/ خلود شحادة /
تقدمت فكرة الحوار، التي طرحها الرئيس نبيه بري، خطوات، قبل أن تنصب لها “القوات اللبنانية” حاجزاً، بينما بدا أن باقي القوى السياسية إمّا أنها تتهيّب تعطيل الحوار وبالتالي تحمل تداعيات هذا التعطيل، وإمّا أنها تلقت ايحاءً خارجياً، دفعها نحو إعادة النظر بقرارها التجاوب مع دعوة رئيس المجلس النيابي، أو أنها استشعرت ملامح تسوية آتية.
وفق هذه المعطيات المستجدة، فان جلسة الخميس، التي تحمل الرقم 10، يصعب أن تتحوّل إلى جلسة حوار، وبالتالي سيضرب الرئيس نبيه بري بمطرقته، لافتتاح جلسة جديدة غير منتجة، لانتخاب رئيس جمهورية.
وفق ذلك، تتصاعد المخاوف من أن تتدحرج كرة الخلافات إلى الشارع، طالما أن الحوار الذي طرحه بري كان يهدف لمنع انزلاق الحوار إلى الشارع!
“بري يغوص في العمق بينما هم يسبحون على السطح”، يقول مصدر نيابي لموقع “الجريدة”، في إشارة منه إلى إدراك بري عمق الأزمة اليوم، واستشرافه لنتائجها إذا ما تلاقى المتخاصمون على طاولة الحل.
ويؤكد المصدر، أن لا “فيتو” على أي من الأسماء التي طرحت، أو ستطرح لموقع رئيس الجمهورية، ولكن شرط بري الوحيد أن يكون رئيساً لكل اللبنانيين، يجمع ولا يفرق بينهم.
يلاقي “حزب الله” بري في الدعوة، وهو الذي يتفق مع رئيس المجلس في عدم تسمية فرنجية رسمياً، أو طرح أي اسم آخر، لعدم استفزاز الشارع المسيحي.
على الضفة المقابلة، فريق سياسي كان يرفض فكرة الحوار رفضاً قاطعاً، لكن “شيئاً ما” تغيّر، ودفع أطراف هذا الفريق إلى تغيير في الموقف، قد يكون تكتيكياً، وقد يكون عن قناعة، خصوصاً بعدما لمسوا أن الاشتباك الحاصل اليوم، ليس اشتباكاً سياسياً وحسب، بل انه قد اتّخذ بُعداً طائفياً، ثمة مخاوف من انسحابه إلى الشارع، ليصبح اشتباكاً اسلامياً ـ مسيحياً.
يخلق تعطّل الحوار هاجساً لدى الأطراف السياسية من خطر التفلت الأمني، مما يؤدي إلى مسارات مختلفة في الاستحقاق الرئاسي.
أبرز المسارات المطروحة، في حال التفلّت الأمني، هو ارتفاع أسهم قائد الجيش العماد جوزاف عون كخيار الضرورة للرئاسة أكثر مما هو خيار سياسي. وهذا ما تنبّه إليه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي رفض هذا الخيار، معتبراً أن المرحلة ليست أمنية وانّما اقتصادية – مالية، مما أوحى أن خيار باسيل للرئاسة، يتجه نحو شخصية بهوية مالية ـ اقتصادية، خصوصاً أن باسيل يدرك مفاتيح القوة لدى قائد الجيش الذي يستطيع خرق الحظر المفروض على المرشحين الحاليين، فضلاً عن أن طرح اسمه سيفتح المسارات التالية:
ـ التيار الوطني الحر، يخسر قدرته على حظر عملية الانتخاب، لما لقائد الجيش من حضور قوي في الوجدان المسيحي، مما سيحرج التيار أمام شارعه البرتقالي والمسيحي.
ـ سيؤدي طرح اسم قائد الجيش الى انقسام تكتل لبنان القوي بين مؤيد لانتخاب عون وملتزم بقرار التيار.
ـ عون سيحظى بموافقة “القوات اللبنانية”.
ـ لن يكون التمثيل السني، المرتبك حالياً في المجلس النيابي، بعيداً عن تأييد خيار قائد الجيش.
ـ الرئيس بري وحركة “أمل”، في الحدّ الأدنى لن يكونوا في ضفة معارضة خيار انتخاب قائد الجيش.
ـ “حزب الله” قد يكون أكثر الأطراف ارتباكاً في التعامل، إلّا إذا كان اختيار قائد الجيش من ضمن سلّة تفاهم واتفاق سياسي داخلي، ومع العماد جوزاف عون نفسه، وخارجه. ما يعطي الحزب اطمئناناً للسير بانتخاب قائد الجيش.
في الوقت الراهن، باسيل يرفع الـ”فيتو” في وجه قائد الجيش، وهو ما يخلط الأوراق والحسابات، وينقل إنتخابات الرئاسة إلى “لائحة الصف الثاني”. ما يعني أن بورصة الترشيحات ستشهد دفعة جديدة من الأسماء في المرحلة المقبلة.
بين هذا السيناريو وذاك، تدحرجت كرة الحوار نحو ساحة النجمة، فإذا بحاجز يمنعها من هزّ شباك المراوحة.