كتبت راجانا حمية في “الأخبار”: ليست المرة الأولى التي ينقطع فيها دواء «الأنسولين» عن مرضى السكري، إلا أن هذه المرة قد تكون الأصعب مع التداعيات التي يتسبّب بها هذا الاختفاء «المزمن»، إذ تتعالى اليوم صرخات أطباء الغدد الصمّاء والسكري إزاء تدهور أحوال مرضاهم المنقطعين عن تناول الأنسولين. وفي أول تلك التداعيات، شكوى عدد من الأطباء لدى نقابة أطباء لبنان في طرابلس عن وصول بعض المرضى إلى العيادات في حال الطوارئ «مع تخطي نسبة السكر في الدم لديهم ما بين 400 و500»، يقول سليم أبي صالح عضو مجلس نقابة الأطباء في الشمال. يحدث ذلك منذ ما يقرب الأسبوع، وفي كلّ يوم تتوسّع الأزمة أكثر، تكبر لائحة الأطباء المشتكين، وهو ما دفع بالنقابة إلى التواصل مع وزارة الصحة العامة للعمل على إيجاد بعض الحلول، ولو مؤقّتاً للمرضى.
لكن حتى هذه اللحظة، لا أخبار عن إبر الأنسولين. ولهذا السبب، تحرّكت النقابة «على الأرض»، يقول نقيب الأطباء في الشمال، الدكتور محمد صافي، في محاولة لاستطلاع الوضع، حيث كانت النتيجة «مخيّبة للآمال». فعلى الرغم من الانقطاع في معظم الأدوية، إلا أن الحصة الكبرت كانت لإبر الأنسولين، إذ يشير صافي إلى أن غالبية الصيدليات «إما لا تملك الإبر وهي النسبة الكبرى، أو أنها تملكها بنسبٍ قليلة ولا تعطيها لكل المرضى». ويضاف إلى هذا الأمر «عدم وجود هذه الإبر في مراكز الرعاية الصحية الأولية». بعيداً عن استطلاعات «الأرض»، تشير مصادر في النقابة إلى أن «بعض الصيدليات تعمد إلى إخفاء هذه الإبر التي تصل بكميات قليلة، فإما تعطيها لزبائن محددين، أو تنتظر لبيعها بسعرٍ أغلى في ظلّ حاجة المرضى إليها».
لا تقتصر أزمة الأنسولين على طرابلس، بل يمكن تعميمها على كلّ المناطق اللبنانية، ولكن ما يميّز عاصمة الشمال أنها «تُعامل معاملة مناطق الأطراف في ما يخصّ التوزيع»، تقول مصادر النقابة، ولذلك كانت الأزمة أكثر بروزاً. أما في المجمل، فتعدّ إبر الأنسولين أحد أبرز أصناف الأدوية التي لم تتخلص من مشكلة الانقطاع. فمع إقرار الدعم على الأدوية، أُلحقت الإبر بالآلية وباتت مدعومة بالكامل، إلا أن هذا «الامتياز» لم يؤدّ إلى توفرها، فبدأت المطالبات بإيجاد بعض الحلول، إلى أن قامت وزارة الصحة العامة برفع الدعم الجزئي عنها، حيث بات نصفها مدعوماً والآخر خارج الدعم. ولكن ذلك لم يغيّر في الأمر شيئاً. ووفق صافي «تقدّمت في الآونة الأخيرة بهويات ووصفات طبية لأربعة مرضى إلى الصيدلية لتحويلها إلى الشركة من أجل تأمين الدواء، وقد استطعت الحصول على دواء واحد من أصل أربعة».
تعيد هذه الأزمة فتح النقاش مجدداً حول جدوى آلية الدعم، وخصوصاً بعد تعثّرها في الآونة الأخيرة في ظلّ شحّ أموال الدعم من المصرف المركزي. وهو ما تستغله الشركات المستوردة للأدوية حيث تعتمد طريقين في التعاطي مع الأدوية التي لا تزال مدعومة، «يعمد البعض منها إلى التخلص من تلك الأدوية وعدم تقديم ملفات بها إلى المركزي طالما أنها لا تأتي بسهولة، ويتعمّد البعض الآخر استيرادها وتوزيع جزءٍ منها بنسب قليلة وتخزين الباقي وهو ما يحدث في إبر الأنسولين».