الجمعة, ديسمبر 5, 2025
spot_img
spot_img
spot_img
الرئيسيةسياسةعلي حسن خليل في طهران.. ونقاط كثيرة "على السطر"!

علي حسن خليل في طهران.. ونقاط كثيرة “على السطر”!

spot_img
spot_img
spot_img
spot_img

| جورج علم |

أحيطت زيارة النائب علي حسن خليل إلى طهران، بإهتمام إيراني لافت. إستقبالات على مستويات رفيعة. إهتمام مميّز ملأ الفضاء الإعلامي في طهران، وتصريحات عقب المحادثات تناولت عناوين عريضة.

كلّ هذا مهمّ. لكن الأهم:

  • إن الزائر هو المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، الرئيس نبيه برّي، وكلّ الحفاوة والإهتمام هو للرمزيّة السياسيّة التي تحتلّ مكانة رفيعة من الإحترام لدى القيادة الإيرانيّة.
  • تأتي الزيارة بعد البيان الشهير لقيادة “حزب الله”، والموجّه إلى كلّ من رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، ورئيس المجلس النيابي نيه برّي، ورئيس الحكومة نواف سلام. وقد أثار تساؤلات كثيرة في الوسط السياسي اللبناني، حول صحّة العلاقة ما بين “الحركة” و”الحزب”.
  • تأتي الزيارة بعد إعتماد رئيس الجمهوريّة جوزاف عون خيار التفاوض مع “إسرائيل”، ورفض الحزب القاطع لأي مسار تفاوضيّ.
  • تأتي الزيارة بعض إعلان كبار حرّاس النظام الإيراني الإستعداد الرسمي للتفاوض مع واشنطن من موقع الإحترام المتبادل، وإعلان وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي، إستعداد مسقط لإحتضان حوار بين الطرفين.

ويبقى السؤال: كيف يرفض “حزب الله” أي نوع من التفاوض مع “إسرائيل”، فيما يعلن النظام الإيراني إستعداده للمفاوضات مع “الشيطان الأكبر”؟!

الجواب برسم “الحزب”.

لكن المفارقات لا تبدأ ولا تنتهي هنا، هناك تباين حول الأولويات ما بين الحركة والحزب، لا تظهر إلى العلن بشكل إستفزازي نافر، حرصاً على وحدة الصف الشيعي، خصوصاً في ظلّ التطورات المصيريّة التي تداهم الكيان.

– ان إحتلال إسم الرئيس بريّ مساحة في البيان الشهير “للحزب”، يعني أن وراء الأكمة ما وراءها، و”الأخ الأكبر” الذي يفاوض بإسم “الحزب”، ونيابة عنه، أصبح في موقع مختلف.

– إن أولويّة الرئيس برّي هي إعمار ما تهدّم في الجنوب والبقاع، وسائر المناطق، فيما أولويّة الحزب هي السلاح، ورفض كل المساعي الرامية إلى وضعه في عهدة الدولة، والمؤسسات الرسميّة المختصّة.

لقد إستقبلت دارة المصيلح مؤخراً مؤتمراً جامعا لإطلاق ورشة الإعمار في الجنوب. ويتحرّك وزير حركة “أمل”، الوزير ياسين جابر، بصفته وزيراً للماليّة، في كل إتجاه لتوفير مناهل التمويل، في حين أن الحزب يحمّل الدولة مسؤوليّة الإعمار، ويكتفي بتوزيع الإملاءات في كلّ إتجاه.

يقول وفد وزارة الخزانة الأميركيّة الذي زار بيروت مؤخراً، إن مليار دولار قد دخلت إلى جيب الحزب في العام ( 2025)، فيما يقول وفد صندوق النقد الدولي بأن لبنان بحاجة إلى 14 مليار دولار، لإعادة بناء ما تهدّم. وما بين رقم المليار، والـ14 مليار، فرق شاسع، وهوّة عظيمة. كيف يمكن ردمها؟

هذا هو السؤال ـ التحدّي، برسم “الحزب” و”الحركة”، والحكومة. والذي لا جواب عليه لغاية الساعة.

وفيما كان الإعلام لا يزال يسلّط أضواءه الكاشفة على زيارة الخليل إلى طهران، ملأ الحائط الخرساني الذي تبنيه “إسرائيل” في الجنوب الفضاء الإعلامي، بعد تأكيد قيادة قوات الطوارىء الدوليّة “اليونيفيل” على إقتطاع حوالي 4000 متر مربع من الأراضي اللبنانيّة.

يحمّل “الحزب”، الدولة، المسؤوليّة والتبعات. وهذا منطق من الناحية المبدئيّة. لكن هل ساعد الحزب الدولة، لكي تكون دولة، وتضطلع بمسؤولياتها، أم أنه يحاول ذرّ الرماد في العيون للحفاظ على سلاحه، وعلاقاته الوطيدة مع الحليف الإقليمي؟!

ويجب الإقرار:

إن البيئة الجامعة في بوتقة وطنيّة واحدة، أصبحت تعاني من نقص في المانعة.

وما بين الخطاب الشعبوي المتداول، والمستجدات التي تفرض نفسها على أرض الواقع، هوّة عظيمة.

هناك حالة من الإنفصام في الشخصيّة الوطنيّة لا يمكن تجاهلها، أو التنكر لها.

هناك “لبنانات” بدأت ترسّخ أقدامها في تراب لبنان الواحد. هناك فوارق بدأت تغزو المناطق، وتصبغ كل منطقة بصبغة ثقافيّة إجتماعيّة لها تقاليدها، وخصوصياتها، في ظلّ دولة تبحر بمركب مثقوب القعر، وسط أنواء عاتية، ولا تملك شراعاً، أو مجذاف.

لقد استباح اللبنانيّون أرضهم، وكرامتهم، ومقومات وحدتهم، وصمودهم، قبل أن يستبيحها الإسرائيلي، والإيراني، والأميركي، وأيّ دخيل آخر.

ومن حقّ الشيخ نعيم قاسم أن يذكّر اللبنانيين، والرأي العام العربي والدولي، بسرديته حول السلاح، والمقاومة، وقدسيّة الشهادة، وبطولات الشهداء، والإستمرار في مواجهة العدو الإسرائيلي، و”البلطجة” الأميركيّة… لكن من واجبه أيضاً، أن يقرّ ويعترف بأن تحت هذا السقف من الشعارات، هناك جنوب مدمّر، وأرض محروقة، ومواطن فقد منزله، وبستانه، وموارد رزقه، وقوت يومه. هناك جنوب آخر، ومناخ آخر، وأرض مسلوخة، ومساحات أخرى معرّضة للإستباحة، لا يمكن أن تحميها سياسة الإنكار!

ومن حقّ الآخرين المجاهرة بمواقفهم من “الحزب” ومقاومته، وما جرّ سلاحه على لبنان واللبنانيّين من نوائب ومصائب، وضعت الـ10452 كيلومتراً مربعاً على رقعة المصير المجهول ما بين الإسرائيلي المفترس، والأميركي المتغطرس، والإيراني المتمترس.

ولكن من واجبهم ـ “الآخرين” ـ أيضاً الإقرار، والإعتراف، بأنهم، على مدى كل تلك العقود من السنوات، لم يبنوا الدولة القويّة القادرة والعادلة، لأن لا مصلحة لهم في بنائها، كونها ستكون على حساب منافعهم، ومصالحهم، والنفوذ داخل إقطاعياتهم.

عليهم أن يقرّوا ويعترفوا ببنائهم أهرامات الفاسد داخل مؤسسات الدولة، وعلى حساب شرايين مواردها.

عليهم أن يقروّا بأن غالبيتهم سرقت أموال المودعين، وأطاحت بالنظام المالي ـ المصرفي، وافتعلت الأزمات الإقتصاديّة، والإجتماعيّة، والمعيشيّة، والصحيّة، والتربويّة المتناسلة، وهجّرت شباب لبنان، وزرعت في نفسيته شكوكاً حول صحة الولاء والإنتماء. وبعد كل هذه البشاعات يتقاذفون اليوم كرة المواقف حول قانون الإنتخاب. يريدون من الشعب الذي نهبوا أمواله، وأّذلّوه، وأفقروه، وجوّعوه، أن يعيد إنتخابهم، كي يبقى لبنان مزرعة يتقاسمونها بكياسة وسلاسة، وكأن لا قيامة تقوم من دون أفضالهم وفضائلهم!

والوقاحة التي لا تتفوّق عليها أيّ وقاحة أخرى، أنهم يوظّفون الإغتراب لخدمة محاصصاتهم، ومصالحهم الفئويّة الضيّقة، وهم الذين إتفقوا، وتوافقوا، وحرصوا على أن يتحوّل النزف إلى شلاّل هادر يقذف بشابات وشباب لبنان إلى المهاجر بحثاً عن لقمة عيش، حياة كريمة.

والمضحك المبكي، أن قرقعتهم حول السلاح المتفلّت، وضرورة حصره بيد الدولة، لا تنطلق من خلفيّة الرغبة في بناء مؤسساتها القويّة القادرة على المحاسبة. لا يريدون دولة يوجد لديها مؤسسات تحاسب. وهل شهد اللبنانيّون منذ الإستقلال، لغاية اليوم “ساركوزي لبناني” واحد وراء القضبان، رهن المحاسبة؟!

لقد رفعت السريّة المصرفيّة بقانون. وأصبحت كلّ أسماء المتورطين بعهدة المؤسسات الرسميّة المختصّة، ولكن لغاية الآن ـ وبإستثناء رياض سلامة ـ لم يرَ اللبنانيون واحداً من الذين نهبوا “فلس الأرملة” ماثلاً أمام قوس العدالة! ومع ذلك يريدون الإنتخابات. ويريدون من اللبنانيّين أن يجدّدوا لهم المبايعة، حرصاً على المستقبل والمصير!

ووسط هذه البيئة الرخوة، الفاسدة، الطافحة بالتباينات، والشراهات، يمكن أن نرى عدوّاً إسرائيليّاً يبني حائطاً خرسانيّاً داخل الأراضي. ورئيساً يشتكي لدى هيئة الأمم، وما من مجيب.. وحزباً أخذ لبنان عن بكرة أبيه إلى حروب الإسناد، وعاد به مضرّجاً، منكوباً معرّضاً لشتى المؤامرات. وبيئة خصبة تتعامل مع لبنان الكيان وكأنه مجرّد سهم متداول في بورصة مصالحها!

يبقى السؤال: هل الخطر على المصير: خارجي، إسرائيلي ـ أميركي ـ إيراني، أم من الأبناء الأشاوس الذين تركوا أمهم – (الوطن) – تحتضر عند باب المقبرة؟!

للانضمام إلى مجموعة “الجريدة” على “واتساب” إضغط على الرابط

https://chat.whatsapp.com/KcTcdtSlZ5a0SaZPTZsoiV?mode=ems_cop

spot_img
spot_img
spot_img

شريط الأحداث

مقالات ذات صلة
spot_img
spot_img