عيد العمال في الواحد من ايار معايدات سياسية ونقابية، فيما عمال لبنان يعانون من تبعات الازمة المالية التي ضربت عيشهم الكريم في الصميم وليس بعيدا عن هموم المواطنين تترقب الاسواق تبعات رفع الدولار الجمركي من 60 ألف ليرة إلى 90 ألف ليرة، وصولا إلى ربطه بمنصة صيرفة بدءا من الغد، وان كانت الأصناف الأساسية مثل الأرز والسكر والحبوب معفية من الجمارك أصلا يبقى التخوف قائما من استغلال التجار ورفع أسعارها بظل انعدام الرقابة.
قضية النازحين السوريين لا تزال تتفاعل، رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي زار قضاء جزين اكد ان غالبية دول اوروبا تعمل على ابقاء النازحين السوريين في لبنان ودمجهم بالشعب وهذه جريمة.
لا جديد في ملف الإستحقاق الرئاسي يمكن البناء عليه سلبا أو إيجابا والمراوحة الحاصلة في هذا الشان تواكبها كثافة في التحليلات والتكهنات وضآلة في المعطيات الحاسمة. وتبدو الأمور معلقة في جانب منها على العودة المرتقبة للسفيرالسعودي إلى بيروت وذلك غداة الزيارة التي قام بها كبير مستشاري الرئيس الفرنسي باتريك دوريل للرياض وهي الزيارة التي تبلغ الرئيس نبيه بري على إثرها من الفرنسيين بأن أجواء المملكلة إيجابية تجاه المرشح الجدي سليمان فرنجيه.
وعليه فإن الموقف الخارجي يبدو مطمئنا لكن المشكلة تكمن في توتر بعض الخطاب الداخلي الذي لا يبشر بالخير. وكأن هذا البعض لا ينتبه إلى الدرك الذي وصلت إليه الأوضاع في لبنان وجديده ما أعلنه البنك الدولي عن تسجيل بلاد الأرز أعلى نسبة تضخم في أسعار الغذاء بلغت 260 بالمئة وبفارق مضاعف عن زيمبابوي التي حلت في المرتبة الثانية.
كما أن هذا البعض لا ينتبه إلى تقرير السعادة العالمية الذي ألقى بلبنان في المرتبة الأخيرة عربيا مقابل الإمارات التي احتلت المرتبة الأولى.
في موضوع النازحين السوريين الذي تقدم هذا الأسبوع إلى واجهة المشهد المحلي ينتظر المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري الذي زار دمشق الحصول على الداتا المتعلقة بهم من مفوضية اللاجئين مطلع الأسبوع المقبل إذا أوفت المفوضية بوعدها.
إقليميا تتواصل فصول الإنفتاح الحاصل على مستوى الدول العربية والإسلامية.
وفي هذا الإطار تستضيف عمان غدا إجتماعا لوزراء الخارجية السعودي والأردني والعراقي والمصري مع نظيرهم السوري. ويأتي الإجتماع عشية زيارة الرئيس الإيراني لدمشق والتي تأكد حصولها الأربعاء المقبل وذلك على إيقاع التقارب المتسارع بين الرياض وطهران.
ولعل أحدث نتائج هذا التقارب تأمين السعودية إجلاء عشرات الإيرانيين من السودان عبر جدة حيث أحيطوا برعاية كبيرة وإفراط في حفاوة الإستقبال.
بعد لقاءات وزير الخارجية الايراني الاسبوع الفائت في بيروت، من المفترض أن يكون السياسيون قد فهموا أن لا فائدة من إنتظار إسم رئيس للجمهورية يأتي عبر كلمة سر ما.
ولنكن واقعيين أكثر، فإن إيران وما يمكن تسميتها بالدول الخمس المعنية بلبنان، أي الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر وقطر، وضعت شروطها ورمت مسؤولية التوافق على إسم الرئيس عند اللبنانيين.
على هذا الأساس: لا إنتخابات رئاسية قريبة. فرئاسة الجمهورية في أسفل إهتمامات هذه الدول، التي تضع مصالحاتها قبل أي إعتبار آخر، من المصالحة الايرانية السعودية، الى المصالحة العربية السورية.
على هذه الجبهة تتسارع التطورات. فبعد أقل من شهر على عقد أول إجتماع خليجي عربي في السعودية، يعود المجتمعون الى الاردن غدا بحضور مختلف، إذ تتغيب قطر، الرافضة لمبدأ تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس بشار الاسد، وتحضر سوريا بشخص وزير خارجيتها. فماذا سيحمل فيصل المقداد من أجوبة على شروط المبادرة الاردنية، أكانت من حيث إستيعاب المعارضة في الحياة السياسية، أو من حيث السماح بوصول المساعدات الى الاراضي السورية كافة، وصولا الى تهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين السوريين وهو مطلب تشدد عليه السعودية؟
في هذه النقطة بالذات، سيكون لبنان حاضرا. فعلى أراضيه يقيم أكثر من مليونين وثمانين الف نازح سوري بحسب المدير العام للامن العام السابق اللواء عباس إبرهيم، فيما كشفت ال unhcr للمدير العام للامن العام بالوكالة العميد الياس البيسري لأول مرة أنها سجلت ما قبل ال2015 وما بعد طلب لبنان منها وقف التسجيل، ما يقارب المليون وخمسمئة الف نازح سوري، ما يرفع الرقم الذي كانت تتمسك فيه بحوالى 700 الف نازح.
فماذا في تفاصيل أرقام النزوح، وما هي الخطة العملانية التي وضعها الامن العام لحل أزمة إنسانية، تؤثر على اللبنانيين والسوريين، لا سيما وانه في معلومات خاصة بالمؤسسة اللبنانية للارسال، فإن إجتماع اللواء البيسري وممثلي ال unhcr خلص الى ما مفاده :أن لبنان حريص على حقوق الانسان، ولن يعيد أي مطلوب بالقوة الى سوريا، وإنما من حقه تطبيق القانون على المخالفين، وهو يطالب بالداتا ليبنى على الشيء مقتضاه، مع تعهده بعدم تسريبها الى أي جهة في لبنان أو خارجه.
في إنتظار الداتا الدقيقة، يشهد الاسبوع المقبل خطوات عملانية في ملف النزوح. أما اليوم، فالأولوية للامل، الامل بأن يقترب منتخب الارز في كرة السلة من تحقيق المستحيل في كأس العالم.
خلاصة المشهد اللبناني: ترقب لخرق خارجي صعب في حائط داخلي مسدود. ففي ضوء تمترس الافرقاء خلف مواقفهم من الاستحقاق الرئاسي وتعطيلهم كل سبل النهوض، لا مناص من التعويل على حركة الموفدين من كل اتجاه، عساها تحرك شيئا من ضمير قد يكون تبقى لدى منظومة لم تعد تشبع من هضم حقوق الناس.
اما خلاصة المشهد الجزيني، فعونية بامتياز، في يوم ميزته زيارة الرئيس العماد ميشال عون الى عرينه، والنائب جبران باسيل الى ارض التيار… عروس الشلال، وقلعة الجنوب، ورمز الصمود، ومقلع الوطنية، ومعقل الأمل، وعنوان الكرامة، وعلم لبنان الرسالة، الاكثر من بلد…
خلاصة موقف الجنرال: وجهوا اعتراضكم وتظاهراتكم في ملف النزوح حيث يجب أن تكون، اي ضد كل من يساهم بعرقلة عودة النازحين الى وطنهم ويسعى لإبقائهم في وطننا وعلى أرضنا.
وخلاصة موقف رئيس التيار: نحن نريد رئيس جمهورية يمثل طموح اللبنانيين في بناء الدولة، ونضالنا للشراكة في حكم متوازن…ولن نغطي اي كسر لارادة اللبنانيين ولا اي تهميش لارادة المسيحيين.
أيها اللبنانيون أبشروا، فبلدكم تفوق على كل دول العالم، سلبيا طبعا، بتسجيله أعلى نسبة تضخم في أسعار الغذاء. آخر تقرير للبنك الدولي عن الأمن الغذائي في العالم يشير إلى أن نسبة التضخم في أسعار الغذاء في لبنان إرتفعت في سنة بنسبة واحد وسبعين في المئة، فيما لم تزد النسبة في زيمبابوي إلا أربعين في المئة، وفي رواندا إثنان وثلاثون في المئة. فشكرا من القلب إلى جميع المسؤولين عندنا: حكومة ومجلس نواب ومؤسسات، فالجميع شاركوا في هذا الإنجاز السلبي العظيم، ولا سيما أن البنك الدولي أكد أن عدم القيام بإصلاحات جذرية هو من الأسباب الرئيسية لما وصلنا إليه، ولما يمكن أن نصل إليه مستقبلا ! وكيف لا “يتدركب” لبنان نزولا وهو بلا رئيس منذ نصف سنة تماما بالتمام والكمال، ولا يبدو أنه سيكون له رئيس جديد في القريب العاجل. في هذا الوقت تتواصل المعارك السياسية حول الرئيس العتيد، وآخر فصولها ما أعلنه النائب جبران باسيل من جزين، حيث انتقد سليمان فرنجية بقسوة من دون أن يسميه. إذ طلب ممن يهدد بمعادلة أنا أو الفوضى أن يتعلم من الماضي، ولا يتصرف بدونية ولا يقبل بأي تسوية، فقط لأنها تأتي به رئيسا ولو على حساب بيئته ومجتمعه ووطنه.
الموقف الباسيلي الجديد- القديم يؤكد ان لا تغير في موقف التيار الوطني الحر من ترشح فرنجية، وبالتالي فان رئيس تيار المردة لا يزال عالقا بين لاءين كبيرين: لا القوى المسيحية الاساسية من تيار وقوات وكتائب، ولا القوى الاقليمية والدولية المؤثرة حقا في الاستحقاق الرئاسي، وفي طليعتها السعودية والولايات المتحدة الاميركية. وفي الاطار الاميركي تؤكد معلومات واردة من واشنطن ان الادارة الاميركية، وبعكس ما تحاول فرنسا تسويقه اعلاميا، ليست في وارد تأييد المسعى الفرنسي الهادف الى ابرام تسوية تأتي بفرنجية رئيسا للجمهورية وبنواف سلام رئيسا للحكومة. ذاك ان واشنطن تعتبر ان الاستحقاق الرئاسي يجب ان يأتي بشخص كفوء ونزيه وحيادي ومن خارج المنظومة الحاكمة، وذلك ليتمكن من بدء عملية الاصلاح الشامل التي يحتاجها لبنان. اقليميا، تشهد العاصمة الاردنية غدا اجتماعا مهما حول سوريا يشارك فيه وزراء خارجية الاردن والسعودية والعراق ومصر اضافة طبعا الى وزير خارجية سوريا. ووفق البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية الاردنية فان الهدف من الاجتماع هو البحث في مبادرة اردنية للتوصل الى حل سياسي للازمة السورية. فهل ينضج الحل المذكور قبل موعد القمة العربية في التاسع عشر من ايار، بحيث تشهد قمة الرياض عودة دمشق الى جامعة الدول العربية؟
سكون رئاسي في بيروت وصخب عوني في جزين مع اطلاق منصة مواقف لرئيس التيار جبران باسيل بمؤازرة من الرئيس ميشال عون الذي ارتاح للمكاشفة في مسقط الرأس. وفي كلام لا يحتاج الى تحليل كان عون يؤكد على فرع آخر من معادلة “ما خلونا” ويكشف عن سبب دخول النازحين السوريين إلى لبنان، اذ قال إن هناك دولا كانت خلف ذلك وضغطت علينا للإتيان بهم. اما كيف واجه عون هذا الضغط فقال: لقد نبهت وطرحت اسئلة على إحدى السفيرات لكنا ادركنا مؤخرا أن اللعبة كبيرة، وهي مؤامرة على لبنان، نبهت سألت وغضبت وتسايرت مع سفيرة غربية.. تلك هي الحلول التي اعتمدها ميشال عون لرفض النزوح كمسؤول وقائد أعلى للقوات المسلحة وصاحب الفخامة الذي كان عليه ان يستخدم صلاحيته في رفض المؤامرة التي كانت تدبر للبلاد، والساكت عن المؤامرة يعتبر في العرف القانوني شريكا فيها.
وعلى ازمة النزوح صعد باسيل كجرس انذار نبه الى هذا الخطر ومنه شن هجوما على كل ما تطاله يده من سليمان فرنجية الى حزب الله فالقوات وصولا الى المصروفين من التيار وعلى راسهم زياد اسود، وهو الجزيني الوحيد الذي رد على جبران باسيل بالحجم الطبيعي وقال “ما بتحرز نضيع وقت على تافه وزغير”. وردا على تصريحات ومواقف لمسؤولين من حزب الله خيروا فيها الرئاسة بين فرنجية او الفراغ والفوضى، قال باسيل: ما حدا يهددنا بمعادلة “انا او الفوضى”، ويعتقد انه بيقدر يفرضها لكن باسيل الذي يهدد ويرفض هو نفسه اعطى إذن مرور لنائب رئيس مجلس النواب الياس ابو صعب للتحرك في مبادرة رئاسية ادعى انها “من بنات افكاره” ويستكملها على المرجيعات وبينها رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط والبطريرك الراعي. وفيما تحيط بالمبادرة عوامل الغموض والتكتم فإنها في مضامينها لا تبعتد عن خيارين لباسيل: الاول البحث عن مكاسب للالتحاق بخيار فرنجية مع الاحتفاظ بمزايا كان يتمتع بها جبران على زمن عمه، والثانية هي التهديد بالتوجه معرابا والاسترزاق السياسي من بوابة سمير جعجع، لكن على جبهة القوات فإن جعجع قد اختبر باسيل سابقا و”إسأل حكيم” وعلى هذا المعدل الضبابي في سوق النخاسة الرئاسية فإن الجميع ينتظر عودة السفير السعودي وليد البخاري الى بيروت. فإما ان تعرف الاتجاهات السياسية من تغريداته ام ان هذه التغريدات ستراكم الغموض، ليبقى على اللبنانيين انتظار الحجيج السياسي الى السعودية قبل القمة العربية في التاسع عشر من أيار.
بين أزمة اضرابات عمالية غير مسبوقة ، ومعضلة نزوح غير منظورة لافق الحل، يطل عيد العمال على اللبنانيين. فمع بداية أيار، تبدأ مفاعيل الزيادة على الرواتب التي أقرتها الحكومة مؤخرا لموظفي القطاع العام ، زيادة لا يبدو أنها كافية لاعادتهم جميعا مع تسجيل انقسام بين الموظفين، فرابطتهم تقول انها مستمرة في الاضراب حتى تأمين “مقطوعة” تمكنهم من الحضور الى مراكز عملهم.
أما عن مراكز القرار في تحويل النزوح الى أزمة تستنزف البلد المنهك أصلا، فقد أشار الرئيس ميشال عون بوضوح الى اوروبا التي لا تريد لهؤلاء العودة الى بلدهم. الرئيس عون أكد من مدينة جزين أن الغرب يرتكب جريمة بالعمل على دمج النازحين مشيرا الى انه لا نية رسمية سورية لابقائهم في لبنان.
وعلى طريق المعاناة اللبنانية، يسير السودان. تحذيرات من أزمة نزوح تغرق الدول المجاورة غير القادرة على تحمل هذه الاعباء. فالاوضاع الانسانية في تدهور مستمر مع سيطرة لغة الرصاص والمدافع، فعداد الهدن يسجل حتى الان سقوط الخامسة منها منذ اندلاع الصراع برغم المساعي الافريقية للتهدئة بين الجيش وقوات التدخل السريع.
سريعا وقبل حصولها علق الاعلام الصهيوني على زيارة الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي الى سوريا يوم الاربعاء القادم، واعتبرها استثنائية جدا يجب أن تقلق اسرائيل وخصوصا انها الزيارة الاولى لرئيس ايراني الى دمشق منذ العام 2011 اي منذ بداية الحرب. وقال القناة الثالثة عشرة الصهيونية ان الرئيس الايراني وبالاضافة الى مروحة لقاءاته الواسعة وخاصة مع الرئيس بشار الاسد ، فانه وفي سياق خارج البروتوكول سوف يزور الميدان بحسب اعلام العدو.